• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : أحلى القوافي الى بغدادَ أُزجيها .
                          • الكاتب : رزاق عزيز مسلم الحسيني .

أحلى القوافي الى بغدادَ أُزجيها

الى الحبيبةِ بغداد الحضارة والفكر والشعر والأدب التي طال بعادي عنها مكرهاً أهدي اليها من المنفى قصيدتي

 أحلى القوافي الى بغدادَ أُزجيها

                       معَ الطيورِ التي أمّتْ شواطيها

زفّ الغواني بحسنِ اللفظِ مائسة

ريّا الجمالِ إذا تُجلى معانيها

فيها منَ الشوقِ ما يعيا اللسانُ بهِ

                           وَقْدَ المراجلِ للأحشاءِ يُصليها

مهما ابتعدتُ فلا أرضى بها بدلاً

                         لو كانتِ الخلدُ إيناساً وترفيها

كيفَ السلوُّ وقلبي لم يزلْ كلفاً

                        بحبّها لهجاً دهراً يُناجيها؟

جمالُكِ الفذُّ هلْ ما زالَ مؤتلقاً

                       أمْ صفحةً طُويتْ واليومَ نرثيها؟

فيكِ المعالمُ هل ضاعتْ ملامحُها

                       من وجهكِ الحلوِ إِذْ هُدَّتْ مبانيها؟

تلكَ المعالمُ بالأفذاذِ شامخةٌ

                        في مدرجِ المجدِ ضاهتْ مَنْ يُساميها

أينَ النخيلُ على الشطّينِ زاهيةٌ

                         والكوثرُ العذبُ يجري وسْطُها تيها ؟

يضمّها حدباً ويحوطها شغفاً

                        كعاشقٍ كلفٍ بالحبِّ يرويها

أم سورةُ الحقدِ ما أبقتْ سوى وشلٍ

                        على ضفافِكِ تُشجينا ونبكيها

أينَ النوراسُ في شطّيكِ صاخبةٌ

                        بأجملِ اللحنِ والأمواجُ تُغريها؟

أينَ القواربُ كالأحلامِ سابحةٌ

                        في نهركِ العذبِ للأحزانِ تُجليها؟

قد غيّضوا الماءَ في نهريكَ يا وطني

                        كما البساتينِ قد جفّتْ سواقيها

أمستْ بساتينُكِ الغنّاءُ شاكيةٌ

                    حرَّ الظمى والضنى قد ظلَّ يُبريها

تكالبَ الشرُّ مسعوراً يحاربُها

                      دهراً وما برحَ الإرهابُ يُدميها

سلّوا خناجرَ للإجرامِ ظامئةً

                         وأسرفَ الحقدُ في تقتيلِ أهليها

بغدادُ ما صنعتْ كي تُدمى مفاتنها؟

                        اللهُ اللهُ ما أقسى أعاديها!!!

لولا بنو السّحتِ ما ضاعتْ ملامحُها

                           ولا الدّماءُ سُدىً سالتْ بواديها

ولاغدا نجمُها الوضّاءُ مُنكسفاً

                          بكلِّ نازلةٍ تهمي غواديها

رانَ الدخانُ عليها فهي مظلمةٌ

                          والحزنُ واليأسُ زادا في دياجيها

قد لفّها الخوفُ حيرى في مصائبِها

                         تبكي حواضرُها الثكلى بواديها

لولا الأشقاءُ ما ريعتْ مدائنُنا

                        ولا الحدادُ أسىً أضحى يُغطّيها

دارُ السلامِ بها للضيفِ مُنتجعٌ

                        فاضتْ منَ الجودِ والنُّعمى أياديها

الى أزقّتِها بالحبِّ عامرةٌ

                      لكنّما البؤسُ والحرمانُ يُشقيها

في غيهبِ الليلِ يقظى وهي خائفةٌ

                      بكلِّ جائحةٍ حُبلى لياليها

أحلامها لم تزلْ في الأَرْضِ نابتةً

                     تأبى الطلوعَ فلا تجني أمانيها

لا الدمعُ يُنجدُها لا الصبرُ يُسعفها

                    لا الدهرُ ينقذُها مما يعنّيها

الى مآذنها للهِ صادحةٌ

                        فاضتْ جوامعُها علماً وتفقيها

عندي منَ الشعرِ يا بغدادُ أعذبُهُ

                      يشدو بمجدكِ إجلالاً وتنويها

بغدادُ في المجدِ سفرُ كلِّ ملحمةٍ

                    يشدو بها الدّهرُ والتاريخُ يُطريها

قد أجهشَ القلبُ يا بغدادُ من أسفٍ

                    والعينُ داميةٌ سحّتْ جواريها

واستعبرَ الشعرُ حتّى فاضَ قافيةً

                      من شدّةِ الحزنِ قد سالتْ مآقيها

لا تعجبي اليومَ يا بغدادُ من شجني

                       شجو القصائدِ يروي صدق ما فيها

مدادُها الدّمعُ والاضلاعُ ترفدُهُا

                       بذائبِ القلبِ والاشواقُ تُمليها

 

يا دارةَ العزِّ والامجادُ بُردتُها

شمّاءُ هامتُها حمرٌ مواضيها

 

وقصةُ المجدِ لم تُخْتَم مشاهدُها

يملي بها الشعبُ والأيّامُ ترويها

 

شدّي جراحكِ يا بغدادُ واصطبري

فشعبُكِ الحرُّ خيرٌ من يداويها

 

لاتشتكي الجرحَ فالأعداءُ صاخيةٌ

الى أنينكِ كي تُبدي تشفّيها

 

أعداؤكِ الدّونُ بالإقدامِ قد هُزمتْ

في كلِّ مُعتركٍ تكبو مساعيها

 

أيّامُكِ السودُ بالطغيانِ مزّقها

أبناؤكِ الغرُّ واستجلوا غواشيها

 

نضّي ثيابَ الأسى واستظهري فرحاً

وصفحةُ الجورِ من تاريخكِ اطويها

 

ولّى الطغاةُ فعودي خير حاضرةٍ

للفكرِ والشعرِ والأمجادَ إبنيها

 

مرّوا عليها منَ الحكّام أظلمهم

للسجنِ والقتلِ قد ساقوا محبّيها

 

واستعبدوها وعاثوا في جنائنها

أقسى منَ الموتِ كانوا مستبدّيها

 

جرّوا عليها منَ الويلاتِ أفضعها

فاستفحل الشرُّ واستشرتْ مآسيها

 

عاشتْ سنيناً تعبُّ الجور في غُصصٍ

والكأسُ مترعةٌ في كفِّ ساقيها

 

شرُّ المصائبِ ما فلّتْ عزائمَها

ولا جثتْ خوراً يوماً لواليها

 

ظلّتْ مدى الدّهرِ طوداً لا تُزحزحهُا

هوج الرياحِ إذا هبّتْ عواتيها

 

شتّى الخطوب على أقدامها ركعتْ

فشعبُها اليوم بعدَ اللهِ حاميها

 

بغدادُ فاتنةٌ تزهو محاسنُها

إنشودةَ الدّهرِ والدّنيا تُغنّيها

 

ودوحةُ الشعرِ للأطيارِ مُنتجعٌ

هل يُطربُ الشدوّ إلا في نواديها؟

 

بغدادُ تبقى بثوب العزِّ رافلةً

أمجادُها الغرّ تحكي عزَّ ماضيها

 

رغمَ الجراحاتِ تبقى الدهرَ عاصمةً

للشعرٍ والفنِ والآدابِ ت

 

بغدادُ لا تنحني خوفاً لظالمها

فرايةُ العزّ رفّتْ في روابيها

 

قد أسفرَ الصبحُ بألانوارِ منبلجاً

والشعبُ في فرحٍ يُحيِّ لياليها

 

أذكى بيَ الشوقُ بغدادَ الهوى حُرقاً

منْ لي بدجلةَ للنيرانِ تُطفيها

 

حيِّ على البعدِ منْ أذكت جوانحنا

بأجمل الشعرِ لا زيفاً وتمويها

 

أواهُ يا وطني قد صرتَ لي حُلُماً

فيكَ السفينةُ هل تلقي مراسيها؟

 

أبكيكَ يا قلبُ أم أشكوكَ ياوطني؟

أذابَكَ الشوقُ والشكوى تواريها

 

كأسُ النّوى لم أزلْ كالصّابِ أجرعُها

كرهاً على مضضٍ قسراً أوافيها

 

لا يعرفُ الشوقَ إلا من يُكابدُهُ

ولا المعاناةَ إلا منْ يُقاسيها

 

هذا عتابُكُ آهاتٌ حُرقتُ بها

ندّتْ منَ الجُرحِ والاوجاعُ تُفشيها

 

للشعر شقشقةٌ ضجَّ الفؤادُ بها

في صدريَ اضطرمتْ خجلانَ أُبديها

 

لجَّ التباعدُ واشتدّتْ مواجعُهُ

ولوعةُ الشوقِ نارٌ كيفَ أُخفيها؟

 

أنّى يعودُ الى الأوطانِ مُغتربٌ

وليسَ يملكُ شبراً منْ أراضيها؟

 

أقسى منَ الموتِ انْ نحيا بلا وطنٍ

أوطانُنا الطهرُ بالأرواحٍ نفديها

 

إنْ غرّدَ الطيرُ جاشَ القلبُ مضطرباً

كأنما الشدوُّ للأشواقِ يُذكيها

 

شوقاً لبغدادَ غنّيتُ الهوى طرباً

حتّى انبرى الشدو لحناً منْ أغانيها

 

فبينَ فكّيَّ أطيارٌ مُغردةٌ

مَنْ لي بأجنحةٍ تسعى مساعيها؟

 

ترجو طيورُكِ يا بغدادُ أوبتَها

لكنّما الحالُ عن لُقياكِ تُثنيها

 

حالٌ الى الجورِ والطغيانِ نسبتُها

بلْ شرُّ مهزلةٍ جمٌّ مخازيها

 

يأبى لي المجدُ يوماً أن أُردّدُها

وعزّةُ النفسِ ضاهتْ مَنْ يُدانيها

 

فبينَ جنبيَّ نفسٌ لا يطاولها

نجمُ السَّمَاءِ تعالتْ في مراميها

 

لا أرتضي النجمَ يعلو فوق منزلتي

فعزّتي أولاً والنجمُ ثانيها

 

ما قيمةُ الارضِ فيها المرءُ ممتهنٌ

كالعبدِ يشقى بها والغيرُ يجنيها

 

كرامةُ الارضِ من إكرامِ ساكنها

والارضُ لاترتقي إلا بأهليها

 

قالوا تغرّبْ ففي الاسفارِ فائدةٌ

والحقُّ لمّا أجدْ إلا مساويها

 

أرضُ العراقِ لنا زادٌ ومكرمةٌ

لا يهنأ العيشُ إلا في مغانيها




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=100999
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 08 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16