• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الموروث الحاضر والمؤجل في تشكيلات التشكيلية ندى عسكر الاحمد .
                          • الكاتب : د . حازم عبودي .

الموروث الحاضر والمؤجل في تشكيلات التشكيلية ندى عسكر الاحمد

لقد اكدت اغلب الفترات الحركية سواء كانت على مستوى الفن البصري والتصميم او مستوى التشكيل الفني في عين الناظر وذهنه , في وجود علاقة تبادل مابين اللوحة والنظر , وبذلك اصبح المتلقي شريكا في البناء والحكم مما اوجد بالتالي المتعة اذ لايوجد عمل فني الا في التلقي ومنها الوسائط في اخراج التشكيلات , وبهذا استخدم الفنان وسائل مبتكرة في انتاج اعماله للاثارة والمتعة والدهشة .

لقد عرفت (عسكر )بشمولية منتجها الفني وعلى اكثر من تشكيل , حيث خاضت غمار تجربتها في تنوعات الخط العربي والرسم والخزف , وهذا يؤكد لنا جميعا انها تواكب عصرها وتوجه رسائلها الى العديد من اقرانها انها لازالت تمتلك القدرة والابداع , فهي خلاقة متجددة وراعية للمحافظة على الموروث حينما رسمت بكل انواع الالوان من زيت ومائي وطبشور فوق خامات متنوعة لتؤكد هواجسها انها تحاكي العالم بكل ماأتيت وماتعلمت من لغات ادبية وفنية , فجاءت تشكيلاتها منسجمة وافكارها وموضوعاتها ضرورة لاتتصف بالجمال وحده وانما بجمال روحها البناءة والخلاقة , وبهذا قدمت محاولاتها الناضجة ليس للمكان الذي تنتمي اليه وانما للزمان الذي لاتنتمي اليه ايضا , في تحدي انها ترتبط بماضيها العراقي والحضاري وبحاضرها الاني , لذا هي صاغت لمتلقيها جديدها الذي يتلائم واحترافيتها فانتقلت من زمان لاخر عبر فوبيا الحفاظ على الموروث وارادت ان يستمر ذلك الالم الوجداني المفعم بالخوف في محيط تشكيلاتها , فوظفت مفردات سومرية وبابلية واحالتها الى مستقبل مؤجل ربما يكون بعد سنين , اذ ليس من دواعي خوفها ان تقدم  الجميل بلا خطاب او حتى بلا رسالة , واستحضرت الامس كتعبير ومعطى جمالي لا يؤكد الا جدلية الحفاظ على التراث بعد ان استحضرته منذ 4000 عام خلت .

ولذا من الممكن القول ان (عسكر ) حركت انظمة فنونها التشكيلية لما يظهر قدرتها على المعالجة التقنية ليس على مستوى الموضوع والفكرة بل على مستوى التعبير لتمكننا من الاحساس ببواطنها عبر ظواهر منتجها الفني وبذلك عدت مستويات التعبير لديها ملاحقة للرؤية والصورة الادراكية , فضلا عن ذاتها المشحونة بالكثير من طاقات ايجابية مانحة ايانا مايتوافق وتقبلات الفعل ورد ة الفعل لما تحمله من خصوصية اللحاق بركب الماضي والحاضر , ذلك ان الماضي مفعم بفنون النحت والرسم والفخار , فارادت الوصول لا اللحاق فحسب الى مقتربات التعبير واليات اشتغاله بنائيا ودلاليا , وبالتالي خلقت مدارا ومجالا مغناطيسيا في حقل تواصلي بصري مع المتلقي , عليه ان اغلب الفنانيين التشكليين ومنهم (عسكر ) اخذ ينمق ويجمل لاجل ان يقوض دعامات تقاليده البيئية ويجعلها ظاهرة الى السطح ومحملة بطاقة التعبير والموروث في ضوء الازاحات والتغيرات التي تفاجئه بفعل التقدم التكنولوجي ,مما يبدو جليا انها تعاملت مع كل مااتيح بين يديها وكسرت القيود فرفضت الحواجز المصطنعة بين الفنون واكدت انها تتداخل وتتفاعل ببوتقة واحدة حسب ماجاء لدى (هربرت ريد)" ان الفن الذي تكون محاولاته في التصوير ليست قائمة على وقائع الاشياء كما هي في الطبيعة ولا اي تصور مجرد يستند على الوقائع انها تستند الى الانفعالات الانسانية " وهذا يؤكد ان حقيقة التلقي ومعناه للافكار والثقافات التي اطلت علها (عسكر ) حيث استحضرت الرموز السومرية والبابلية والاشورية وحتى الاسلامية وعمدت الى توظيفها بشكل اشارات سيميولوجية الفت نظمها وفككت شفراتها من اجل ايصال عالمها الكوني بصيغة انفعال وهاجس يدور في فلك العصرنة الحالي , وهنا اجادت في استحضار روح الجوهر والشكل الخارجي في هدف سامي قائلة ان الفلسفة المادية للفنون يأتي من النقل الواقعي للاشياء وحتى في مخيالات النفس , فعزفت على اوتار التجلي للروح الصوفية في لوحات عبرت عن الجوامع والصوامع الدينية ثم انتقلت الى رسم الكنيسة والصليب وخطت الحروفيات المزينة بالالوان والمتمددة على السطوح في نزعة رياضية وهندسية لتؤكد قيم الجمال التعبيري في محاكاته للمثل الافلاطونية العليا من اجل ان تسمو بالنفس وترتقي بها الى عالم الجمال ولاغير الجمال , فاكتسبت رسومها وتصاميمها وخطوطها ائتلافا واتزانا على الرغم من عدم تقيدها باساليب بصرية فحافظت بالتالي على دلالات ثابتة وارتقت بمنتجها الفني نحو مؤجل حاضر ومبرر موضوعي لاينقسم على اثنين , فاضافت الكثير ولازالت تضيف مظاهرها الحسية للاشياء ولازالت تقدم فعالياتها عبر منظومات جمالية موفقة على مستوى الطابع الشخصي في تكريس الفكرة القائلة ان فنونها ترفض التوقف وان منتجها يرفض التحول والشكل ضرب فني ستحاافظ عليه رافضة اللاشكلية والحداثة ومابعدها لان الفن لديها مقدس والتعالي عليه يعني السقوط في المحظور لذا ستستمر بفردانية عالية  لاعلاء الانا ولن تتخلى عن قيم الموروث وارثه .29 حزيران 2017




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=101129
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 08 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29