• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فلسفة النقد بين الهدم وتقديم البديل .
                          • الكاتب : عمار جبار الكعبي .

فلسفة النقد بين الهدم وتقديم البديل

من اولويات التفكير العقلائي هو النقد لما هو كائن للوصول لما يجب ان يكون ، والإنسان بطبيعته مائل للمثالية ، حتى وصفه فلاسفة الإغريق بالكثير من صفات الآلهة ، وقالوا انه في طريقه نحو الكمال بدافع الغريزة الفطرية حتى يكون احد الآلهة ، وبعيدا ً عن موضوعة التأليه فان الانسان مالم ينتقد فكره وسلوكه واليات عمله ، فأنه لن يتقدم خطوة واحدة للأمام ، وكما نقل لنا احد الأساتذة الفرنسيون حينما قال نحن نعتذر لكم كعرب عما لحق بكم من غزونا لاراضيكم ، ولكنكم اذا ما استمريتم بلعن الزمن والحظ فلن تبارحوا مكانكم يوماً ، فرنسا تطورت حينما تركت الآخرين وانتقدت نفسها وفكرها وسلوكها ، ولهذا انتم مدعوون لان تنتقدوا انفسكم بداعي البناء والتقدم وليس بداعي الهدم واثارة المشاكل !

النقد يكون على نوعين أولهما هدم الكيان المراد انتقاده ، عن طريق اثارة اكبر قدر ممكن من المؤاخذات والسلبيات والاستشكالات بصورة غير منظمة والاكتفاء بذلك بحيث لا يكون هنالك رؤية شاملة لا لدى المُنتقِد او المُنتَقد ، وهذا يتم اما بحسن نية مع جهل بالية الانتقاد البناء ، وبدافع التغيير ، ولكن رؤية التغيير غير مكتملة لدا المنتقد ، لذا يكتفي بإعلان عدم قناعته بما هو كائن وان كان ضمنياً يعلم بالأطر العامة لما يجب ان يكون ، او لا يكون بسبب الجهل وانما المنتقد يعلم ماذا يفعل ، وكل ذلك وفق خطط مدروسة لهدم الكيان المراد انتقاده ، اما لانه لا ينسجم مع المرحلة والتطورات ويطمح ان يتم استبداله بشكل كامل وليس تقويمه ، او ان بقائه يشكل تهديداً له ولمصالحه بشكل عام

يرتبط الاتجاه الثاني من فلسفة الانتقاد بطرح مجموعة الاستشكالات والمؤاخذات العميقة المرتبطة بعمق ومنهج المُنتَقد ، مع ذكر جملة من الايجابيات التي لا يخلو منها اي عمل في الوجود وان اشيع غير ذلك ، لتتم المفاضلة بين الايجابيات والسلبيات ، وفي حال طغيان الاخيرة فيجب طرح البديل ، والحديث عن امكانية طرح بديل يخلو من العلل التي دعت الى استبدال الاول ، وفي حالة عدم طرح بديل فلن يختلف هذا المنهج عن الهدم بكثير ، الانتقاد ثقافة يجب تطويرها وتنميتها ، لتكون هي طريقنا نحو الغد ، والاكتفاء بالهدم وان سكانا عنه اليوم لانه يهدم كيان بعض الشخصيات التي قد لا تروق لنا لأسباب في نفس يعقوب ، فأننا سننتقل الى هدم الوطن بعد هدم الشخصيات المتصدية ، وكل ذلك سيتم بصورة لا شعورية مع ابتسامة المنتصر ظاهراً ، والمهزوم أشد هزيمة جوهراً ، لان هدم الاخير لم يكن خياره وان تم إقناعه بذلك تدريجياً ! .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=101794
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 08 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3