• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : السُباب... لغة المتخلفين .
                          • الكاتب : عبد الهادي عبدالزهرة أبرش العارضي .

السُباب... لغة المتخلفين

لغة السباب هي اللغة التي تعيش في كثير من المجتمعات المتخلفة ،والسب عادةً مايكون لتفجير الغيض ،وإذلال المقابل وإهانته ،ولكن ماهي نتائج هذاالسب ؟ بحيث أنت تسب والأخرون قادرون على أن يسبوا، قال الشاعر :
لسانِك لاتذكر به عورة أمريء       فكلك عورات وللناس ألسن ُ
وعينك إن أبدت للناس معايباً       فصنها وقل ياعين للناس أعين ُ
لست وحدك الذي  عندك لسان ، ولا الناس الذين تسبهم وحدهم عندهم عيوب  ونقاط ضعف ، فأنت عندما تسب إنساناً فستكون النتيجة أن يسبك ، وعندما تسب والديّ إنسان ، فسيسب ذلك الأنسان والديك !! وقد ورد في الحديث الشريف سؤال : (أيكم يسب والديه !!قالوا لا أحد منا يسب والديه ، ونحن نحترم آباءنا،قال : أنكم تسبون آباء الناس  فيسبون آباءكم )..وبذلك تكونون السبب في ذلك ، والله سبحانه وتعالى عرفنا إياها في الدائرة الأوسع ، دائرة الذين نختلف معهم في العقيدة ،هؤلاء الذين يعبدون غير الله أو يلتزمون نهجاً غير نهج الحق ، كيف نحاورهم ، كيف نواجههم بالسب ، وما الفائدة ، هل نهديهم إلى سواء السبيل فنجعلهم مؤمنين  إذا كانوا كافرين ؟ هل عندما نسّبهم ونسب مقدساتهم نجعلهم مهتدين إذا كانوا ضالين ؟! عندما نسبُ لهم رموز الظلال عندهم فإننا نزيدهم تعصباً لأن كل إنسان عندما تهاجم مايحب بطريقةٍ فجةٍ ، فإنه يبادر الى أن يعتبر المسألة إساءة له ، فيحاول أن يسب من تلتزم به ، ومن تقدسه وتحترمه ويريد ان يؤذيك كما آذيته ، ويريد أن يسيء إليك كما أسأت إليه .
إن الله  جعل من غرائزنا الطبيعية إن الأنسان يتعصب لعمله ، ويتعصب للرموز التي تمثله ( ولا تسبوا الذين يدعون من دونة الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) الله يقول : هذه المعادلة من أين تأتي ، إنك إذا سببت هؤلاء  فإنهم سيسبون الله ( كذلك زينا لكل إمة عملهم ) كل إنسان يعتبر إن الحق معه ، فعندما تأتي وتصدمه رأساً ، تقول له يازنديق ، ياكافر ،يافاجر ، وتسب له مقدساته كلها ، إذا أطلقت عليه رصاصة فسوف يطلق عليك رصاصة ، الكلمة التي تريد أن توجهها لأنسان فيما يحترمه ويقدسه دون سابق إنذار ، هذه الكلمة رصاصة ، ولكن رصاصة معنوية ، الرصاص يصيب الجسم ، والكلمة تصيب الكر امة ، إذا إستثرت كرامة إنسان فإنه سيثور ، وإذا ثار فإن طريقته في  الثورة هي أن يبادرك بمثل مابادرته به ، فيسب الله إذا كان كافراً وكنت مؤمناً ( ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل لإمة عملهم ) إنه سب لايفيد  ولا يحلُّ مشكلة ، بل يعقد ، لكن يمكنك أن تقول يافلان تعال نتفاهم ،أنتَ برّد عقلك وأعصابك ، وسأبرّد أنا عقلي وأعصابي ، ثم نبأ الحوار والنقاش بكل هدوء و أريحية ..
 ولابد من أن يكون المسؤولون قدوة لغيرهم ،لأن المشكلة في كثير من الناس أنهم إذا أطلقوا السباب كعنوان لطريقهم في الصراع ،فإن ّكل الناس الذين يتبعونهم يتحولون إلى سبّابين ،يستهلكون كلماتهم وربما يزيدون عليها لأنهم يعتبرون ذلك ضوءاً أخضر من كبرائهم وقادتهم ،مثلما يقول الشاعر :
إذا كان رب البيت بالطبلِ ضارباً      فشيمة أهل البيت الضرب والرقص ُ 
الأمام علي عليه السلام يمثل لنا الخط والقدوة يقول :(إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ، ولكنكم لو وصفتم  أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر ) إذاً قل الكلمة تكون حجة ٌ لك ، وقل الكلمة التي تكون صواباً، ثم لاتكن روحيتك إتجاه الناس الذين تختلف معهم روحاً تدميرية ، ولاسيما إذا كانت  الخلافات  في دائرةٍ واحدة ٍ ، دائرة يؤمن أفرادها بالله  ويختلفون بالطرق التي تؤدي إلى الله، أو يختلفون في طريق الأستقامة والأنحراف ، لاتكن روحك روح الأنسان الذي يشتهي الفتنة ، أو يشتهي الحرب أو يشتهي التدمير ، لتكن روحك روح الأنسان الذي ينظر إلى من يختلف معه نظرة عطفٍ وإشفاق ورثاء ،وأمل كبير بأن تنفتح عليه، وينفتح عليك  في المستقبل .
ولهذا أرادنا الله سبحانه وتعالى  أن نتكلم  الكلمة الطيبة من أجل أن نشارك في إيجاد العلاقات على هذا الأساس ،وحتى عندما أرادنا أن نجادل قال ،إنك تجادل الناس لا لتسجل النقاط عليهم ، ولكنك تجادل الناس لتهديهم إلى سواء السبيل ،ولذا حاول أن تقول الكلمة الأحسن حتى تفتح الطريق إلى عقل الناس ، وهذا في كل المجالات ، سواء في البيت ، أو في الشارع ، أو في ساحة العمل السياسي و الأجتماعي ، حتى يكون مجتمعنا  مجتمع الكلمة الطيبة ، لا مجتمع الكلمة الخبيثة ،
إن مشكلتنا أننا نفكر في الأمور بتوتر ، إننا نريد أن نركز هذه النقطة ، حتى نصل إلى مرحلة المجتمع المهذب في إجتماعه ولقاءاته، الذي يملك نظافة اللسان ،ويمارس عملية إحترام الناس بعضهم لبعض ، فالسب لايمثل حالة إحترام في حياة الناس ، ثم أن الله سبحانه وتعالى يريد منا كمؤمنين أن لانزيد العداوة بين الناس ، عندما يصبح الناس أعداءك لأنك مؤمن ، فهنا المسؤولية ليست مسؤوليتك ، ليس ذنبك إن عاداك الأخرون لأنك إنسان شريف ، بل تتحمل المسؤولية إذا صاروا أعداءك لأنك تسبهم ، وتشتمهم ، وتتكلم عليهم بدون حق ..
فلا بد أن تكون وسائل الصراع وسائل مهذبة  ومعقولة حتى يمكن أن نصل في صراعاتنا سواء كانت سياسية أو إجتماعية أو عقائدية أو إقتصادية إلى النتائج والأهداف الكبيرة والمهمة في الحياةالأنسانية ،وأن تكن كلمتنا رحمة وليس نقمة حتى على من يخالفنا في الرأي والأعتقاد ،  وهناك حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  يقول فيه :(إني لم ُأبعث عذاباً إنما بُعثتُ رحمةً للعالمين )... فاستحق قول الله تعالى فيه ( فبما رحمةٍمن الله لنِتَ لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك )آل عمران 159) .
هذا هو الأسلوب  الصحيح الذي يرسمه لنا القرآن الكريم والذي يجب أن ننطلق فيه في العلاقات الأجتماعية والعقائدية والعلاقات العامة ، وليس السباب والشتم واللعن والتنكيل والنيل من الأخرين هو إسلوبنا ولغتنا في هذه  الحياة ، لأنه في الواقع أسلوب الجاهلين ، ولغة المتخلفين.. 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : مهند البراك ، في 2011/10/18 .

الاستاذ عبد الهادي
فعلا اصبتم
البعض اتخذ طريقة جديدة للتسقيط
تشويه الصور بواسطة الفوتوشوب
ترويج اكاذيب بدون مصدر وتطبيق مقولة وزير الاعلام الهتلري عندما قال اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس

شكرا لكم فقد استفدنا من هذا المقال



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=10495
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 10 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20