• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ (٩) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الرَّابِعَةُ (٩)

   أَلذينَ خذلوا الحُسين السِّبط (ع) ووقفوا يتفرَّجون على المشهدِ السِّياسي بحجَجٍ وأَعذارٍ شتَّى، دفعوا الثَّمن باهضاً، ذُلٌّ وصغارٌ في الدُّنيا وعذابٌ في الآخرةِ!.
   طالِعوا أَخبار واقعة الحَرَّة عندما استباحَ الطَّاغية يزيد المدينة المنوَّرة ثلاثة أَيَّام بلياليها فستعرفونَ بعضَ الثَّمن!.
   لا أُريدُ هُنا أَن أَسردَ وأُعلِّقَ على كلِّ الأَعذارِ التي ساقها المُتخاذِلونَ للهربِ من المسؤوليَّة، إِلّا أَنَّني أَودُّ الإشارةِ إِلى واحدٍ من هذهِ الأَعذارٍ التي تتكرَّر دائماً وأَبداً على لسانِ كلِّ مَن يَهرب من تحمُّلِ المسؤوليَّة خاصَّةً في زمنِ المُنعطفات التَّاريخية الخطيرة؛
   وهوَ أَنَّ الحُسين السِّبط (ع) يُنافسُ الآخرين، وتحديداً الأَمويِّين! على أَمرٍ مّا! فلماذا نتورَّط معهُ في أَمرٍ خطيرٍ نتحمَّل نحنُ تبِعاتهُ المُرَّة ويجني هو ثِمارَهُ الحُلوة؟!.
   ١/ وما الضَّيرُ في ذَلِكَ؟! فاذا كان الحُسين السِّبط (ع) يُنافس الطَّاغية يزيد على السُّلطة فانَّ من حقِّهِ ذَلِكَ! وقد أَشار (ع) إِلى ذلك بقولهِ {مِثْلِي لا يُبايِعُ مثلهُ} وقولهُ (ع) {وَنَحْنُ أَهلُ البيتِ أَولى بولايةِ هذا الأَمرِ عليكُم من هؤلاءِ المدَّعين ما ليسَ لهُم والسَّائرينَ فيكُم بالجَورِ والعُدوان} إِذ كيفَ يُعقل أَن نقبلَ بسلطةِ الظَّالمِ والقاتلِ والسفَّاح ولا نقبلُ بسلطةِ الامامِ العادِل المُستقيم؟!.
   وهل أَنَّ السُّلطةَ سُبَّةٌ أَو عارٌ إِذا تنافسَ عليها الشَّريف والعَفيف والنَّزيه كالحُسين السِّبط (ع) مع الوضيعِ والحقيرِ والفاسدِ؟!.
   أَلم يطلبُها نبيَّ الله يُوسف (ع) في أَوَّل فُرصة سنحت لَهُ بقولهِ كما وردَ في القرآنِ الكريمِ {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}؟! وكذلك طلبها نبيَّ الله سُليمان (ع) بقولهِ كما في الآيةِ الكريمةِ {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}!.
   أَلم يهِبُ الله تعالى السُّلطة والحُكم والمُلك لعددٍ من أَنبيائهِ ورسلهِ؟! كما في قولهِ تعالى {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا}.
   أَلم يحكمُ رسول الله (ص) في المدينةِ؟! أَلم يحكُم [الخلفاء الرَّاشدون] وأَنَّ ثلاثة منهُم تنافسوا عليها بكلِّ الطُّرق الشَّريفة وغَير الشَّريفة! باستثناءِ أَميرِ المؤمنينَ (ع) الذي تنافست عليهِ السُّلطة بدلاً مِن أَن يتنافسَ عليها؟!.
   فلماذا يحقُّ لكلِّ مَن هبَّ ودبَّ من الطُّلقاءِ وأَبناءِ الطُّلقاء أَن يتنافسَ على السُّلطة ولا يحِقُّ لسبطِ رَسُولِ الله أَن يتنافسَ عليها؟!.
   ٢/ إِذن ليسَ الإِشكالُ في أَصلِ التَّنافسِ وإِنَّما الإِشكالُ على جوهرهِ وعلَّتهِ والغايةُ مِنْهُ! والتي لخَّصها أَميرُ المؤمنينَ (ع) بقولهِ {اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَان، وَلاَ الِْتمَاسَ شِيء مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، وَلكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ، وَنُظْهِرَ الاِْصْلاَحَ فِي بِلاَدِكَ، فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ}.
   ولقد شرحَ القرآنُ الكريم كذلك فلسفة السُّلطة بقولهِ {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}. 
   ٢٨ أَيلول ٢٠١٧
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=105569
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 09 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28