• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : لماذا الارتاد الفكري والارتكاس الثقافي في العراق ؟؟؟ .
                          • الكاتب : محمود الوندي .

لماذا الارتاد الفكري والارتكاس الثقافي في العراق ؟؟؟

غدت فنون الثقافة على امتداد تاريخ طويل بكل انواعها ومسمياتها في كل المدن العراقية بتعدد لغاتها ولهجاتها ( وبالتحديد مدينة بغداد العاصمة ) ، وظهرت مجموعة المثقفين قد خدموا الثقافة العراقية بدون اي ثمن معنوي او اغراء مادي ، بل امتازوا بحيويتهم وجهودهم وخصالهم التي أسدوا من خلالها خدمات كبيرة الى الشعب العراقي .. ومنهم كانو عربا وكوردا وتركمانا وسريانا وكلدانا وصّبة مندائيين .. 
 
بعد استلام السلطة من قبل حزب البعث لقد استباح الميدان الثقافي من الجهلاء والدخلاء وانفلتت الأمور من عقالها وكبلت الثقافة العراقية بثقافة حزب الواحد وكتابات حول خطب وأقوال منطلقة من فم رئيسه الدكتاتور صدام حسين ، اصبحت الثقافة العراقية رهينة سياسة البعث ، فقد شد المثقف العراقي الاصيل رحاله الى دول اوربا المختلفة وامريكا واستراليا بعد ان كبل حريته وزادت من معاناته ، ولم يستطيع ان يبرز ثقافته للمجتمع ، بسبب قلة وسائل الدعم والتسهيلات له ، بمعنى لم يمنح له الحق في حرية  التفكير والتعبير والإنتماء السياسي ، والفكري والآيديولوجي .... 
 
ان الثقافة العراقية اليوم تعيش مأساة حقيقية كماضيها ، وتتعرض الى ممحاكة جديدة بين دور الثقافة الحقيقية وبين مصالح الطبقة السياسية والحزبية الضيقة التي تبحث عن الدعاية ، التهليل والتطبيل لمناهجها الشكلية ، ومن جانب اخر تهميش الحكومة لدورها في صناعة مجتمع متقدم ، لذلك لا يعد باستطاعة أي مثقف ملتزم نقد أية جهة من الطبقة السياسية والحاكمة خوفا على حياته ، ولهذه الاسباب خسرت الثقافة العراقية عددا كبيرا من المبدعين والكفؤين والاكاديمين والصحفين والاعلامين ، ودفعت ثمنا كبيرا من قافلة الشهداء  ...  
 
للأسف الشديد إن ما نشهده اليوم من هجمات تنكيل للمثقف العراقي الاصيل ، بشكل آلية غير مسبوقة في القمع الفكري وإرهابه على امتداد تاريخنا من اشباح المثقفين والذين يعملون كبوق لتلميع الصورة المسؤولين والدفاع المستبد عن سياساتهم الخاطئة من خلال مقالاتهم وكتاباتهم الركيكة والملفقة  ، وبعيدا عن أي منهج علمي ونقدي لدراسة النصوص وتوظيفها بصورة صحيحة ، وتجاوزهم كل الحدود الادبية والاخلاقية ، والهدف منها للتغطية على سرقات المسؤولين لاموال الشعب وفشلهم اداريا في عملهم ..  
 
يحاول البعض ما يسمى بالمثقفين توظيف كتاباتهم في إثارة النعرات والانقسامات بين مكونات واطياف الشعب العراقي من أجل أهداف واضحة واستغلالهم للأجواء المشحونة في العراق في كتاباتهم اليومية ، ليبثوا سمومهم ضد من يكشف الفسادي الاداري في هياكل الدولة واتهامه بعدة الاتهامات بحجة واهية ، لكي يقتلوا كل مفاهيم إنسانية وديمقراطية باسم سياسات خاطئة ( هذه الكتابات نشبهها بحمم البراكين تحرق ما حولها ، حيث تترك اثرها التدميري لمديات بعيدة من الزمن ) .  
 
وهنا المصيبة !!! هكذا المثقفين يكتبون من الغثاثة والتفاهات التي لاتقل خطورة عن الارهاب الدموي ان لم يكن يتجاوز تلك الخطورة ، وتمارس كل أشكال الضحك والسخرية على آلام وهموم المجتمع ، وتحاول تكرس المفاهيم الخاطئة في نفوس الناس البسطاء واستسلامهم للواقع الحالي بحجة الدفاع عن مذهبهم او طائفتهم ، لذلك أخذوا يصرحون حسب مزاجهم ويحللون حسب هواهم  ، ولكن في الحقيقة يسيرون  من يمولهم ويدعمهم من احزاب وتيارات ومنتفذين في الدولة .   
 
أن من أهم واجبات المثقف العراقي هو العمل على رفع وعي الجماهير لمقاومة الظلم وكيفية حماية حقوقها ، وتحريرها من إضطهاد السلطة المستبدة ، ومن جميع مصادر العسف والإضطهاد السياسي والإجتماعي والديني والعرقي وغيره ، لا شك فيه إن تقوية العلاقات الثقافية  من الأمور المطلوبة والضرورية بين المثقفين (بغض النظر عن ميولهم او افكارهم)  لما تمثله هذه العلاقات من حافز معنوي كبير لزيادة الأواصر الاجتماعية والعمل على توفير فرص ثمينة بالتعرف على مشاكل وهموم الناس ، هذه العلاقات حافزا لزيادة الروح الوطنية لدى الشعب العراقي ، أي أخذ إجراءات وقائية لمنع وقوع اي ظلم على اطياف شعبنا ، لهذا علي المثقف العراقي ايجاد حركة استثنائية وافكار خلاقة تحميه من الجهلاء والدخلاء على الثقافة العراقية  . 
 
المثقف العراقي الحقيقي الذي يعمل من اجل الارتقاء للمجتمع العراقي نحو التنوير والتغيير ، ما يزال يعيش مرحلة الحرمان والفقر والغربة الذي طوقه نظام البعث ، والحكومة الحالية عدم إكتراثها لمعاناته وهمومه ، وقد اصاب المثقف العراقي شلل وتغريب مرة اخرى بسبب عدم بيع صوته وقلمه وضميره بأثمان رخيصة وبائسة الى الاحزاب والمسؤولين في الدولة وتملقه لهم ، لذلك يعاني المثقف المبدع من الوضع النفسي والاجتماعي لآنه لا يجد من يدعمه ويهيئ الجو المناسب له لينطلق الإبداع والنشر افكاره وآرائه ، ولا يجد مخرجا له لكي يطرح إبداعاته وأطلاق طاقاته ، بل صار أسير الواقع المأساوي . 
 
فالاحزاب السياسية تتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية عن الارتكاس الثقافي في العراق ، التي تحاول بشراء بعض النفوس الضعيفة من ما يسمى بالمثقفين لتطبل وتزمر لهم كما كانوا ايام نظام البعث ، ومن جهة اخرى بسبب انقساماتهم ان كانت مخفية او علنية ورفضهم بعضهم البعض لافساح المجال للمثقفين من المأجورين واستغلالهم لهكذا الاجواء ، لذلك تغرب وتهمش المثقف العراقي الذي يعبر عن وطنيته باخلاص وتوجيه قلمه الى خدمة الانسان العراقي ويتحمل بصدق وعن جدارة مسؤوليته الثقافية ، وبعيدا عن اية نزوعات السياسين ، يظطهد اليوم ، ويبعد عن الساحة الثقافية والسياسية ، ويحارب من كل الجهات الحكومية وغير الحكومية .  
وهذه أسباب التخلف الثقافي في العراق وجذور الفشل وعوامل الانحطاط  !!!!!!! واصبحت الثقافة العراقية كالشمعة التي تقاوم لظلام دامس في العهد الجديد ، ويتهمش تعمدا من قبل الحكومة العراقية والقوى السياسية المتخلفة .
 
ادارة الموقع تشكر الاستاذ محمود الوندي على مقالته 
عسى ان يعي ويفهم بعض الاخوة القراء المقالة 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1058
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 10 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29