• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العلماء ورثة الأنبياء.. لهم ما لهم و عليهم ما عليهم.. .
                          • الكاتب : هايل المذابي .

العلماء ورثة الأنبياء.. لهم ما لهم و عليهم ما عليهم..

لقد وصلت إلى وعي خالص مؤداه، أنه و مثلما خلق الله أشخاصاً ليكونوا عظماء، و قدوة، فإنه قد خلق أيضاً أشخاصا، ليكونوا أعداءً، لأولئك العظماء، و بدونهم، لن تكتمل، تفاصيل الحكاية، حكاية العظمة في تلك الشخصيات، بل و أحياناً، نجد أشخاصاً عظماء، لم يكن ثمة شيءٍ عظيمٍ فعلوه، سوى أنهم، كأكثر شيء، استطاعوا التغلب على أولئك الأشخاص الذين خلقهم الله ليكونوا أعداء، لأي نجاح، و لأي ظاهرة عظيمة!

لم نعرف على مر الدهور، ظاهرة عظيمة، إلا و كان أعداؤها أكثر من مريديها، و بعشرة أضعاف تقريباً، و ربما أكثر؛ لكن صبر هذه الظاهرة على الأذى منهم، هو مبعث عظمتها، و مؤكد حكمة اختيارها، و لعل الطموح الجوهري للشرقي العظيم، كان دائماً، في أن يكون نبياً، مثلما أن الطموح الجوهري للكثيرين، بالمقابل، هو في أن يكونوا اعداءاً، ألداء لكل إنسانٍ عظيم، فاقهم فكراً و علماً، و ارتقى بتفوقهِ و نجاحه، حتى و لو كان من بني جلدتهم، و واحداً منهم!!

في كل الحالات لا فرق، في مستوى العظمة، سواء أكان ذاك الشخص نبياً، أو كان مجرد إنسان، ذاع صيته، لعلمه، و معرفته، و نبوغه و تفوقه؛ و أقول لا فرق، لأن تلك الشخصيات التي خلقها الله لتكون في صفوف أعداء كل عظيم، لا يختلف منطقها في كل زمن، و مع كل ظاهرة عظيمة، عن منطق من سبقوها من أعداء كل ظاهرة عظيمة، بل و يبدو بوضوح كبير، كأنها تتوارث ذلك المنطق بلا ضرورة، في الإنتماء، لشجرة عائلية واحدة، أو سلالة لها عرق واحد!!

إنني لا أجد فرقا، بين أولئك الذين أرادوا إعجاز موسى ذات يوم، و بين تعنت من وقفوا في وجه أي ظاهرة عظيمة، بثقة عمياء، و يقينٍ ضرير، في منطقهم المتخلف!!

هذه الظواهر لم تدع النبوة، لكن منطق و فكر أعداء الأنبياء، هو ذات المنطق، هو ذات الفكر، الذي قوبلت به؛ و لعله منطقٌ تاريخي، يشبه التوافق الفطري بين جميع المخلوقات، على أبجديات الحفاظ على النسل، و طريقة التكاثر!

من هنا يمكن القول أن وجود حالات كهذه، يعتبر ظاهرة صحية، لا تثبت شيء، بقدر ما تثبت أن العظمة، في أي شخص، تبدأ من قدرته على الصمود و الثبات، و هي لا تتحقق، إلا بعد أن يتمكن من التغلب على تلك الجموع الغفيرة، التي لا يسمن وجودها و لا يغني الحياة من جوع..

و يبقى طرف ثالث، له نفس أهمية وجود الطرفين السابقين، و هو طرف المريدين، و هؤلاء رغم قلتهم، إلا أنه، و من بينهم أيضاً، يبرز عظماء من فصيل آخر، لهم نفس درجة النبل، التي يمتلكها كل إنسانٍ عظيم، الذي يناصرونه، تماماً كما كانت هذه الصفة، و أكثر منها بكثير، لدى صحابة الأنبياء، و الرسل؛ فهم نسخة أصلية من كل شخصية عظيمة، يؤمنون به، و بفكره، و يقتدون به، في أخلاقه، و أفعاله، و ترفعه عن سفاسف الأمور، و صغائرها، و تفاهات التافهين من أعداءهِ.

إنني أعلم علم الموقن الجازم، أن محمد بن عبد الله هو خاتم الأنبياء، و المرسلين، لكنني لو علمت يوماً أن أثق في علمهم و نبوغهم من الظواهر التي اتحدث عنها قد ادعت النبوة، لتحولت إلى معجزة، تثبت فرضيتها، و دعوت العالم بأسرهِ إلى إتباعها، و لو كره الكارهون؛ لا حُبّاً في هذا المنطق، و لكن نكايةً في أعداء كل عظيم.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=106256
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 10 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28