• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قيم الحق في النهضة الحسينية / الجزء الرابع .
                          • الكاتب : عبود مزهر الكرخي .

قيم الحق في النهضة الحسينية / الجزء الرابع

ولنأتي إلى حقيقة هامة وهي هل ان الحق ينتصر ضد الباطل؟ وأن اجتمعت قوى الشر والباطل على ذلك؟ بالحقيقة أن هذا السؤال كان مدار بحث وجدال وعلى مدار الزمان من قبل كل الفلاسفة والمفكرين والعلماء وهو سؤال ازلي يبقى ولا ينتهي إلا بقيام آل محمد الحجة المهدي(عجل الله فرجه الشريف) ولن ينتهي إلا بقيام يوم القيامة ولكن الكثير من أجوبة هذا السؤال سوف تحل بقيام صاحب الزمان(أرواحنا وارواح العالمين لمقدمه الشريف).

ومن هنا كان انتصار الطاغية يزيد(عليه لعائن الله)المزعوم هو انتصار هزيل وباهت منذ أول يوم فيه لأن تلك الجحافل المتجحفلة من جيش أبن زياد وعمرو بن سعد(لعنهم الله) لم تستطيع ان تثني تلك الثلة المؤمنة من معسكر الحق والخير من النزول على مطالب يزيد وابن زياد بل كانوا على ثباتهم واصراهم على الذود عن أمامهم الأمام الحسين(ع) وعياله ذراري رسول الله بل يزداد إصراراً وثباتاً ومنذ التحاقهم بأمامهم روحي لهم الفداء وقد أعجبتني عبارات نشرها احد الأصدقاء في الفيس بوك حيث يقول : عندما سألوا رجل حكيم طاعن في ألسن

ماذا تعلمت من العمر الذي مضى ؟ فأجاب تعلمت* أن الدنيا سلف ودين *تعلمت*ان المظلوم لابد له من انتصار ولو بعد حين.

ولو استرجعنا من كان مع الأمام الحسين لتتضح الصورة اكثر فهذا شبل الأمام الحسين(ع) علي الأكبر(ع) أذ يقول عندما استرجع ابوه الامام الحسين(ع) بعد غفوة قصيرة على الحصان فقال الحسين (عليه السّلام) : (يا بُنيّ , إنّي خفقت برأسي خفقة فعنَّ لي فارس على فرس

فقال : (القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم ، فعلمت أنّها أنفسنا نُعيت إلينا) فقال له : يا أبتِ , لا أراك الله سوءاً , ألسنا على الحقّ ؟قال : (بلى والذي إليه مرجع العباد)قال : يا أبتِ , إذاً لا نبالي نموت محقّين. فقال له : (جزاك الله من ولد خير ما جزى والداً عن والده)(1).

فهذا جواب الشاب ذو ال(27) ربيعاً جواب كله شجاعة وايمان بالحق وكيف لا يكون كذلك وهو حفيد جده الأمام علي(ع) قاتل عمرو بن ود ومرحب وفاتح حصون خيبر فهذا الشبل من ذاك الأسد. فتلك النماذج الرائعة والتي هي مفخرة لكل مسلم بل ولكل إنسان شريف يؤمن بقيم الحق والعدالة والتي سنقوم بالعروج على جزء منها على سبيل المثال وليس الحصر لأن مدرسة عاشوراء هي مدرسة لا تحيطها الكتب والمجلدات كما اقولها وارددها دائماً.

الحسين (ع) وزهير بن القين

ولنورد لقاء الأمام الحسين بزهير بن القين على طريق المسير الاستشهادي من المدينة إلى كربلاء "... وسار حتّى أقبل إلى ما فوق منطقة زرود فصادف زهير بن القين ومعه جماعة من فزارة وبجيلة، وكان من أبغض الأشياء إليه مقابلة الحسين؛ لأنّه عثماني العقيدة(وهذه الصفة فيها مثار جدل ولغط ومن ناحيتي لا أعتقد بذلك)، فبعث الحسين عليه السلام خلفه وكان يتغذّى مع جماعته، فأسقط ما في أيديهم كأنّ على رؤوسهم الطير. فقالت له زوجته: سبحان الله! ابن رسول الله يدعوك فلا تجيبه؟! فأتاه زهير على كره، ثمّ رجع إلى أصحابه مستبشراً، وأمر بفسطاطه وثقله ورحله فحوّل إلى الحسين عليه ‌السلام، وقال لأصحابه: «مَنْ أحبّ منكم أن يتبعني، وإلاّ فهو آخر عهد منّي».

ثمّ قال: «سأحدثكم حديثاً؛ إنّا غزونا بلنجر، وهي بلدة في بلاد الخزر، ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ففرحنا، فقال لنا سلمان الباهلي: إذا أدركتم قتال شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم بما أصبتم من الغنائم»"(2).

ثمّ قال لزوجته: أنت طالق، الحقي بأهلك؛ فإنّي لا أحبّ أن يصيبك بسببي إلاّ خيراً؛ لأنّي أفديه بروحي، واقيه بنفسي. وسلّمها إلى بني عمومتها، فقالت له: خار الله لك! أسألك أن تذكرني يوم القيامة عند جدّ الحسين. فلزم الحسين عليه‌ السلام حتّى قُتل.

ثم يقول في ليلة عاشوراء عندما دعا الامام الحسين أصحابه ليقول لهم هذا {هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله فإن القوم انما يطلبوني ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري}.

وقال زهير ابن القين : والله لوددت إني قتلت ثم نشرت ، ثم قتلت ، حتى أقتل كذي ألف قتلة ، وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك ، قال : وتكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا في وجه واحد ، فقالوا : والله لا نفارقك ، ولكن أنفسنا لك الفداء ، نقيك بنحورنا ، وجباهنا وأيدينا فإذا نحن قتلنا كنا وفينا وقضينا ما علينا(3).

الأمام الحسين(ع)مسلم بن عوسجة :

كان من أصحاب رسول الإسلام محمد، ومن أصحاب علي بن أبي طالب وولده الحسين. شارك في العديد من الحروب منها فتح أذربيجان، قُتل في معركة كربلاء سنة 61 هـ.(4) وكان من الذين بايعوا رسول الحسين مسلم بن عقيل في الكوفة(5).

وفي الارشاد قال الامام الحسين (عليه السلام) لأصحابه هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا...

فقام إليه مسلم بن عوسجة (رضوان الله عليه) وقال: أنحن نخلي عنك وقد أحاط بك هذا العدو، ولمّا نُعذر إلى الله في أداء حقّك؟! [لا] والله حتّى أكسر في صدورهم رمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولا اُفارقك، ولو لم يكن معي سلاح اُقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتّى أموت معك(6).

كان مسلم بن عوسجة أول من قتل في معركة كربلاء من أصحاب الحسين، وكان ينادي أعداءه بهذا الشعر : (7)

أن تسألوا عني فإنّي ذو لبد***من فرع قوم في ذُرى بني أسد

فمن بغانـا حايد عن الرشد***وكافرٌ بدين جبّــار صمـد

وكان مقتله في بداية الحملة الأولى من المعركة، ولما قتل ذهب إليه الحسين، فقال: "رحمك ربك يا مسلم بن عوسجة، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" وورد أنه لما دنا منه حبيب بن مظاهر، قال حبيب: "عز علي مصرعك يا مسلم! أبشر بالجنة! فقال له مسلم قولا ضعيفا: بشرك الله بخير، فقال له حبيب لولا أني اعلم اني في آثرك لاحق بك من ساعتي هذه لأحببت ان توصيني بكل ما أهمك حتى أحفظك في كل ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين، قال: بل انا أوصيك بهذا رحمك الله واهوى بيده إلى الحسين ان تموت دونه! قال: افعل ورب الكعبة"(8).

فأي مقاتل صلب هذا البطل؟ واي صاحب منتجب ذلك الذي في لحظاته الأخيرة وهو يوصي بالأمام الحسين؟ فتلك أصحاب منتجبين أعظم من صحابة رسول في ثباتهم ونصرتهم للحق والدفاع عن أمامهم وعن الرسالة المحمدية.

وهذا قول سعد بن عبد الله الحنفي : والله لا نخليك حتى يعلم الله انا قد حفظنا غيبة رسول الله ( ص ) فيك ، والله لو علمت انى اقتل ، ثم أحيا ، ثم أحرق حيا ، ثم أذر ، يفعل ذلك بي سبعين مرة ، ما فارقتك حتى القي حمامي دونك ، فكيف لا افعل ذلك ؟ وانما هي قتلة واحدة ، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً (9).

الأمام الحسين(ع) وحبيب بن مظاهر الأسدي

حبيب بن مظاهر الاسدي من اصحاب النبي محمد وخواص الإمام أمير المؤمنين وشهد حروبه جميعها وكان من اصحاب الحسين وله رتبه علميه ساميه، وكان زعيم بني اسد وكان عمره يوم الطف خمسة وسبعون عاما، وله ولد يسمى القاسم (قتل قاتل ابيه لاحقا) حبيب ابن مظاهر كان يتردد على الإمام علي بعد كل حرب فيسأله عن موعد الشهادة خصوصا بعد أن رأى أصحابه قد سقطوا شهداء الواحد تلو الآخر في المعارك المتتالية فما كان جواب أمير المؤمنين إلا أن الشهادة ستنالها يا حبيب.

والقصة تبدأ مع نبينا الأكرم محمد(ص) حيث تقول " كان حبيب ابن مظاهر في شبابه من المواليين للإمام علي عليه السلام, وكان محباً للإمام الحسين لمعرفته بشأن الحسين ولما سمع من جده النبي محمد, والحسين مازال صغيرًا، وإذا شاهد حبيب الحسين مع جده رسول الله, كان حبيب يقوم من مكانه ويأخذ شيئًا من التراب الذي تحت أقدام الحسين ويشمه ويقول: والله إني أحب هذا الطفل - يقصد الحسين-.

فقال له النبي محمد –صلّى الله عليه وآله-: أتحبه يا حبيب؟

فيقول حبيب: نعم يا رسول الله.

فيقول: {أبشرّك يا حبيب أنك سيطول بك العمر بعدي, وتقاتل مع ولدي هذا فتقتل معه} فيتبسم حبيب ويستبشر وجهه (10).

ومن جميل ما يذكر عن هذا الصحابي الجليل انه ضحك حبيب بن مظاهر الأسدي يوم عاشوراء ، فقيل له: ليس هذه بساعة ضحك؟ فقال: (فأي أحق من هذا السرور، والله ماهو إلا أن تميل علينا هذه الطغاة بسيوفهم فنعانق الحور العين)(11).

ولو لاحظنا خطاب حبيب بن مظاهر الأسدي مع معسكر عمر بن سعد: (أما والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وعترته، وأهل بيته عليهم السلام، وعباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار، والذاكرين الله كثيراً)(12) (13).

وحتى استشهاده كان يعلم به حيث قال حبيب بن مظاهر الأسدي لميثم التمار، وهو يخبره بشهادته: (لكأني بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطيخ عند دار الرزق، قد صلب في حب أهل بيت نبيه عليهم السلام، يبقر بطنه على الخشبة )(14).

وفي ليلة التاسوعاء وفي خيمة اجتمع الأصحاب، فقال لهم حبيب بن مظاهر: (يا اصحابي، لم جئتم الى هذا المكان، أوضحوا كلامكم، رحمكم الله؟ ) ، فقالوا بلسان واحد: أتينا لننصر غريب فاطمة!! فقال لهم: (لم طلقتم حلائلكم؟) فقالوا لذلك فقال حبيب (فإذا كان الصباح فما انتم قائلون؟) فقالوا: الرأي رأيك، ولا نتعدى قولا لك. قال حبيب: (فإذا صار الصباح فأول من يبرز الى القتال أنتم، نحن نقدمهم القتال، ولا نرى هاشمياً مضرجاً بدمه، وفينا عرق يضرب، لئلا يقول الناس: قدموا ساداتهم للقتال وبخلوا عليهم بأنفسهم) فهزوا سيوفهم على وجهه، وقالوا: نحن على ما أنت عليه(15).

ولهذا فهم رجال علم وبصيرة متقين كانوا من الدرجة الأولى في الفقه والدين ولهذا أختارهم الله سبحانه وتعالى لنصرة مصباح الهدى وسفينة وسبط رسول(ص)لينالوا تلك المنزلة العالية التي لايدانيهم أحد من البشر لا في الأولين ولا في الأخرين.

الأمام الحسين (ع) وبرير بن خضير الهمداني

برير بن خضير الهمداني هو أحد أصحاب الحسين الذين قتلوا معه في كربلاء وكان قارئًا ومعلمًا للقرآن، ومن كبار شجعان الكوفة ، وينتمي لقبيلة همدان، يعتبر برير من التابعين وعرف بسيد القراء، وكان يكثر من قراءة القرآن والعبادة في مسجد الكوفة، و له منزلة مرموقة في قبيلة همدان وعند أهل الكوفة(16).

لما بلغه خبر الحسين سار من الكوفة إلى مكة ليلحق بالحسين، فجاء معه إلى كربلاء.(17) لما ضيق الحر على الإمام الحسين (عليه السلام) جمع أصحابه فخطبهم بخطبته التي يقول فيها: "أما بعد، فإن الدينا قد تنكرت وتغيرت...إلخ. فقام إليه مسلم ونافع فقالا ما قالا في ترجمتهما، ثم قام برير فقال:

والله يا بن رسول الله لقد من الله بك علينا أن تقاتل بين يديك، تقطع فيك أعضاؤنا حتى يكون جدك يوم القيامة بين أيدينا شفيعاً لنا فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم، وويل لهم ماذا يلقون به الله وأفّ لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنم يا بن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك ، تقطع فيك أعضاؤنا ، حتى يكون جدك يوم القيامة بين أيدينا شفيعا لنا ، فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم ، وويل لهم ماذا يلقون به الله ، وأف لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنم"(18).

أمر الإمام الحسين (عليه السلام) في اليوم التاسع من المحرم بفسطاط فضرب، ثم أمر بمسك فيمث في جفنة عظيمة فاطلى بالنورة، وعبد الرحمن بن عبد رب وبرير على باب الفسطاط تختلف مناكبهما فازدحهما إليها يطلي على اثر الإمام الحسين (عليه السلام) فجعل (برير) يهازل (عبد الرحمن) ويضاحكه، فقال عبد الرحمن: دعنا فو الله ماهذه بساعة باطل.

فقال برير: والله لقد علم قومي أني ما أحببت شاباً ولا كهلاً ولكني والله لمستبشر بما نحن لاقون، والله ما بيننا وبين الحور العين إلا أن نحمل على هؤلاء فيميلون علينا بأسيافهم، ولوددت أن مالوا بها الساعة(19).

وقال أيضاً: روى الضحاك بن قيس المشرقي – وكان بايع الإمام الحسين (عليه السلام) على أن يحامي عنه ماظن أن المحاماة تدفع عن الإمام الحسين (عليه السلام) فإن لم يجد بداً فهو في حل – قال: بتنا ليلة العاشر فقام الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه الليل كله يصلون ويستنفرون ويدعون ويتضرعون، فمرت بنا خيل تحرسنا وأن الإمام الحسين (عليه السلام) ليقرأ: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).(20) فسمعها رجل تلك الخيل فقال: نحن ورب الكعبة الطيبون ميزنا منكم.قال: فعرفته، فقلت لبرير: أتعرف من هذا؟ قال: لا . قلت: أبو حريث عبد الله بن شهر السبيعي، وكان مضحاكاً بطالاً، وكان ربما حسبه (سعيد بن قيس الهمداني) في جناية، فعرفه برير فقال له: أما أنت فلن يجعلك الله في الطيبين. فقال له: من أنت؟ قال: برير. فقال: هلكت والله هلكت والله يا برير. فقال له برير: هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام، فوالله إنا لنحن الطيبون وأنتم الخبيثون. قال: وإنا والله على ذلك من الشاهدين. فقال: ويحك أفلا تنفعك معرفتك؟ قال: جعلت فداك فمن ينادم (يزيد بن عذرة العنزي) ها هو ذا معي. قال: قبح الله رأيك أنت سفيه على كل حال. قال: ثم انصرف عنا.

وروى أبو مخنف عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس قال: خرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة فقال: يا برير بن خضير كيف ترى صنع الله بك؟

قال: صنع الله بي والله خيراً، وصنع بك شراً.

فقال: كذبت، وقبل اليوم ماكنت كذاباً، أتذكر وأنا أماشيك في سكة بني دودان وأنت تقول إن عثمان كان كذا وإن معاوية ضال مضل، وإن علي بن أبي طالب إمام الحق والهدى؟

قال برير: أشهد أن هذا رأيي وقولي.

فقال يزيد: فإني أشهد أنك من الضالين. قال برير: فهل لي أن أباهلك ولندع الله أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحق المبطل اخرج لأبارزك.

قال: فخرجا فرفعا يديهما بالمباهلة إلى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحق البطل، ثم برز كل واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتين فضرب يزيد بريراً ضربة خفيفة لم تضره شيئاً، وضرب برير يزيد ضربة قدت المغفر وبلغت الدماغ فخر كأنما هوى من حالق(21).

فهؤلاء أنصار أبي عبد الله والذي وصفهم الأمام الحسين(ع) لأخته زينب عندما عن مدى بلائهم ودفاعهم عليه فقال لها { أما والله لقد لهزتهم (22) وبلوتهم ، وليس فيهم إلا الأشوس الأقعس (23) يستأنسون بالمنية دوني إستيناس الطفل بلبن أمه}(24).

الذين لهم زيارة خاصة لهم في زيارة وارث والتي يبين أنهم أنصار بدء من دين الله إلى أبي عبدالله روحي مروراً بنبينا الكرم محم(ص)ثم امير المؤمنين ثم الزهراء ثم الأمام الحسين(سلام الله عليهم أجمعين) ليمجدهم ويقول لهم في الزيارة المأثورة عن الأمام جعفر الصادق(ع) " ...طبتم وطابت الأرض التي دفنتم فيها ، فياليتني كنت معكم فأفوز معكم" وهي عبارات تستحق التأمل قيلت من قبل امام معصوم ومن نسل الرسالة وفعلاً هم كذلك فهم رجال ذوي نطف طاهرة وولدت من أرحام مطهرة وكانوا بحق في معسكر النور والحق وليكونوا كذلك كما اختاره الله سبحانه وتعالى ونبيه لهذا المكان السامي والذين كتبت بطولاتهم وشهاداتهم بأحرف من نور خالدة على مر التاريخ والى قيام الساعة.

فالسلام عليهم يوم ولدوا ويوم تقدموا وانضموا لنصرة الأمام الحسين(ع) والسلام عليهم يبعثون احياء ما بقي الليل والنهار ويوم تقوم الساعة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر :

1 ـ (أبطال الهاشميّين) بقلم : علي محمّد علي دخيل (بتصريف). مقتل أبو مخنف : 92. تاريخ الطبري ٤ / ٣٠٨، الكامل في التاريخ - ابن الأثير ٣ / ٢٨٢. كتاب الوثائق الرسميّة لثورة الإمام الحسين عليه‌السلام المؤلّف السيد عبد الكريم الحسيني القزويني ص 23 ، الناشر: دار الغدير ، منشورات شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام).

2 ـ تاريخ الطبري 4 / 295.

3 ـ معالم المدرستين - السيد مرتضى العسكري ج 3 ص 90 ـ 91 .

4 ـ الزركلي، خير الدين (1980). "مسلم بن عوسجة". الأعلام. موسوعة شبكة المعرفة الريفية. اطلع عليه بتاريخ تشرين 2012.

5 ـ أعيان الشيعة -محسن الأمين - ج 1 - الصفحة 591.

6 ـ تاريخ الطبري 4 / 318، مقتل الحسين - محسن الأمين / 105.

7 ـ مسلم بن عوسجة موسوعة عاشوراء.

8 ـ معالم المدرستين تأليف مرتضى العسكري - ج 3 - الصفحة 106.

9 ـ نفس المصدر.

10 ـ منتديات مدرسة الامام الحسين (عليه السلام). السماوي : إبصار العين ص 76 .

11 ـ عوالم العلوم والمعارف الإمام الحسين عليه السلام ، الشيخ عبد الله البحراني : 334 .

12 ـ [سورة الأحزاب : 35].

13 ـ معالم المدرستين ، السيد مرتضى العسكري : 3 / 88 ــ 89 .

14 ـ معجم رجال الحديث ، السيد الخوئي : 5 / 202 .

15 ـ زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد. ليلة عاشوراء. ليْلَةُ عاشُورَاءْ. في الحديث والأدب تأليف الشَّيخْ عَبْدِ اللهِ الحَسَنْ مراجعة وضبط النص شبكة الإمامين الحسنين(عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي ص51.

16 ـ ُبرير بن خضير الهمداني موسوعة عاشوراء.

17 ـ الأمين، ج3، ص561.

18 ـ نفس المصدر. كتاب المامقاني ج1، القسم2، ص167.

19 ـ المقرم، مقتل الحسين، ص216.

20 ـ [ آل عمران : 178].

21 ـ بُرير بن خضير الهمداني موسوعة عاشوراء. كتاب العاملي في لواعج الأشجان . فرسان الهيجاء-ذبيح الله المحلاتي -بتصرف

22 ـ يقال : لهزته اي : خالطته ، والمقصود : الإختبار والإمتحان .

23 ـ الأشوس : الجريء على القتال الشديد والأقعس : الرجل الثابت العزيز المنيع .

24 ـ كتاب (الدمعة الساكبة) ج 4 ص 273 ، المجلس الثاني : فيما وقع في ليلة عاشوراء ، نقلاً عن الشيخ المفيد ، رضوان الله عليه . وكتاب (معالي السبطين) للشيخ محمد مهدي المازندراني ، المجلس الرابع : وقائع ليلة عاشوراء . زينب الكبرى: ص 178.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=108180
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 10 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29