• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مكافحة الحركات الدينية الضالة في العراق مسؤولية جماعية .

مكافحة الحركات الدينية الضالة في العراق مسؤولية جماعية

في ظل الظروف المضطربة والاوضاع الامنية المتدهورة التي ولدت حركات دينية ظالة تدعي الولاء والتمهيد لظهور الإمام المهدي اصبح لزاما ان تتكاتف الجهود الحكومية والمرجعية والشعبية من اجل القضاء عليها واجتثاثها ومنعها من استغلال الناس البسطاء لتنفيذ مآرب سياسية وخلق اجواء انعدام الأمن خاصة في المناطق الوسطى والجنوبية من العراق والتي تتمتع بالأمان النسبي.

ويبدو أن القوة الكبيرة التي استخدمتها الحكومة العراقية للقضاء على جماعة جند السماء في منطقة الزركة القريبة من مدينة النجف لم تكن كافية، حيث عاودت هذه الجماعة الظهور مجددا وبقوة في مدينتي البصرة والناصرية جنوب العراق. بل كان لها مردود سلبي حيث ان العقائد والافكار الضالة لاتنفع معها القوة التعسفية بقدر ما تنفع معها المواجهة الفكرية الحازمة.

وتمكنت الحكومة العراقية بالاستعانة بالجيش الأمريكي  من قتل نحو 263 شخصا بينهم قائد جماعة جند السماء ضياء عبد الزهرة كاظم الكرعاوي الملقب بأبي قمر، واعتقال 736 شخصا بينهم 448 مقاتلا و288 من النساء والأطفال تم الافراج عنهم على دفعات.

وقامت الحكومة بعد ذلك بشن حملات واسعة النطاق لتتبع فلول هذه الجماعة في المدن الشيعية في كربلاء والنجف والديوانية والبصرة والناصرية والحلة والعمارة واصدار أحكام بالاعدام بحق قادة هذه الجماعة والقاء الآخرين في السجون.

وبحسب المعتقدات الشيعية فان رجلا يمانيا سيمهد الطريق لظهور الامام المهدي، واليماني لقب لزعماء الجماعات التي تؤمن بظهور وشيك للمهدي المنتظر ويطلق عليها المهدوية.

وتشير تقارير اخبارية الى أن أول ظهور لجماعة جند السماء كان في منطقة السهلة في مدينة الكوفة المعقل الرئيسي لجيش المهدي المقرب من للسيد مقتدى الصدر عام 2004 لكن القوات الأسبانية تمكنت آنذاك من القضاء على هذه الجماعة لكن قادتها فروا الى خارج المدينة. بحسب (د ب ا) الوكالة الالمانية.

الحكومة العراقية تؤكد اتخاذ مواقف متشددة

واعلن مسؤولون عراقيون ان الحكومة قررت اتخاذ موقف متشدد حيال "الحركات الضالة" باعتقال المنتمين لها والمروجين لافكارها وتسليمهم للقضاء.

وقال المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ للصحافيين ان حركة احمد الحسني اليماني منحرفة وضالة استنادا الى مراجع المسلمين (...) واصبح لزاما على الحكومة ان تلاحقها وتحظر نشاطها وتعتقل كل من يروج لافكارها او ينتمي اليها لتقدمهم للقضاء. بحسب فرانس برس.

وتابع الدباغ ان، حركة اليماني مهدوية تحاول تضليل البسطاء باستغلال اسماء ورموز مقدسة عند المسلمين (...) كان اليماني على اتصال برئيس مجموعة جند السماء الكرعاوي الذي قتل العام الماضي.

واكد الدباغ، هناك اربع او خمس حركات مهدوية رصدتها الاجهزة الامنية لكننا لا نتعرض لها حتى حركة اليماني كنا نعرفها واخذنا تعهدات منها بان لا تستخدم العنف لكنها اخلفت.

ويقول مسؤولون ان اليماني يدعي قيام الحجة (المهدي المنتظر) في العاشر من محرم (عاشوراء) حيث يجب قتل العلماء والمرجعيات الدينية تمهيدا لظهوره.

ويوضحون ان هذا الشخص ظهر مع جماعته للمرة الاولى في منطقة السهلة في الكوفة (150 كلم جنوب بغداد) العام 2004 وتمكنت القوات الاسبانية انذاك من قتل اتباعه لكنه تمكن من الهروب الى البصرة. وطبقا لمصادر امنية يدعي البصري انه السفير او النائب الخامس للامام المهدي المنتظر.

من جهته قال اللواء حسين كمال وكيل وزارة الداخلية، عندما بدأت الاحداث المؤسفة في الناصرية والبصرة (...) تم القبض على رؤوس الفتنة واجريت تحقيقات معهم (...) غالبية المغرر بهم من كانوا من البسطاء والمعدمين.

بدوره قال مدير عام عمليات وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف ان اعمال العنف تزامنت في محافظتي البصرة وذي قار (...) تصدت قواتنا الامنية لهم فبدا المنحرفون باستهداف المواكب الحسينية.

واضاف، بلغ عدد قتلى الجماعة في البصرة 35 قتيلا و172 معتقلا وخسرنا سبعة شهداء وفي الناصرية بلغ عدد قتلى الجماعة ستة واعتقلنا 206 اشخاص وكانت خسائرنا عشرة شهداء.

الصافي يحذر من دعاوى "مُدعي المهدوية" 

من جهة اخرى حذر ممثل المرجع الديني السيد علي السيستاني في كربلاء من الانسياق وراء من يدعي بخروج الإمام المهدي الإمام الثاني عشر لدى المسلمين الشيعة معتبرا ذلك استغلالا لعواطف الناس ومحاولة لفصل المسلمين عن مراجعهم الدينية.

وقال السيد احمد الصافي في خطبة، الجمعة، التي اقامها في الصحن الحسيني أن هناك جماعات في أماكن عديدة من العراق، تدعي صلتها بالإمام المهدي وهم بذلك يستغلون عواطف الناس ويحاولون تضليلهم وإبعادهم عن مرجعياتهم الدينية.

وأضاف أن هؤلاء يستندون على أوهام ولا يمتلكون إي دليل على دعاواهم، وعلى المواطنين عدم تصديقهم أو السير خلفهم لمجرد أمور عاطفية دون أن يتحققوا من صدقهم من خلال المراجع الدينية.

وأشار إلى أن ما يلفت النظر في هؤلاء المدعين أنهم جميعا يحيلون الناس في قضية تصديقهم إلى أشياء مجهولة، مثلا إحالة الدليل إلى مرجع ليس على قيد الحياة كي لايمكن التأكد من إدعائه أو يحيلون الناس على شخصية لا يمكن اللقاء بها.

ولفت إلى أن مثل هذه المحاولات الهدف منها عزل الناس عن مراجعهم الدينية عبر اتهامهم بأنهم علماء السوء الذين سيقوم المهدي بقتلهم.

وتحدى الصافي من يدعي المهدوية بأن يأتي بدليل واحد على صدق دعواه، مبينا أن هذه الدعاوى تخالف القواعد التي وضعها الأئمة لمعرفة حقيقة الأمام المهدي.

وأعرب الصافي عن عدم تصديقه لهولاء حتى لو رأى احد هؤلاء المدعين الذين اسماهم "بالدجالين" يطير.. لأنها ليست الدليل على صدقه وربما تكون ضربا من السحر.

وطالب الصافي الباحثين والمحققين في القضايا الإسلامية إلقاء الضوء على هذه القضايا ومنها قضية الإمام المهدي. ورأى الصافي أن أياد خفية تقف وراء هؤلاء تسعى إلى تفتيت الجسد الإسلامي.

محللون: الفقر والجهل وراء ظهور (الحركات المهدوية)

وشكل ظهور واختفاء الحركات المهدوية، خلال السنوات الأخيرة، ملمحا بارزا من ملامح المشهد العراقي، خصوصا مع اتخاذها أساليب عنيفة في الترويج لأفكارها مثل حركة (جند السماء) التي دخلت في مواجهات مسلحة مع الأجهزة الأمنية في ذكرى (عاشوراء) من العام الماضي، وحركة أحمد الحسن اليماني التي خلفت اشتباكاتها مع القوات العراقية مئات القتلى والجرحى في البصرة والناصرية، في المناسبة نفسها هذا العام.

وتعددت طروحات الباحثين والساسة حول أسباب نشوء تلك الحركات، ففي حين يرى باحث أن جاذبية وغموض فكرة "المنقذ.. أو المخلص" وغياب التثقيف حول فكرة "المهدي المنتظر"، هي التي تدفع فئات معينة إلى الإنخراط في هذه الحركات المتطرفة، يرى آخرون أن الفقر وسوء الأضاع المعيشية يمثلان السبب الأبرز في اتساع هذه الظاهرة.

ويرى النائب عن كتلة الائتلاف العراقي الموحد حميد المعلة، أنه من غير المستبعد أن تكون هناك جهات خارجية تعمل على بروز هذه ظاهرة الحركات المتطرفة، سعيا الى عدم استتباب الامن في العراق، معلنا رفضه للأصوات التي تحمل الحكومة العراقية مسؤولية ظهور هذا النوع من الجماعات.

ويضيف المعلة، في حديث مع وكالة  أصوات العراق، أنه من المهم دراسة هذه الظاهرة  بطريقة علمية ودقيقة، لمعرفة الاسباب الحقيقية التي جعلتها تتنامى يوما بعد اخر، وبهذا الشكل الخطير.

الباحث في الدراسات الاسلامية قاسم جبار، يرى ان الدراسات التي تناولت الحركات المهدوية ما زالت بعيدة عن الوصول الى حقيقة هذه الظاهرة، فهي برأيه تعتمد على شخصيات غامضة وعناوين مرمزة، تتمكن في النهاية من استقطاب مريديها من داخل الفئات المتدنية الثقافة، وهم الأكثر إندفاعا في اعتناق الأفكار المتطرفة.

ويضيف جبار أن الحركات المهدوية برزت الى سطح الاحداث عقب سقوط النظام السابق في نيسان ابريل 2003"، محيلا الظاهرة إلى "جاذبية فكرة المخلص أو المهدي المنتظر ( الإمام الثاني عشر عند المسلمين الشيعة) الذي ينشر العدل بدلا من ظلم الحاكمين، وهو ما استندت إليه الحركة اليمانية التي أثارت العنف في مدن الجنوب خلال الأسبوع الماضي.

وقال وزير الأمن الوطني العراقي شيروان الوائلي، في تعقيب له على الأحداث الأسبوع الماضي، إن حركة اليماني تدعي ظهور  الإمام المهدي في اليوم العاشر من شهر المحرم، وكانت تنوي قتل رجال الدين ورجالات الدولة في هذا اليوم.

وتقول مصادر عليمة إن تنظيم أحمد اليماني هو مجموعة شيعية تطلق على نفسها اسم  أنصار المهدي، ويرأسها شخص يسمى أحمد بن الحسن، ويطلق على نفسه لقب "اليماني".

ولفت وزير الأمن الوطني إلى أن جماعة اليماني كانت تمارس نشاطها في العراق منذ سنوات، إلا أن الحكومة تركتها بناءً على مبدأ حرية الفكر والعقيدة، موضحا أن الأجهزة الأمنية  استطاعت القضاء تماما على تلك الجماعة، بعد أن استعملت إسلوب القتل ضد العراقيين.

ومن غير المعروف، حتى الآن، مصير ( أحمد بن الحسن اليماني) زعيم الجماعة، والذي كان يظهر علنا وسط أتباعه قبل الأحداث. وتقول مصادر أمنية إنه هرب واختفى عن الأنظار.

ويعود الباحث قاسم جبار ليقول، حركة أحمد بن الحسن اليماني هي من أسبق الحركات التي ظهرت في العراق، مطلع العام 2004، وتعتمد على فكرتين احداهما هي ان اليماني هو ابن الامام المهدي، والثانية تقول إنه اخر سفراء المهدي  للتبشير بقرب ظهوره.

ويكشف جبار عن أن شخصية أحمد الحسن اليماني مازالت غامضة، وليس (عمليا) هناك نتاجات يمكن الاستناد عليها في فهم شخصية اليماني سوى كتاب منسوب إليه يحمل عنوان (العجل)، وشريط تسجيل بصوته، وكلاهما يكشفان عن سذاجة الطرح الذي يقدمه، ويشيران إلى إمكانية أن يكون  اليماني طالب سابق وغير ناجح في إحدى مجالات الدراسات الدينية.

ويلفت الباحث إلى أن  اتخاذ اليماني لـ ( النجمة السداسية) شعارا له دون أن يخشى من أي رد فعل معاكس قد يسببه هذا الشعار، وهو شعار الدولة العبرية ( إسرائيل)، إضافة الى الامكانات المادية التي تمتلكها حركته مثل سائر الحركات المهدوية الأخرى، يدفع بالضرورة الى الاعتقاد بانها حركات (مصنوعة) لتمرير مجموعة أفكار، وتقويض أي فرصة لاستقرار الاوضاع في جنوب العراق.

ويوجز جبار المشتركات التي تجمع حركة اليماني بالحركات المهدوية الأخرى، في أنها  تعتمد على الفئات العمرية الصغيرة، سواء على صعيد القيادات أو الاتباع، مضيفا بأن  الشخصيات المهدوية هي، في الغالب، شخصيات مغمورة اجتماعيا وسياسيا ودينيا، وقريبين من الأوساط الدينية دون الحصول على شهادات أو تحصيل علمي مقبول.

ويمضي جبار  قائلا، هناك حركة أكثر خطورة، بدأ نشاطها يتنامي خلال الأشهر الاخيرة في بغداد ومدن الوسط، وهي حركة حبيب الله المختار.. والتي يدعي القائم بها إلى ما يسميه (ثورة الحب الإلهي)، وأفكاره تتلخص في أنه (بعد فشل كل المذاهب والديانات قمنا بهذه الثورة التصحيحية للصول إلى الله مباشرة)، وهذا يعني محاولته نسف كل المذاهب والديانات، وهو ما يجعله يقترب، إلى حد بعيد، من الحركة الماسونية التي تنتهج نفس الطرح.

ويختم الباحث حديثه بأن الحركات المهدوية  لن تنقطع خلال الفترة القادمة، إن لم تكن أساسا مرشحة للتوسع وشغل حيز كبير من الأحداث في العراق في السنوات المقبلة.

أما الباحث سعيد عبد الهادي، فيحيل ظاهرة  الحركات المهدوية إلى سنوات القمع الطويلة التي تسببت قي غياب الفاعلية الثقافية على المستوى السياسي، والعودة إلى هيمنة الطقوسي – الشعبي، فضلا عن الدمار الاقتصادي الكبير الذي خلق هامشا اجتماعيا كبيرا طوق معظم المدن الكبرى.

ويضيف عبد الهادي قائلا لـ  أصوات العراق، إن هذا الهامش هو المتحكم الفعلي بمصائر هذه المدن بعد سقوط النظام السابق، نتيجة لتغلغل ثقافة العنف في تربيته الاجتماعية، ودورها في تغذية حلقة العنف من خلال تأكيدها على اقصاء المرجعيات الثقافية، وحتى الدينية المعتدلة.

ويتابع، في جو كهذا، كان من الطبيعي ولادة مرجعيات ترتبط بالأمام المهدي المنتظر مباشرة، على العكس من المرجعيات الشيعية التقليدية التي حافظت على الفاصل الزمني واحترمته.

ويقول الباحث لايمكن أن نتصور نشوء هذه الحركات على أنها نتيجة للصراعات الإقليمية في العراق وعليه فقط، فهذه الصراعات دعمت وعززت من قدرة حركات متطرفة أنجبها الواقع الاجتماعي العراقي نفسه.

عن شبكة النبأ




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=109
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 07 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28