• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصحفي ...ولعبة الغميضة !! .
                          • الكاتب : عبد الهادي البابي .

الصحفي ...ولعبة الغميضة !!

مسكين الصحفي ..فهو دائماًً يقع في المواقف العصيبة التي لا يحسد عليها ،وعلى قول المثل الشعبي :( تجيه التهايم.. وهوه نايم )! فعندما يصرح المسؤول الحكومي بخبر ٍجديد (تازة )، أو يَعِدُ الشعب (بمواعيد  عرقوب ) التي لا نهاية لها ،يلتقط الصحفي المسكين ذلك الخبر، حاله حال المتأملين بذلك المسؤول كل خير وأمانة ومصداقية , فيُطّيب ذلك الخبر، ويعطرّهُ ويزينهُ (ويرش عليه بعض البهارات والمقبلات الصحفية ) ثم يقدمه وجبه ساخنة للقراء المتلهفين ،وبعد أن ينتشر الخبر في الصحف أو في الفضائيات ، وتُبنى عليه الآمال العريضة والأحلام الكبيرة  من قبل الكثير من  المواطنين البسطاء ،يخرج مسؤولٍ آخر فينقض خبر تلك الصحيفة التي نشرت الخبر، ويكّذِبْ موضوع ذلك الصحفي ، ويطالب الصحافة أن تكون دقيقة وأمينة في نقل الأخبار..!! وبدل أن يطالب هذا المسؤول زميله الأول أن يعتذر للناس عما صدر عنه من تصريح غير دقيق ، إلاّ أنه وبحكم الأخوة  المسؤوليـــــــة والمناصب المشتركة ( وتقاليدها وأعرافها وآدابها ) يطالب الصحيفة أن تعاقب ذلك الصحفي المسكين، وأن تكتب موضوعاً جديداً تُكّذبُ فيه خبرها الأول وتعتذر من القراء !! وربما يذهب هذا المسؤول الى أبعد من ذلك حينما يطالب تلك الصحيفة أن تقوم فوراً بتعويضه ( أخلاقياً ومهنياً ومادياً ونفسياً وأعتبارياً )  لأن - وحسب أدعائه- ذلك المسؤول المحترم  قد أنتهكت حرمته وأسيء إلى سمعته !! فهو ينطبق عليه المثل المصري المشهور: [ ضربني وبكى ...وسبقني وأشتكى !!
وعليه أصبح من اللازم على كل صحفي أن يعرف فن صناعة الأخبار الصحفية [بكل حيلها ومكرها ودهائها ] خصوصاً مايتصل بالقضايا السياسية والتصريحات النارية   التي يكون موقف الصحفي منها على طرفي نقيض من موقف وأرادة المسؤول ،وعليه كذلك أن يعيش واقعية القاعدة الصحيحة في كل خبر،  فعليه قبل أن يتحرك أن يدرس شخصية المُخبِر مهما كان موقعه , هل هو ثقة في القول ؟ أو ليس بثقة ؟ وعليه أن يتعمق في دراسة الخبر ، فربما يكون لهذا الموضوع الصغير والخبر القصير صدى واسع وأثر كبير لدى الناس , لأنه يكون مقبولاً عندهم فيأخذونه ويتفاعلون معه من دون وعي، لأن هذا الخبر الجديد قد صادف هوى في نفوسهم ، وأثار حساً شعورياً في داخلهم..
ومسألة الخبر الصحفي أصبحت متصلة بتركيبة الواقع الأجتماعي والسياسي والنفسي والأمني للناس , ونحن نعترف بأن بعض هذه الأخبار ( الغير دقيقة)  قد تربك المجتمع وتشغله بقضايا هامشية لأيام طويلة فينسى القضايا الكبيرة التي تهم مستقبله في قبال القضايا الصغيرة ،وهذه الأمور يدركها الكثير من الأخوة الأعلاميين والصحفيين ، ولايمكن أن تنطلي عليهم بعض الأمور التي قد توقع بهم وتجعلهم في مواقف حرجة ..  ولكن نعود إلى أصل  الموضوع وهو :  ماهي جريمة الصحفي الذي ينقل الخبر من أفواه المسؤولين الذي يعتقد الناس أن في أقوالهم  الصدق كله ، والخير كله، والحقيقة كلها  !!؟
فلقد عشنا في تاريخنا في كل هذه السنين تجارب كبيرة في هذه الحياة ومنها  أن مشكلة الصحافة هي مشكلة الذي يصنع الخبر ،وليس الذي ينقل الخبر ، ولاشك في أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الصانع وليس على الناقل ،وما على الأخير من ذنب إلاّ أنه ينقل الحقيقة كما هي دون تزويق أو تزييف ، ولكن المسكين - وبدافع الثقة العالية بالمسؤول - ينسى أحياناً  أن يلعب معه لعبة (الغميضة السياسية ) التي تحتاج إلى المكر والدهاء والتي لايمتلكها لسوء الحظ الصحفي المسكين  !!
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11138
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19