• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اخلاص النفس شرط ابداعها .
                          • الكاتب : علي التميمي .

اخلاص النفس شرط ابداعها

النفس كالفرس الجموح، تحتاج الى وقت وجهد كي يسهل تسييسها وقيادها، ومتى ماكان ذلك كانت اطوع من اليدين، وهناك الكثير ممن عرفوا بترويض النفس، بحيث لو أمروا انفسهم بعدم شرب الماء لأمتنعت، ولو أقحموها بالنار لأقتحمت، وبالنفس لايصح الجمع بين التسامي والتسافل، فكلاهما على طرفي نقيض، الا اذا صح وضع قطع النار في الثلاجة، لان طبيعة الظرف لاتتناسب وطبيعة المظروف، لما اشتملت عليه طبيعتهما من الاختلاف .

هناك نقطة مهمة اخرى، وهي حتى يكون المحل قابلا لاستقبال الفيوضات الربانية، لابد ان يكون صقيلا مشذبا عن كل شائبة، ولا يكون ذلك إلا برياضة النفس، وتطويعها وإجبارها على الصبر ومكابدة الهوى، والتغلب عليه، للنفس مكان واحد لايتسع للابداع والتكسب، في آن واحد لان حقيقتهما مبنية على التضاد والتنافر، فمتى ما استحكم أحدهما طرد الآخر، فكم من مبدع انتابته حمى وهوس المادة، فلم يبق للابداع محل يؤويه وغادر الى غير رجعة .

ولرب سائل يسأل لم بني التصور على عدم الجمع؟ والعقل لايمنع من ذلك، الجواب يكمن في حقيقة الابداع نفسه، فهو تمرد على القوانين او هو حالة من الالق، تتجه للأعلى على عكس المادة الداعية الى التثاقل واللصوق في الارض، كذلك يستحيل اقتران الابداع مع النوازع والمصالح الشخصية، فيعمل بذلك كالآلة المستخدمة لأستخراج الذهب من المناجم، بحيث تسحب الاحجار على اختلافها، على أمل ان يأتي معها ذلك المعدن النفيس، وهكذا يتحول المبدع من شعلة وقادة، الى نار لاتبقي ولا تذر لها فم يلتهم كل شئ .

عندها يبدأ بأستهلاك نفسه قبل غيره، لان ماهية الابداع اختلفت عنده، فبدل من ان تكون انتصارا على الذات، اصبحت انقياد وهزيمة، هنا يبدأ اسم المبدع بالتآكل الى آخر حرف منه، فالابداع يخبو شعاعه لحظة لمعان الذهب وبريقه في النفس، ولحظة ابدائها مراسم الخشوع للرغبات والهوى، فأخلاص النفس ونقائها وتجردها عن كل شائبة هو شرط ابداعها.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=111905
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 12 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20