• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : جنيات ح5 راحت فلوسك يا كرنوص ! .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

جنيات ح5 راحت فلوسك يا كرنوص !

كرنوص من اغنى اغنياء المنطقة , لكنه يعيش هو وعائلته كأفقر فقرائها , بسبب بخله , فهو يملك الكثير من العقارات والدكاكين , وتجبى اليه الايجارات في كل شهر , فيدخرها ولا يشتري لعائلته الكبيرة الا اليسير , ( قوت لا تموت ) , واكتفى بملابسه الرثة , واحتفظ بشكله وهيئته المتقشفه .
لكن خال اولاد كرنوص , شرشاب لم يعجبه هذا الوضع , فقرر الاتيان بحيلة يحتال بها على كرنوص , لتجعله ينفق على عائلته بل وحتى على نفسه , فأستعان ببعض الرجال من المنطقة , الذين رحبوا بفكرته كل الترحيب .
ذات ليله اصطحب شرشاب كرنوص الى مكان قريب من النهر , الذي يمر بالمنطقة , وجلسا هناك , حيث الاضواء خافته , والهواء الطلق , وقد اعدّ شرشاب الكثير من النكات الجميلة والحكايا المسلية , حتى تأخر الوقت , وكلما اراد كرنوص الانصراف , قاطعه شرشاب :-
-    بس هاي السالفة ! .
فمرّ رجلا كان يسير على الشارع , فألقى التحية على كرنوص فقط , فرد كرنوص عليه التحية , ولم يرد شرشاب , ومرّ رجلان اخران , وفعلا كفعلة الرجل الاول , فرد كرنوص ولم يرد شرشاب , وهكذا حتى جاء رجلا شابا , فتكلم مع كرنوص , غير عابئا بوجود شرشاب , فقال لكرنوص :
-    ها كرنوص ... اليوم متاخر لهاي الساعة ... وتحجي وتضحك ويه نفسك ... خير خو ما كو شي ؟ .
-    حبيت اشم هوى .
انصرف الشاب , ولم يهتم كرنوص بكلامه , واسترسل بالحديث مع شرشاب , واخيرا اصر على الانصراف , فقد شعر بالنعاس , وبدأ يتثاءب , نهض كرنوص من مكانه , وهمّ بالرحيل , رغم اصرار شرشاب , الذي نزع شماغه وعقاله , ورماهما في الهواء , وتناول بعض الحجارة ورمى بها كرنوص , الذي وقف مندهشا :
-    شرشاب ... هاي اشبيك !
-    كلشي ما بيه .. انه مو شرشاب ... انه جني ( طنطل ) .
-    اشلون !
-    ايه .. بس انته تشوفني ... ما شفت الناس يسلمون بس عليك ... ويحاجونك بس انته
-    انه اخو مزهر ! ... هلكول يكلولي تحجي وتضحك ويه روحك !.
-    اليوم ... اليوم .. اليوم ...وين اتروح مني !
فأطلق كرنوص ساقيه للريح , مولولا , طالبا النجدة , وشرشاب يجري خلفه , ويرميه بالحجارة , حتى وصل الى مجموعة من الرجال يجلسون في انتظار حدث ما , فلاذ بهم كرنوص , وطلب نجدتهم , فهبوا لنجدته , لكنهم سألوه عما جرى له ؟ , فأخبرهم بالخبر , واشار الى شرشاب , فتظاهر الرجال انهم لا يرون شرشاب , الذي تقدم نحو كرنوص , فطرحه ارضا , وهو يستغيث , فأعتلى شرشاب صدره :
- مو كتلك محد يشوفني .. بس انته تشوفني وتسمعني .
فاخبر كرنوص الرجال بأن الجني ( الطنطل ) جاثم على صدره , فردوا عليه انه لا يوجد شيء على صدره , فقال احدهم : 
-    كرنوص هاي مدينة والمدينة ما بيها طناطل  
قرر الرجال الرحيل , فرحلوا , وبقي شرشاب يعتلي صدر كرنوص , الذي يستغيث دون جدوى , الا ان قال كرنوص لشرشاب :
-    ايها الطنطل ... شتريد مني ؟
-    اوكي .. هذا هو المفيد ..
-    كول شتريد اسوي بس فك عني ياخه .
فأخرج شرشاب ورقة كان قد اعدها مسبقا , فيها قائمة كبيرة جدا , وأمر كرنوص ان يشتري كل هذه الاشياء له ولعائلته في صباح الغد , والا فأنه سيظهر اليه و يكيل له الضربات , فأمتعض كرنوص عند قراءتها , وطلب التخفيف , لأنها ستكلف مالا كثيرا , لكن شرشاب لم يقبل بالتخفيف .
                     **********************************
استيقظ كرنوص صباحا , اخرج الورقة , وهو يتحسر , ويتولول , ( راحت فلوسك يكرنوص ) , لكنه بين نارين , نار الجني الذي سيظهر له ان لم يف بالوعد , ونار البخل التي تتأجج في صدره , فأخرج مالا من حفرة كان قد حفرها في غرفته , عدّ المال جيدا , مرة , مرتين , وثلاثة , وانطلق نحو السوق , في حين ان شرشاب ورفاقه يراقبونه , فأشترى كل الاغراض والحاجيات في الورقة وعاد بها الى البيت , سلمها لزوجته وبناته , اللائي فرحن كثيرا , فتناولت الام اللحم والخضار والفواكهة وتوجهت نحو المطبخ , تملائها الفرحة , بينما البنات قلبن الملابس والقماش , لتختار كل واحدة ما ترغب , اما الاولاد فهرعوا نحو التلفاز والستلايت والاجهزة الكهربائية الاخرى .
حان موعد الغداء , فجلس الاولاد والبنات على المائدة الكبيرة , دون ان يتناول احد شيئا من الطعام , حتى وصول كرنوص , الذي انبهر من كثرة الطعام وتنوعه , وعدّ ذلك تبذيرا واسرافا , فجلس متمتما بعدة كلمات بصوت منخفض , ( راحت فلوسك يكرنوص ) , فطلبت زوجته ان يبدأ بتناول الطعام , كي يتناول الاولاد بعده , فقال بصوت تملئه الحسرة :-
-    اتغدو انتم !.... انه مالي نفس ... مو جوعان ! .
                       ************************************
ذات صباح , استيقظ كرنوص في حالة صحية يرثى لها , فطلبت منه زوجته ان يذهب للطبيب , فرفض , وطلب منها ان تحضر له قرص براستول وكبسول مضاد للالتهابات بدلا من ذلك , فألحت عليه دون جدوى , بل فضل البقاء على الفراش , فاتصلت زوجته بأخيها شرشاب , واعلمته بالموضوع .
وصل شرشاب ليلا , ودخل غرفة كرنوص وهو نائم , لا يشعر بشيء , فأوصد شرشاب باب الغرفة من الداخل , وايقظ كرنوص :
-    كرنوص ... كرنوص .
-    منو ؟ ..
-    لا تخاف ... اني الطنطل ! .
-    جا هو الطنطل يخوف ! ..... شتريد مني بعد ؟ ... اشلون دخلت ؟ .
-    ولك ليش ما تروح للطبيب .. وتتلاحك روحك .
-    انته شعليك ... اتفاقنا اصرف وابذر فلوس على عائلتي ... وصرفت وبذرت ... بس على نفسي انه حرّ .
-    ما كو واحد حر! ... مو بكيفك ؟ والله اراويك المنايه اذا ما تروح للطبيب باجر الصبح.
-    خوش .. جا باجر اروح للمركز الصحي .
-    ادور بلوشي ! .. لا   لا ... روح لطبيب خاص وعلى حسابك ... شنو انته فقير ! .
-    هوووهووووووو هووهوووووو .. ما كو داعي للتبذير !
-    ولك هذه مو تبذير ! ... صحتك اهم من فلوسك ... يا عص .. يا حصوة كربله ! .
حاول كرنوص النهوض , متظاهرا بأنه يريد الذهاب الى الحمام , ظنا منه انه سيهرب من الطنطل وملحته , فتح الباب , فشاهد اولاده يشاهدون التلفاز , حيث كان فيه احد الوعاظ يتكلم بحماس عن موضوع البخل , فنظر كرنوص الى التلفاز وليس الى الواعظ , وتمتم بصوت منخفض (راحت فلوسك يكرنوص ) , واستمر في مسيره الى الحمام , فتوقف فجأة عندما سمع الواعظ يقول :
( جاء عن الامام علي (ع) انه قال : 
 (( لله در البخل ما أعدله           بدأ بصاحبه فقتله ))
حيدر الحدراوي
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11278
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20