• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : أشخين ... .
                          • الكاتب : عيسى عبد الملك .

أشخين ...

كان شارع الأرمن على غير عادته ، هادئا ، خاليا من حركة المارة والسيارات. يعبق براحة ورود الجوري المزروعة على جانبيه . أجمل مساء ربيعي عرفته . خلوالشارع امر أثار استغرابي ، كيف حدث هذا وهو المكتظ دائما باسراب حسان بنات الأرمن مساءً !.
في شارع الارمن ، في مكان أحبه ، قريبا من شجرة سدر، اشتقت لرؤية أشخين. شوق عارم عصف بي حدّ الجنون والطيش. ربما هيأ لي القدر فرصة أن أراها فأخلى لي الشارع من الحركة. هل كفّ القدر عن مناكدتي ؟ ربما صالحني ، من يدري ؟ سرت في الشارع وحيدا. نظرت الى ساعتي . انها الخامسة مساءا. موعد جولة أشخين المسائية. منذ عام اعتادتْ أن تتمشى بأناة وزهو في شارع الارمن ، مساءا وحيدة. كنت أرصدها ، أعرف وقت وصولها للسدرة الوارفة.رحت أهيء نفسي للحظة اللقاء.هيأت ثلاث جمل وبيتين من شعرالغزل تليق بفنانة رسامة شاعرة جميلة ،تليق باشخين. وكما يفعل محضر الأرواح فعلت. جلست على مصطبة معزولة. رحت استحضرها. دفعا للقلق ، أبحرت عميقا في الماضي. قفيت ألأثر أبحث في دهاليز السنين ، كما يبحث غواص عن بقايا كنزسفينة غارقة ليجمعه.أوغلت بعيداعبر عقود. تصفحت الوجوه ونجحت. لملمتها جزءا جزءا. لملمت أشخيني .ها هي على مرمى حجر. تنتصب أمامي بكل مافي الجمال من سحر واناقة وهيبة ووقار. تقف بين شجرتين من أشجار الياس. يا لغبطتي ، أشخين على بعد مرمى حجر !.لقد حضرت أشخيني صرخت. يالها من معجزة ويالي من محظوظ !.شكرا أيها القدر، قلت بصوت عال غير عابيء بمن قد يسمعني .أنا هكذا، تمربي حالات جنون تقلق أمي. حالات مازالت ترافقني حتى الآن.برزت لي أشخين في العشرين .عيون عسلية بذات البريق تلمع.جديلة طويلة غليظة شقراء على الظهر تتأرجح.خدود مشربة بحمرة وشفاه ممتلئة ملمومة كوردة جوري .تمسك كتابا ووردة جوري.الوردة التي أحب. بدلة ناصعة البياض. على بعد شممت عطرها جاءت به الريح نحوي.تقدمت أشخين نحوي. كانت تطير فرحا كحمامة وتدندن { زغيرة كنت وانته زغيرون}. ركضت ملهوفا اليها هاتفا،أشخين، أيتها الرائعة الوفية العزيزة. لكنها كما تجفل غزالة خائفة جفلت ، تمهلت قليلا.حاولت ان اقترب. لا تقترب، أياك ،أحذرك. راحت بانفعال تصرخ. أنت لست هو، من أنت أيها العجوز؟ هو لم يكن كما أرى. في سورة غضب عارم ، مزقت أوراقي. داست على الرقى والتعاويذ فصعقت. كانت كما كانت ، مهرة برية صعبة المراس والترويض. يا إلهي ،ما بها أشخين ؟ من أثارها ؟ لماذا اختفت ؟..
،لقد حضرت وهذا عبق عطرها يملأ المكان ، ماذا حدث ؟ كيف لم امسكها ، أداعب جديلتها. مالذي حدث ؟.لقد نفذت تعاليم التعويذة والعزم بدقة. ما هو الخطأ ؟ يالي من محضر أرواح خرف . 
جلست مغموما اتمتم ، ولكن كيف نسيت ؟ كيف نسيت ؟
يا الهي لقد جنّ الرجل !،
نسيت ماذا، ماذا نسيت ؟
راحت زوجتي تلح بالسؤال .
خمشت خدها برعب وراحت تلعن الشيطان وتقرأ من قصار السور، تبسمل ثمّ تحوقل عاجزة !!
لم أجب زوجتي فقد كنت مشدوها احدق بوجهي تعكسه صفحة مرآة الحائط. عندها عرفت كل شيء.لقد نسيت أن أغير هيئتي ومعالم وجهي ساعة استحضار أشخين.ياله من غباء .لقد نسيت فعل حوافر خيل السنين عليه !!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=113433
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 01 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16