• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ابو هريرة ... شيخ المَضرّة .
                          • الكاتب : حميد آل جويبر .

ابو هريرة ... شيخ المَضرّة

تروي لنا صفحات التاريخ شواهد عن عصاميين انتقلوا باحترامهم نعمة العقل التي حباها الله للانسان ، من مخلوقات تعيش على هامش الحياة وارصفتها، الى عباقرة تأثروا بهذه الحياة وأثروا فيها ايما تاثير. والامثلة على هذه النماذج تكاد لا تحصر لكثرتها، فهي موجودة في كل عصر ومصر. وامثال هؤلاء لا يتنكرون في الغالب لماضيهم بل يعتبرونه جزءا مهما في مرحلة الاعداد للانتقال من هامش الحياة الى التاثير فيها ، ولنا في التاريخ الاسلامي باختلاف رواته ورواياته اكثر من اسوة حسنة في هذا المضمار . لنر الان هل يدخل المحدث والمفتي ابو هريرة في قائمة هؤلاء العصاميين، فهو الاخر بدأ رحلته الشاقة من القاع او دونه الى ان نال "المجد" من اطرافه فاصبح يحدث ولا حرج ويفتي فيُعمل بفتواه . وصاحبنا ان أجمع المؤرخون على انه من أزد اليمن ، فانهم اختلفوا في اسمه واسم ابيه على اكثر من ثلاثين رواية . لذا طغى اسم ابي هريرة على سائر الاسماء واُلحق به فيما بعد لقب "شيخ المضيرة" وهو لقب كما سنعرف لاحقا يجلب لصاحبه العار والشنار اكثر من المجد والفخار لانه لا يرتبط بعلم او معرفة بل بطبق دسم اشتهرت به موائد اللعين معاوية بن ابي سفيان عندما كان يُغدق على متملقيه المال الحرام والمأكل السحت. يحكي ابو هريرة عن نفسه انه كان يربي هرة يتركها في الشجرة عندما يطبق الليل بعد نهار يمضيه في رعي الغنم فكنوه بها. ويُروى انه بعد اسلامه خاطبه الرسول الكريم بهذه الكنية عندما كان يعيش حياته المزرية بين اصحاب الصفة. كما تروي لنا صفحات التاريخ ايضا ،ان اكارم الصحابة ومنهم الخليفتان الاول والثاني ، كانوا يحتقرون ابا هريرة لوضاعته بل يحرمونه حتى مما يبذلونه للفقراء والمساكين وانهم اغلقوا ابوابهم في وجهه اكثر من مرة عندما لحقهم الى بيوتهم طالبا ما يسد رمقه به ، وقيل ان ام المؤمنين السيدة عائشة وصفته ذات مرة بالمهذار . هذا الوصف جاء بعد ان اصبح لصاحبنا شأن بين المسلمين . اما قبل ذلك ، فان السيدة عائشة كانت تستكثر حتى تقريعه لانه لم يعدُ كونه شحاذا مبتذلا همُّهُ علفُهُ كما يقال . كما ان الخليفة الثاني الذي منعه التحديث اكثر من مرة وصفه ذات يوم بعدو الله وكتابه ، بعد ان اتهمه بسرقة بيت المال . اما ابان بن سعيد بن العاص فقد زجره في حضرة الرسول الكريم عندما خاطبه قائلا : واعجبا لوبر تدلى علينا من قدوم ضان . وينقل الرواة عن ابي هريرة قوله : اني كنت امرأ مسكينا اصحب رسول الله على ملء بطني ، وفي رواية لشبع بطني". وصاحبنا الذي التحق بركب المسلمين اثر تنامي شوكتهم بعد فتح خيبر كان اميا لا يقرأ ولا يكتب ، همه سد حاجة بطنه بالاستعطاء فيُمنح مرة ويُمنع مرات ، حتى انه كان يغمى عليه جوعا وهو بقرب مسجد الرسول فتوطأ عنقه. وقد سخّر الله له نفرا من كرماء بني هاشم ليدفعوا عنه غائلة الجوع وكان ابرزهم جعفر بن ابي طالب الذي كان يلقبه الرسول الكريم محمد -ص- "ابو المساكين " فكان ابو هريرة يفضل جعفرا علي اخيه علي وابي بكر وعمر مجتمعين . وعندما يئس النبي من مسحة خير في الرجل ارسله الى البحرين قبل ان يَمضيَ عامان على اسلامه وهناك اصبح مؤذنا يسترزق من هذه المهمة التي لا تتطلب كثيرعناء ولا قليل . وثمة اجماع على ان صاحبنا لم يشترك في اي مواجهة عسكرية بين المسلمين واعدائهم خلال الفترة التي امضاها في المدينة. وفي عهد الامام علي "عليه السلام" كان يأكل على مائدة معاوية ويصلي خلف ابي الحسن ، وحيث يشتد اوار معركة صفين تراه يلجأ الى جبل يعصمه اوار الحرب الضروس وهو لا يتردد في ان يقول : مضيرة معاوية أدسم ، والصلاة خلف علي افضل . ولعل تسمية ابي المضيرة جاءت من شدة ولع شيخنا ابي هريرة بهذا الطبق الفاخر الغائب عن مائدة علي ، والمتوفر بسخاء في موائد معاوية الملونة . ونقل عن ابي هريرة دعاءه : اللهم ارزقني ضرسا طحونا، ومعدة هضوما ودبرا نثورا . وقد استلهم الاديب الكبير بديع الزمان الهمداني احدى مقاماته من ولع ابي هريرة بالمضيرة فسماها المقامة المضيرية .ترى كيف ينتقل هذا الامي المعدم المتطفل على موائد اللئام من تربة اصحاب الصفة ، الى رتبة المحدث الاول في الاسلام وهو لم يصحب الرسول اكثر من عامين قضاهما حيث يقضي اهل الصفة ايامهم. ومن هوان الدنيا على الله ان يصبح صاحبنا محدث الاسلام الاول عن الرسول الكريم في كل باب، وعلينا تصديق احاديثه التي تجاوزت الالاف وبناء منظومتنا الفقهية عليها . ولاني على يقين بان كل كارثة حلت ببني الاسلام يقف وراءها بنو امية وخلفاؤهم في هذا العصر، فان قصة الصعود الكارثي لشيخنا المحدث ستجد خلفها الف ذراع لهذه الشجرة الملعونة في القران. والا كيف استطيع ان اقنع نفسي بان عليا بن ابي طالب الذي صحب النبي منذ كان في السابعة من عمره الى ان قُبض الرسول وهو في حجره ينقل عنه الرواة دون ثلاثين حديثا اغلبها لا يمت للتشريع باي صلة بينما تجاوزت روايات شيخ المضيرة الخمسة آلاف في اقل الاحتمالات طبعا بعد الفحص والتمحيص والتشذيب. وبعد كل ذلك نجهد انفسنا في البحث عن اسباب انهيار الاسلام والمسلمين. ان امة تدير ظهرها لعلي وهو قرآنها الناطق وتستقبل ابا هريرة وامثاله لَحَرِيَةٌ بان تُسقى الطاعون غصة غصة وتسام الخسف لحظة لحظة، الى ان يرث الله الارض ومن عليها 

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11428
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28