• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كيف قبل الله سبحانه أن يُدفن ابو بكر وعمر جنب النبي ص إذا كان الله غير راضٍ عنهما ؟ .
                          • الكاتب : عامر ناصر .

كيف قبل الله سبحانه أن يُدفن ابو بكر وعمر جنب النبي ص إذا كان الله غير راضٍ عنهما ؟

المشيئة وألإرادة
ما معنى الإرادة و المشيئة بالنسبة إلى الله تعالى ، و ما الفرق بينهما ؟
المقصود من قولنا " أن الله مُريد " هو أنه تعالى مختارٌ و ليس بمجبورٍ و لا مضطرٍ ) أما الإرادة ـ بمعناها المعروف في الإنسان و الذي هو أمر تدريجي و حادث ـ لا مكان لها في الذات الإلهية المقدسة ، بل يجب تجريدها ـ أي الإرادة ـ من شوائب النقص و حملها على الله بالمعنى الذي يليق بساحته ، مُجردة عن سمات الحدوث و الطروء و التدرّج و الانقضاء بعد حصول المراد ، فان ذلك كله من خصائص إرادة الإنسان ، و لإستلزام ـ الإرادة بهذا المعنى ـ طروء الحدوث على ذاته سبحانه و تعالى .
من أجل هذا وُصفت الإرادة الإلهية في أحاديث أهل البيت ( عليهم السَّلام ) بأنها نفس إيجاد الفعل و عينُ تَحقّقهِ ، منعاً من وقوع الأشخاص في الانحراف و الخطأ في تفسير و توضيح هذه الصفة الإلهية .
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ 1 ( عليه السلام ) : أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللَّهِ ، وَ مِنَ الْخَلْقِ ؟
قَالَ ، فَقَالَ : " الْإِرَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ الضَّمِيرُ وَ مَا يَبْدُو لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفِعْلِ ، وَ أَمَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَا يُرَوِّي وَ لَا يَهُمُّ وَ لَا يَتَفَكَّرُ ، وَ هَذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ وَ هِيَ صِفَاتُ الْخَلْقِ ، فَإِرَادَةُ اللَّهِ الْفِعْلُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ ، يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ بِلَا لَفْظٍ وَ لَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ وَ لَا هِمَّةٍ وَ لَا تَفَكُّرٍ وَ لَا كَيْفَ لِذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا كَيْفَ لَهُ .
إذن فوصفُ الله سبحانه و تعالى في مقام الذات بأنه مريد يكون بمعنى أنه مختار ، و وصفه به في مقام الفعل يكون بمعنى أنه مُوجِدٌ و مُحْدِث .
ثم إن ما يمكن تصوره بالنسبة إلى الفعل الصادر عن الفاعل هو إحدى الصور الأربعة التالية :
1. أن يكون الفاعل فاقدا للعلم ، و هو لا يجوز بالنسبة إلى الله تعالى .
2. أن يكون الفاعل عالماً فاقدا للإرادة و هذا لا يجوز أيضا بالنسبة إلى الله تعالى .
3. أن يكون الفاعل عالماً و مريداً و لكن عن كراهة لفعله و ذلك لأجل وجود قدرة قاهرة عليه مثلاً ، أو لأنه ليس أمامه إلاّ أحد أمرين ، إما الفعل و إما الترك ، و هذا لا يجري على الله تعالى كما هو واضح .
4. أن يكون الفاعل عالماً و مريداً راضياً بفعله ، و فاعلية الباري سبحانه و تعالى تكون من هذا النوع ، فهو فاعل مريد مالك لزمام فعله و عمله ، يقول سبحانه و تعالى في القرآن الكريم : ﴿ ... وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ... ﴾ 3 .
الفرق بين الإرادة و المشيئة :
أما بالنسبة إلى مشيئة الله تعالى فالظاهر أن الإرادة و المشيئة متحدان في المعنى رغم اختلاف التسمية ، و إلى هذا الرأي تشير بعض الروايات المروية عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) منها قول الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) : " و أعلم : أن الإبداع و المشيئة و الإرادة معناها واحد و أسماؤها ثلاثة .
و هناك تفسير أخر للإرادة و المشيئة و هو أن الإرادة هي أمر الله تعالى ، و إليه تشير الآية الكريمة : ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ ، أما المشيئة فتعني أن الله تعالى قادر على منع العباد عن ما يريدون فعله و هم غير قاهرون لله تعالى ، بمعنى أن إرادتهم غير خارجة عن نطاق القدرة الإلهية بل محدودة ضمن المشيئة الإلهية ، و إلى هذا تشير بعض الروايات المروية عن أهل البيت ( عليهم السَّلام ) :
عن أبي الحسن ( عليه السَّلام ) : " إن لله إرادتين و مشيئتين : إرادة حتم و إرادة عزم ، ينهى و هو يشاء و يأمر و هو لا يشاء ، أوَ ما رأيتَ الله نهى آدم ( عليه السَّلام ) و زوجته أن يأكلا من الشجرة و هو شاء ذلك ، إذ لو لم يشأ لم يأكلا ، و لو أكلا لغلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى ، و أمر إبراهيم بذبح ابنه و شاء أن لا يذبحه ، و لو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله عَزَّ و جَلَّ )( الشيخ صالح الكرباسي )
من كل ذلك نفهم أن ألله سبحانه عندما ينهى عن شيء كما في نواهيه في كتابه العزيز كانت مشيئته سبحانه قائمة على إعطاء حرية ألإختيار للعبد في فعل الفعل أو تركه ليجزي الله سبحانه المطيعين ويعاقب العاصين ، وإلا لو أجبر العباد على الفعل أو الترك لما صح منه تعالى العقاب والثواب ، فهو سبحانه عندما نهى عن دخول بيوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ )ألأحزاب ، لم يكن نهيه إلا مع مشيئته سبحانه بحرية المؤمنين في إختيار أعمالهم ، والدار دار إمتحان وليست دار ثواب وعقاب ، فالله سبحانه أراد لإنبياءه عليهم السلام أن يؤدوا رسالاتهم بأكمل وجه ، ولكن مشيئته كانت أن يفعل الناس ما شاءوا ، ولا يعني ذلك أن مشيئة الناس غلبت مشيئة الله سبحانه فهو القائل (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)يوسف .
لنعد الى موضوع هل أن الله رضي أن يدفن أبو بكر وعمر في بيته أم لا ؟
1- لا يوجد ما يشير ويؤيد ذلك في كتابٍ ولا سنةٍ
2- ليس لإحد من زوجاته صلاحية السماح بذلك ، وإن قلنا أنها تملك إرثا في الدار ، فقد ثبت عند أهل السنة أن ألأنبياء لا يُورثون
3- وإن إفترضنا جدلاً أن لإحداهن إرثا فإرثها لا يتعدى الشبرين من ألأرض ( ثُمُنُ التُسُعِ ) في حجرة لا تتعدى مساحتها 2×2 متراً مربعاً ، وهو يساوي 0,08 مترا مربعاً فهو لا يتعدى الشبرين كما قلنا .
4- يذكر أهل السنة أن النبي ص قد مات في بيت عائشة ودُفِن فيه ، إذاً كيف باعته الى معاوية ؟ ( قال ابن سعد في (الطبقات ج8 ص165): قال ابن أبي سبرة: فأخبرني بعض أهل الشام أن معاوية أرسل إلى عائشة أنت أحق بالشفعة، وبعث إليها بالشراء واشترى من عائشة منزلها يقولون بمائة وثمانين ألف درهم ويقال بمائتي ألف درهم، وشرط لها سكناها حياتها وحمل إلى عائشة المال فما رامت من مجلسها حتى قسمته. )
* قضية عدم رضا الله سبحانه عن أبي بكر وعمر
1- هناك الكثير من ألآيات الدالة على عدم رضا لله سبحانه عنهما : أولاً قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)الحجرات ، وقد أجمع أهل السير والحديث وخصوصا البخاري وأهل التفسير من أهل السنة أنها نزلت فيهما ، وقد تكرر فعلهما هذا أكثر من مرة ، ثانيا قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)الأنفال ، وقد ثبت من تاريخهما أنهما فرا من جميع المعارك ، ثالثا عصيا أمر رسول الله سبحانه في الذهاب في جيش أُسامة وتخلفهم عنه حسب ما جاء في جميع كتب السنة .
فيكون دفنهما بجانب النبي ص معصية منهما وممن سمح بذلك .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=114411
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 01 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28