• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : جروح هيفاء ، والمشگ .
                          • الكاتب : حارث العذاري .

جروح هيفاء ، والمشگ

استطاعت ( هيفاء ) وبجدارة ان تلاشي قناعتي بجلادة قلبي حينما ( انتزعت ) الدموع من عيني وانا احدق بتقاسيم جبينها المترّب ،
( هيفاء ) تعيش صباحا ومساءا مع مجموعة من الأماني المجروحة التي تدخل اصغرها ضمن زاوية ( استحاله العيش ) عند اقرانها من الفتيات !
( هيفاء ) لم تكن طماعه في الجواب حينما سألتها وكنت لازلت منجذبا لشحوبه جبينها :
ماذا تحتاجين ؟
قالت بصوت خفي :
عمو أني بردانة ، وأختي مريضه وما عندنا صوبه .
حينما قالت هيفاء ذلك كرهت ( صوبات ) بيتي وكل صوبات العالم وشعرت بقباحه اي ( اختراع ) بشري يكون حكرا على بعض البشر ويكون ( حلما ) للطرف الاخر وهو من ضروريات حياة الطرفين !
اطرقت للارض بينما هي كانت تدير بوجهها باتجاه الغرفه الوحيدة ( الباردة ) التي كانت بوسطها اختها ( المعوقة ) ملتفه باشكال ( الخرق ) طلباً للدفئ !
ثم قلت : ماذا كان غدائكم اليوم يا ( هيفاء ) ؟
لم تقل شيء !
سكتت هيفاء ، لكن عيناها قالت لي صارخه :
انا جائعة !
لم اتغدى من بقايا طعام ارسلته لنا جارتنا الطيبة وذلك لاني تركت حروف الخبز و( البتيته ) لأختي المعوقة ، لانها بحاجه لذلك اكثر مني .
عرفت من عيناها سبب الشحوب في وجهها وعرفت لماذا تظهر البقع البيضاء بخدودها الناعمتان ، انه الجوع !
وها هي ( هيفاء ) تمضي اياما وليالي جائعة او شبه جائعة ، الا اللهم ايام زيارة الاربعين حيث ينعمون بانواع الطعام التي تجلبها امهن من المواكب القريبة ، وعرفت انذاك لماذا تتمنى ( هيفاء ) ان تستمر زيارة الاربعين طيلة السنة !
قبل ان اخرج سالتها سؤالا ظننته عابرا !!
لماذا ( المشگ ) على يديك يا هيفاء ؟
قالت وكانت هذه المرة خجلة جدا :
اني ما اسبح هاي الفترة !
استقبحت جوابها ، ورفعت صوتي قليلا ؛
لماذا يا هيفاء ،
سكتت هيفاء والخجل يملأ وجهها
فكررت قولي : النظافة مطلوبه ، الم تتعلمي ذلك في المدرسة
قالت : اني ما اعرف شي اسمه مدرسة !
ومن الذي يأخذني للمدرسه ؟
ومن يقبلني بالمدرسة ؟
ثم نظرت بوجههي نظرات حينما اتذكرها تقتلع قلبي بايدي ضميري !
قالت : اني ما اسبح لان الماي بارد ويكتل وما عندنا ماء حار بالبيت !
اذن ازمة ( هيفاء ) في ماء دافئ لكي تغتسل ، ولكن - يا بني ادم الارضيين والسماويين - هل ستضطر هيفاء في ايام الشتاء القادمة ان تسبح بماء بارد ؟
ام سيأكل المشگ باقي جلدها ؟
طبعا لن تتمكن من ازاله المشك عن يدها بانواع ( العصّارات ) التي يستقبح استعمال بعضها اطفال المسؤولين اللصوص في العراق ؟
هل تعلم ( هيفاء ) ان ثمن ( الگيزر ) الذي يحل مشكلتها الشتائيه موجود الان في رصيد ( لوردات ) احزاب السلطة في بنوك لندن وبيروت وعمّان وطهران ؟
هل ستطالب ( هيفاء ) من (؟حاخامات ) الاحزاب الاسلامية ان يرجعوا لها اموالها التي سرقوها ليغتسل ابنائهم بماء دافئ ويدهنون اجسامهم بعصارات الدهون تجنبا لاي عارض جلدي !!
ام ان هيفاء ستترك ذلك لتاخذه منهم حينما يتحول الى ( حميم ) يصب على رؤوس اللصوص الحاكمين الذين سرقوا حلم ( هيفاء ) ان تسبح بماء دافئ أو تستمر لتعيش كطفلة في بلدها !
ربما ذلك سيكون هو الجواب :
وعند الله تجتمع الخصوم .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=114432
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 01 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28