• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نقطة أإنطلاق ( ألجزء الثاني ) هل يعلم النبي ص وأئمة أهل البيت ع الغيب ؟ .
                          • الكاتب : عامر ناصر .

نقطة أإنطلاق ( ألجزء الثاني ) هل يعلم النبي ص وأئمة أهل البيت ع الغيب ؟


أولاً : لإجل الدخول في هذا الموضوع علينا تعريف علم الغيب 
الغيب خلاف الشهادة و ينطبق على ما لا يقع عليه الحس ، والغيب غيبان ، غيب بالأصالة وهو لله سبحانه ، وغيب لغيره تعالى وهو بالإرتضاء ، الآيات النافية لعلم الغيب عن غيره، و إثباته له تعالى بالاختصاص ، قال تعالى :
1- "قل لا يعلم من في السموات و الأرض الغيب إلا الله ": النمل – 65 
2- "و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو": الأنعام - 59 
3- "إنما الغيب لله: يونس – 20
فدل جميع ذلك على الحصر

أما الغيب الذي لغيره تعالى وبإرتضاء منه سبحانه :
قال تعالى:
1- "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول": الجن – 27 ، فأثبت ذلك لبعض من هو غيره و هو ( من ارتضى من رسول )
2- "ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك " يوسف 102 وآل عمران 44
وفي هذا الصدد نورد بعض آراء العلماء حول المسألة 
أولاً : يقول الرازي: (فثبت أنّ الله تعالى قد يطلع غير الرسل على شيء من الغيب)( تفسير الرازي).
ثانياً : يقول ابن حجر الهيثمي في هذا الباب: (لا منافاة بين قوله تعالى: (قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهَ) وقوله: (عَالِمِ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِر عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً)وبين علم الانبياء والاولياء بجزئيّات من الغيب، فإنّ علمهم إنّما هو بإعلام من الله تعالى وهذا غير علمه الذي تفرّد به تعالى شأنه من صفاته القديمة الازليّة الدائمة الابديّة المنزّهة عن التغيير)( مقتل الحسين للمقرّم).
ثالثا : قال النيسابوري صاحب التفسير: (إنّ امتناع الكرامة من الاولياء إما لانّ الله ليس (معاذ الله) أهلاً لان يعطي المؤمن ما يريده، وإمّا لانّ المؤمن ليس أهلاً لذلك، وكلّ منهما بعيد، فإنّ توفيق المؤمن لمعرفته لمن أشرف المواهب منه تعالى لعبده)( مجلّة تراثنا، العدد: 37).
رابعاً : قال ابن أبي الحديد: (إنّا لا ننكر أن يكون في نوع من البشر أشخاص يُخبرون عن الغيوب، وكلّه مستند إلى الباري جلّ شأنه بإقداره وتمكينه وتهيئة أسبابه)( شرح نهج البلاغة: ج 5).
فالفكر الاسلامي لا ينكر مسألة إطلاع أولياء الله ورسله على بعض الغيوب التي علّمها الله لهم، وما أثبته الائمّة لانفسهم من العلم هو القسم الثاني الذي أذعن المسلمون بإمكانه لاولياء الله، وهذا ما قالت به الشيعة.
خامسا : يقول الامام علي (عليه السلام): "سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني فإنّ عندي علم الاوّلين والاخرين، أما والله لو ثني لي الوساد لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الانجيل بإنجيلهم، وأهل الزبور بزبورهم، وأهل القرآن بقرآنهم"(ألإرشاد).
سادساً : قال أبو عبدالله: "إنّي لاعلم ما في السموات وما في الارض، وأعلم ما في الجنّة وما في النار، وأعلم ما كان وما يكون، قال الراوي: ثمّ سكت هنيئة فرأى أنّ ذلك كبر على من سمعه منه فقال: علمت ذلك من كتاب الله عزّ وجلّ، يقول (فِيهِ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَىْء)"(الكافي).
ثانياً : الخلافة 
أجمع المسلمون أن هناك لرسول الله صلى الله عليه وآله خلفاء ، والخليفة كما يقال : يحاكي المستخلِف ؟! وهو النبي ص ، وبما أن الله سبحانه أثبت أن هناك ممن إرتضى من ألأنبياء والرسل قد أطلعهم على غيبه ، إذاً لابد للخليفة بما أنه يحاكي المستخلِف أن يكون عالما بالغيب الذي أظهر الله سبحانه نبيه عليه ، وهذه بديهية لا شائبة فيها .
(فإن ما جاء به الرسول عن الجليل تعالى من الأحكام، وتطبيقها على المجتمع البشري لم يكن مقصوراً على زمن الرسالة وأهل أوانها فحسب، بل هو عام لكل قوم وجيل وزمان ومكان (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) فتطبيق ما صدع به الرسول بعد عصر الرسالة يحتاج إلى ذلك الخبير في كل وقت وحين بتلك الأحكام كما أنزلت؛ وبذلك النظام كما صدع به، وبما يحدث في العالم، كما كان عليه الرسول ص، لتعميم العدل والأمن، وتنفيذ أحكام الشريعة، وذلك الخبير هو الهاد بعد المنذر، من دون فصل، ومن دون استثناء زمن، ولولا ذلك الخبير الهاد ـ إذا أطيع ـ لدخلت الأهواء الباطلة والآراء الضالة، في تلك الأحكام وذلك النظام، فتصبح الأمة مذاهب وشيعاً. واحزاباً وفرقاً.)
وهل ما نحن فيه من التبعثر والتمذهب إلا بسبب الخلل في منظومة الخلافة وعدم تأهيل الخليفة العالم بأُصول التشريع ومدارك الناس وما يحتاجون إليه من الهداية ، فوجب أن يكون الخليفة خبيراً بالشريعة الحقة وقديراً على تغذيتها؛ كما شاء الشارع وأراد الصادع..؟ وهل احد سواه يقوى على قمع الباطل وقطع حجج ذوي الضلال..؟
فإن الخليفة لابد وأن يتحلى بتلك الخلال الكريمة من العلم الذي لا يحصل في العادة بالكسب والتعلم؛ ومن القوى التي لا توجد عادة في إنسان قط وإن أمكن عقلاً، وإنما هو من الفيوضات الربانية والمواهب السماوية.
ومن لم تكن فيه تلك المنح، فلا يقدر على تأدية ذلك الواجب.
لقد قامت ألأدلة والبراهين العقلية، على ان الرسول ص لا بد له من خليفة يجمع شمل الأمّة، لئلا تتفرق عن الحق، بعد اجتماعها عليه. وهل يجمع شملها إلا ذلك القائم مقام الرسول؟
كما دلت البراهين على أنّ الخليفة لابد وأن يتحلى بالصفات التي تؤهله لان يقوم مقام صاحب الرسالة، لئلا يعجز عن إدارة شؤون الأمّة، وعن دحض مزاعم أهل الأهواء الفاسدة، والعقائد الباطلة، بالبراهين القاطعة والحجج الحقة. فإن عجز عادت الأمَّة شيعاً وشُعَباً، ومِللاً ونِحلاً.
ولو كان ألخليفة جاهلاً ببعض تلك الشؤون، أو كلها، لما صَلُح لأن يؤدي عن الرسول، ويقوم مقامه، ويكون حجة الله على العالم، الذي يحتج به على أهل الملل والأديان، وذوي الأهواء والآراء، والأضاليل والأباطيل وكيف يحتج الله على عباده بذوي الجهل، ومن لا فقه له، ولا علم لديه؟ وان سئل عن شيء صمت، او إن نطق أعرب بقوله عن جهله.
إذاً ثبت أن الخليفة يجب عليه أن يتمتع بعلم الغيب ، والعلم إما مكتسب بالتعلم أو موهوب ، وعلم الغيب لا مجال لنيله بالتعلم ، وإنما هو علمٌ موهوب من لدن علام الغيوب سبحانه فهو القائل (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)الكهف ، وهذا العلم الذي عند الخليفة هو الذي يؤهله للجواب الحاضر ولسرعة البديهية وهو أبلغ في إقناع المقابل من أن يكون الجواب مستنداً الى ألإجتهاد والتفكر وألتأمل والمشاورة أو ألجهل بالجواب ، وهذا العلم يسمى بالعلم الحضوري .
ومن الدليل على علم النبي ص الحضوري :
1- قوله تعالى (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ 7آلعمران
2- قوله تعالى (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)النجم
3- قوله تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ )الجن ، ) ولا شك في أنّ نبِّينا الاكرم ص ممن ارتضاه تعالى للإطلاع على غيبه، بل الأخبار في تفسير هذه الآية الكريمة صريحة بهذا. 
وكما أسلفنا أن الخليفة يحاكي المستخلِف ، لذا فان الخليفة يجب أن يكون علمه حضورياً أيضاً .
لنعد ألآن الى من هو من الخلفاء الذين جلسوا على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن إشتهر عنه صفات العلم هذه ؟ قطعا لا يستطيع أحدٌ من المسلمين أن يثبت ذلك لإحد غير أئمة أهل البيت عليهم السلام ، فقد ثبت بالدليل القاطع عند أتباع الخلفاء الكثير من مواقف الجهل بأحكام الله وشريعته وإحتياجهم الى غيرهم سواء في فتوى أو إجابة على إشكال أو تفسير آية من الكتاب العزيز . 
ومن ألأدلة على أحقية أهل البيت عليهم السلام بالخلافة :
1- قوله تعالى (لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)الحاقة ، وقد ثبت عند الخاص والعام أن هذه الآية نزلت بحق علي عليه السلام .
2- قوله تعالى (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)النحل ، وقد فُسر الشاهد برسول الله ص ، ولابد للخليفة أن يتمتع بصفات المستخلِف ، فدل ذلك على أن خلفاءه هم الشهداء على ألأمة من بعده ص ، إذاً كيف يكون الشاهد شاهداً بدون علم الغيب ؟ وهل يكون الشاهد إلا حاضراً وعالماً ؟
3- قوله تعالى (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)ق
4- قوله تعالى (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)الرعد 
إذا هناك شخص شهد للنبي ص أنه مُرسلٌ من ربه سبحانه ، وألآية من الآيات النازلة في مكة ، ولا شاهد إلا علي عليه السلام كما وردت به الروايات .
وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)فاطر ، والله الموفق .
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=114530
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 01 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28