• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ممارسة الجهادين معا .
                          • الكاتب : فلاح السعدي .

ممارسة الجهادين معا

دعا الأنبياء إلى جهادين:

أحدهما: الجهاد الأكبر من اجل أن يكون المستضعفون أئمة وينتصروا على شهواتهم ويبنوا أنفسهم بناءً ثوريا صالحاً.

والآخر: الجهاد الأصغر من أجل إزالة المستغلين والظالمين عن مواقعهم.

وتسير العمليتان في ثورة الأنبياء جنباً إلى جنب فالنبي ينتقل بأصحابه دائماً من الجهاد الأكبر إلى الجهاد الأصغر ومن الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر بل أنهم يمارسون الجهادين في وقت واحد وحتى عندما يخوضون ساحات القتال وفي أحرج لحظات الحرب انظروا إلى الثائر النموذجي في الإسلام الإمام علي بن أبي طالب ( ع) كيف أقدم بكل شجاعة وبطولة على مبارزة رجل الحرب الأول في العرب عمرو بن عبد ود العامري واعتبر الناس ذلك منه انتحاراً شبه محقق ثم كيف أمسك عن قتله بضع لحظات بعد أن تغلب عليه لأن عمرو أغضبه فلم يشأ أن يقتله وفي نفسه مشاعر غضب لديه فيها إلا لله تعالى ولكرامة الإنسان على الأرض وبهذا حقق انتصاراً عظيماً في مقاييس كلا الجهادين في موقف واحد فريد .

وعلى هذا الأساس نؤمن بأن الثورة الحقيقية لا يمكن أن تنفصل بحال عن الوحي والنبوة وما لهما من امتدادات في حياة الإنسان كما أن النبوة والرسالة الربانية لا تنفصل بحال عن الثورة الاجتماعية على الاستغلال والترف والطغيان .

( وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون )

( وكذلك ما أرسانا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ).

فالنبوة ظاهرة ربانية تمثل رسالة ثورية وعملا تغييراً وإعداداً ربانياً للجماعة لكي تستأنف دورها الصالح وتفرض ضرورة هذه الثورة أن يتسلم شخص النبي الرسول الخلافة العامة لكي يحقق للثورة أهدافها في القضاء على الجاهلية والإستغلال .

( ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ).

ويبني القاعدة الثورية الصالحة لكي يمن الله عليهم ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين .

( فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون )

وبذلك يندمج خط الشهادة وخط الخلافة في شخص واحد وهو النبي فالنبوة تجمع كلا الخطين من هنا اشترط الإسلام في النبي العصمة وفي كل حالة يقدر للخطين أن يجتمعا في واحد بحكم ضرورات التغير الرشيد نجد أن العصمة شرط أساسي في المحور الذي يقدر له أن يمارس الخطين معاً لأنه سوف يكون هو الشهيد وهو المشهود عليه في وقت واحد .

وخلافة الجماعة البشرية في مرحلة التغيير الثوري الذي يمارسه النبي باسم السماء ثابتة مبدئيا من الناحية النظرية إلا أنها من الناحية الفعلية ليست موجودة بالمعنى الكامل والنبي هو الخليفة الحقيقي من الناحية الفعلية وهو المسؤول عن الارتفاع إلى المستوى دورها في الخلافة .

وقد أوجب الله سبحانه وتعالى على النبي - مع أنه القائد المعصوم - أن يشاور الجماعة ويشعر بمسئوليتهم في الخلافة من خلال التشاور .

( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله )

ويعتبر هذا التشاور من القائد المعصوم عملية إعداد للجماعة من أجل الخلافة وتأكيد عملي عليها .

كما إن التأكيد على البيعة للأنبياء وللرسول الأعظم وأوصيائه تأكيد من الرسول على شخصيته اللامة وإشعارها لها بخلافتها العامة وبأنها بالبيعة تجدد مصيرها وأن الإنسان حينما يبايع يساهم في البناء ويكون مسؤولا عن الحفاظ عليه ، ولا شك في أن البيعة لقائد المعصوم واجبة لا يمكن التخلف عنها شرعاً ولكن الإسلام أصر عليها واتخذها أسلوبا من التعاقد بين القائد والأمة لكي يركز نفسياً ونظرياً مفهوم الخلافة العامة للأمة.

وقد دأب القرآن الكريم على أن يتحدث إلى الأمة في قضايا الحكم توعية منه للأمة على دورها في خلافة الله على الأرض .

( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )

( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منها )

( والسارق والسارقة فقطعوا أيديهما )

( أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه )

( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..)

وإذا لاحظنا الجانب التطبيقي من دور النبوة الذي مارسه خاتم المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم نجد مدى إصرار الرسول على إشراك الأمة في أعباء الحكم ومسؤوليات خلافة الله في الارض حتى انه في جملة من الأحيان كان ياخذ بوجه النظر الأكثر أنصاراً مع اقتناعه شخصياً بعدم صلاحيتها وذلك لسبب واحد وهو أن يشعر الجماعة بدورها الايجابي في التجربة والبناء .

فلاح السعدي

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11481
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 10