• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ما زال الاكراد ينتقصون من هيبة الحكومة العراقية .
                          • الكاتب : محمد رضا عباس .

ما زال الاكراد ينتقصون من هيبة الحكومة العراقية

لم تتغير علاقة أربيل المتشنجة مع بغداد حتى هذا اليوم. الإقليم , ببساطة ما زال ينظر الى بغداد حكومة مستعمرة له وليس هو جزء منها , وان موافقة قادة الإقليم بالرجوع الى الدستور لحل المشاكل العالقة , جاءت على مضض , حيث مازالوا يشعرون ان هناك حقوق لهم قد استولت عليها بغداد رغما عنهم . ففي الوقت الذي ما زالت اللجان الفنية منهمكة بحل المشاكل الفنية في إدارة المطارات , المنافذ الحدودية, ملف النفط, البيشمركة, ملف المناطق المتنازع عليها,  وملفات كثيرة أخرى , يتهم سياسيو الإقليم بغداد باحتلال محافظة كركوك , وكأن الإقليم كان دولة وبغداد استقطعت كركوك منها , وليس كركوك محافظة استولى عليها الإقليم بطريقة مستنكرة وغير مسؤولة , حيث كان الجيش الاتحادي منهمك بقتال اشرس عصابات إجرامية عرفتها منطقة الشرق الأوسط في التاريخ الحديث. لقد أصبحت عبارة "احتلال" عبارة متداولة بين سياسيو الكرد , وكأن كركوك كانت محافظة من محافظات كردستان استقطعتها بغداد منه. ان تركيز القادة الكرد على كلمة " احتلال" هدفه هو اعطاء رسالة الى الشعب الكردي في العراق بان كركوك كانت ارض كردية وان حكومة بغداد قد استولت عليها , وبذلك فان الساسة الكرد يريدون ان يزرعوا في ذهن المواطن الكردي ان العراق هي دولة اجنبية , محتلة لأرضهم , كركوك . لأنه لا يوجد في القاموس كلمة احتلال داخل الدولة الواحدة . من المعقول ان نقول ان بغداد استقطعت منطقة النخيب من كربلاء وضمتها الى محافظة الانبار, ولكن لا يمكن ان نطلق عبارة , ان بغداد احتلت منطقة النخيب وسلمتها الى الانبار. استخدام القادة الكرد كلمة "احتلال" هدفه ترسيخ هذه الكلمة في ذهن المواطن الكردي واعتبار ان العراق هو ليس بلده.

تسمية كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها بالمناطق المحتلة , أصبحت كلمة دارجة على اغلب افواه الساسة الكرد سواء من كان في الإقليم او من يمثل المكون الكردي في بغداد. اخر التصريحات بهذا الخصوص جاء عن لسان المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني , سعدي بيره والذي يقول فيه , ان " العراق يخطئ ان يعتبر نفسه منتصرا بعد الحرب على تنظيم داعش , فكركوك وطوزخورماتو مناطق متنازع عليها , والتحركات الحالية للحكومة العراقية مخالفة للدستور , وتعتبر احتلالا ". وعليه , ففي نظر الناطق باسم الاتحاد الوطني الكردستاني تحرك القوات الاتحادية تجاه طوزخرماتو للقضاء على المجاميع الإرهابية التي تعشعش في الجبال القريبة من هذه المدينة , تحركات " مخالفة للدستور" , بل ان طوزخرماتو  وكركوك محتلتان من قبل قوات بغداد "الغازية".

ان ظهور أصحاب " الرايات البيضاء" بالقرب من قضاء طوزخرماتو ما هو الا رد فعل كردي تجاه القوات الاتحادية والحشد الشعبي اللذان قاما بإعادة سيطرة الحكومة الاتحادية على كركوك والمناطق التي استولى عليها الإقليم بدون حق عام 2014 . هذه المجاميع المسلحة  , هي قوات كردية انفصالية مدعومة بشكل او باخر من بعض قيادات الإقليم . الحكومة العراقية لم تعلن هوية هذا التنظيم والذي يسمي نفسه " الرايات البيضاء[GA1] " , ولكن هناك اثباتات تقول ان عناصر " الرايات البيضاء" هي ليس من عناصر داعش فقط , وانما يشارك معها قوات كردية انفصالية مدعومة من داخل إقليم كردستان. الخبير الأمني هاشم الهاشمي يتحدث عن " الرايات البيضاء", يقول , ان " هذه الجماعة ليست من بقايا داعش لان الجماعة المتطرفة لا تتخذ من اللون الأبيض شعار لها , كما انها تعتبر كل ذي روح محرمة صورته , إضافة الى ان صورة الأسد لا علاقة لها بالمبادئ والشعارات التي ترفعها الجماعات المتشددة". ويعتقد الهاشمي , ان " عناصر هذه الجماعة (كردية متمردة ) على الحكومة المركزية , وتقوم بعمليات ضدها بعد استرجاع قواتها لمناطق يطالب الاكراد بضمها الى إقليم كردستان العراق". هذا الاتهام يؤيده المتحدث باسم حركة " عصائب اهل الحق" نعيم العبودي والذي قال , ان " الحزب الديمقراطي الكردستاني , وعائلة زعيمه مسعود بارزاني , هم من يدعم جماعات الرايات البيضاء , وهو امر واضح ومؤكد لدينا". الا ان اخطر اتهام جاء من الخبير في الشؤون الأمنية العميد عبد الكريم خلف والذي قال , ان " هذه جماعة أصحاب الرايات البيضاء تحتل 1000 كيلومتر مربع وهي تقع تحت سيطرة البيشمركة". وعبر اللواء عن مخاوفه من ان العمليات الأخيرة ضد التنظيم قد لا تأتي اؤكلها , عازيا السبب ذلك الى " التنسيق مع قوات البيشمركة والذي جزء منها ما يسمون ب(أصحاب الرايات البيضاء) سيتم الايعاز لها بالاختفاء والاستراحة لفترة أسابيع ومن ثم تعاد نشاطها مرة أخرى".

هذا مع العلم ان النائب إسكندر وتوت , عضو لجنة الامن والدفاع النيابية , سبق وحذر من ان رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني " باحتفاظ بألاف المسلحين من داعش , لاستخدامهم ضد القوات الاتحادية وتكرار سيناريو الموصل". كما وكشف رئيس اللجنة حاكم الزاملي مؤخرا , عن وجود تحركات في محافظة أربيل لأنشاء تنظيم مشابه لداعش الإرهابي , بدعم من دول معادية للعراق . واضاف الزاملي ,ان " الحكومة الاتحادية وضعت عدد من الخطوات التي تمنع انشاء هذا التنظيم في كردستان العراق". 

العمليات العسكرية ضد القوات الاتحادية وقوات الحشد الشعبي في المناطق المتنازع عليها دعمتها حملة إعلامية مكثفة مدعومة من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني . حيث ان هذه الحملة لم تنقطع باتهام القوات الاتحادية وقوات الحشد الشعبي بالقتل المتعمد للمواطنين الكرد وسلب بيوتهم وتدميرها وطردهم من أماكن اقامتهم, حتى جاء الامر الى اتهام الحشد باستخدام سياسة العنف ضد المكون المسيحي في سهل نينوى واجبارهم على بيع ممتلكاتهم او تحويل ديانتهم الى الإسلام , وان الأوضاع في سهل نينوى " الان اسوء مما كانت عليه بفترة داعش". بل ذهب الاعلام البارزاني الى اتهام نواب داخل البرلمان العراقي بالضلوع في عمليات تفجير ونهب وسرقة دور وممتلكات الاكراد في قضاء طوزخرماتو من محافظة صلاح الدين.

الاعلام الكردي يجب ان ينبه الى ان بغداد ليست مستعمرة لكردستان وان يترك الافتراءات  التي يطلقها ضد حكومة بغداد وضد القادة في بغداد وضد قوات الحشد الشعبي . من غير المنطقي ان تصرح شخصية سياسية تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني , بالقول ان المدن المسيحية تعاني من عمليات ومعاناة اكثر مما عانه المكون المسيحي تحت داعش. انه تصريح مدان وغير مسؤول , لان اعمال داعش الغير إنسانية ضد المكونات العراقية في الموصل استنكرتها جميع المؤسسات الإنسانية في العالم , وان الدعوة بان الحشد الشعبي يقوم بممارسة لاإنسانية ضد المكون المسيحي في سهل نينوى ما هو الا تبرير لجرائم داعش ضد المكون المسيحي , وتبيض وجه داعش في المنطقة والعالم. الحكومة العراقية , يجب ان لا تغفر لهذه التصريحات وان يقدم المسؤول الذي يطلق مثل هذه التصريحات الى المحاكم المختصة , لان من يدافع عن داعش , هو من يحمل نفس أفكار داعش.

على المفاوض الاتحادي الانتباه الى قضية مهمة مازال الاكراد يرددوها باستمرار كلما تحدثوا عن الخلاف ما بين بغداد واربيل وهو ترديد عبارة " الخلاف مع الإقليم والعراق". هذه العبارة أصبحت تتكرر في تصريحات الساسة الكرد سواء في بغداد او أربيل او في السليمانية . على الحكومة العراقية , قبل ان تنهي الخلافات , بل قبل ان يتحدثوا عن حل للقضايا العلاقة بين الإقليم والمركز التأكيد على المسؤولين الاكراد بعدم ترديد كلمة "العراق" بدلا من "بغداد" لان استمرار هذه الكلمة تعني ان الاكراد مازالوا ينظرون الى ان العراق وكردستان دولتان , لا دولة واحدة .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=115398
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 02 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28