• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عصر التحولات .
                          • الكاتب : ابو الحسن الهجري .

عصر التحولات

 يمكن معرفة دوافع الإنسان من أسلوبه وخطواته وتحركاته ومستوى كلماته ، فمن يسعى بكل جهده لتضعيف جهة فهو يسعى غالبا لتقوية جهة أخرى .. فهو يضعِّف ( س ) من أجل تقوية ( ص ) ...

السيد جهارًا نهارا يقول ما حاصله : ( معظم المتصدين للمرجعية لا يملكون الأهلية ويجب تسقيطهم ) ويقول : ( أنا صاحب المؤلفات العظمى ، والمصنفات الكبرى ، والشروح الفضلى ،، أنا صاحب الصولات والجولات ، أنا صاحب الكاريزما الأوحدية والشخصية النادرة ) ..

فهو يسقِّط جهة لتقوية نفسه ، ولمّا علِم أنه قاصر عن مجاراة الكبار في ابتكار النظريات وتأسيس الأفكار صار لسنوات طِوال يقتبس من كتبهم ، ويأخذ إرثهم حتى جمع الكثير من نصوصهم وطبعها في كتب شتى في مجالات عدة وقال : ( هذا إرثي يشهد بمرجعيتي ) ، ولأن مثل ذلك بمنطوق العقلاء ونظر العلماء لا يدل على أكثر من كون صاحبها جامعا ولا يشهد له بكونه ناحتًا صانعا فإنه رأى لزوم الكلام فيما لم يتكلموا فيه ، والحديث في الغرائب والعجائب مما لا يُعرف لكبار الطائفة استحسانه ولا الميل إليه ، حتى يقال ( يا له من عالِم ضليع ، ومتكلم فظيع ) فرأى في " فكر الحداثيين " سلوى تسليه ، ومندوحةً عما في كتب الأصحاب من المعارف الحقة البالغة جذورُها لمياه التحقيق ، والمنغرسةُ في تراب التأصيل ، فاستقى سماحتُه من جورج طرابيشي وجون هيك وسروش ومحمد شحرور ووو ( مع حفظ الألقاب لكل واحد منهم ) فعاد من جديد يقتبس أفكار غيره ولكن من جهةٍ أخرى غير الجهة الأولى ، وانصهرت تلك الأخلاق التي كنا نعرفها عنه قديما بسبب حرارة " التحديث والتنوير " فاستحالت هباءً أو قريبا منه ، فاستبدلها بأخلاقٍ جديدة ملأى بالكلمات الحادة والهجمات المضادة ، فصرنا نسمع منه ألفاظا لا نعرفها عند العلماء ، ولا نسمعها من أفواه الأتقياء ، فصار ينعت الكثير من العلماء وآرائهم بنعوت عدة : ( جهلة ، حمقى ، متخلفون ، بائسون ، خرط ، اضربوا تحت الأقدام ، حظكم وحظ ... ) وفي الناس من يحب المخالفة لدوافع عدة ، فكان السيدُ لهم كهفًا ومأوى ، وسندًا وملفى ، استظلوا بظلاله المقتبس ، واحتموا بفكره المُنتحل ، فصاروا بغير شعور منهم يقتدون بِسمْته ويأخذون بهديه : يشتمون / ينتقصون / يهجمون / ينتقدون / يحطمون .. فرحم الله السيد القديم !! فمَن يرشدني لِقبره ويوصلني لِلحده ، فقد ذهب من أيدينا وجاء غيرُه يعتمر عِمّتَه ويرتدي عباءتَه ، ويقول غيرَ قولِه ويفعل غيرَ فعلِه .. وإنها الدنيا تدور فيسقط في حبائلها من أحبها ، ويفلت من زمامها من أعرض عنها .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=115515
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 02 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28