• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لنتعلم من الحسين ( عليه السلام ) أن نثور لرفض الظلم والفساد .
                          • الكاتب : احمد النجار .

لنتعلم من الحسين ( عليه السلام ) أن نثور لرفض الظلم والفساد

بعد أيام سنستقبل شهر المصائب شهر محرم الحرام شهر الشهادة ورفض الظلم والظالمين والطغاة والسفاكين المفسدين المعتدين على حرم الله والمنتهكين لحقوق العباد شهر الثورة على الفساد والمفسدين .
فعلينا أن نستغل كل شيء في هذا الشهر لنصرة الدين ونجعلها ثورة حسينية جديدة مستوحاة من فكر الحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والتسعة المعصومين من بنيه (صلوات ربي عليهم أجمعين ) ... لنشر الصلاح والإصلاح والنبض الحسيني الحقيقي الحيوي المتجدد في كل العصور ونحن نعلم أن ثورة الحسين (عليه السلام) لم تكن ثورة وقتية لتموت بعد زمان ، وإنما كانت ثورة الحق ضد الباطل ، وثورة العدالة ضد الظلم ، وثورة الإنسانية ضد الوحشية ، وثورة الهداية ضد الضلال ، ولذا كان من الضروري ، امتداد هذه الثورة مادامت الدنيا باقية ، ومادام يتقابل جيشا الحق والباطل والهداية والضلالة ويكون الكلام من عنده جوانب :
الجانب الأول : منذ أن سقط دم الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه وهم يرفعون راية الرفض بوجه الظلم ، أصبحت كربلاء قبلة النفوس ومهوى الأفئدة لجميع الامة حيث أثبت لنا ذلك الدم الطاهر أن الأمة مطالبة بتقرير مصيرها حينما يتغلب عليها الطغاة أو حينما تنخدع بهم وتوصلهم الخديعة إلى هاوية الهلاك وتعلمنا من الحسين ( عليه السلام ) أن نضع كل ما نملك وأعز ما نملك من أجل عقيدتنا وديننا وكرامتنا ... فلم يشهد التاريخ مثيلاً لما جرى في كربلاء ، فقد احتضنت هذه الأرض أروع ملحمة على وجه البسيطة ، ملحمة جسدت أعلى التضحيات ، وأرفع المبادئ وأسمى القيم ، حتى أصبحت علماً وشعاراً لكل إنسان يبغي الكرامة في الحياة ، كما أضحت رمزاً لرفض كل أنواع الطغيان والاستبداد ، وبقيت هذه الملحمة جذوة لا تخمد أنوارها في الضمير الإنساني الحي كما بقيت المنبع الذي تستقي منه الثورات أهدافها ، وتستلهم مبادئها وتقتدي بأبطالها ، فكانت بمثابة الروح التي تحرك الثورات التي تتفجر ضد الأنظمة الفاسدة ، فهي متجددة في كل زمان بسطوعها وتوهجها وروعتها ، وهي المثل الأعلى في التضحية والفداء في سبيل الحق والعدل ..
الجانب الثاني : إن الثورة الحسينية وما تحمله من دلالات فإنها تبقى خالدة في ضمائر الناس ومركز إلهام لهم بعد أن دكت عروش الطغاة وما كانوا يمثلوا من قيم التخلف والانحطاط والاستهانة بعواطف المواطنين وشراء الذمم والتعامل معها لتمرير السياسة المنحرفة التي سلكوها لغرض تحقيق أهداف مشبوهة والتي صار لبعض الوعاظ والمحدثين دور مفضوح في إيصالها من خلال نسج الأكاذيب وتأويل الأحداث والتعامل معها على أساس الواقع المعاش وتصويرها بالطريقة التي تحرفها كما سعت إلى استغلال الوجوه الاجتماعية التي لها ثقل بين قبائلها وجذبها إلى جانبه واعتماد سياسة التجويع والمضايقة الاقتصادية وخاصة بالنسبة للناس الذين يعارضون نظام الحكم من أجل التأثير عليهم وجعلهم تابعين له بعد أن تم حرمانهم من مصدر رزقهم الوحيد الذي هم بحاجة إليه لكن كل هذه السبل لم تجدي نفعاً بعد أحساس الناس بالجور والاضطهاد وأن خانة الظلم قد أخذت تتسع لتشمل كافة الشرائح المسحوقة و تكوين طبقة مترفة تتحكم بمصائر الأكثرية من خلال تمتعها بكافة الامتيازات ووسائل السلطة لذلك التجأت إلى صوت الحق الهادر الذي انطلق من بيت النبوة وسار بكل قوة للإمام ناشداً إحقاق الحق ونصرة المظلوم حيث أعلن بكل أمانة وثقة بأنه لا يريد أية مجد شخصي أو شهرة أو سلطة وذلك انطلاقاً من مبدأ الإمام علي عليه السلام عندما قال وهو يتصدى للأعداء ( اللهم أنك تعلم أنه لم يكن منا منافسة في سلطان ولا التماس شيء من هول الحطام لكن لنرد المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك وتقام المعطلة من حدودك فيأمن المظلوم من عبادك ) لذلك انطلق الإمام الحسين (عليه السلام)من هذا المبدأ الذي فتح له الباب واسعاً لقيادة الثورة والتوجه بها نحو آفاقها الواسعة بعد أن أدرك بأن ما قام به الحكام لا يمكن السكوت عنه فأندفع يقود الأمة نحو غدها الأفضل الذي أراد له أن يتحقق لكن قوة الطغاة وبطشهم أقوى من ذلك بسبب امتلاكهم وسائل القتل والإبادة والتدمير لذا أعلن سلام الله عليه حينما خرج للقتال ( لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً .. إنما خرجت لأطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ,,,
الجانب الثالث : لنكن صادقين في حب الحسين وجدّه الأمين (عليهما وآلهما الصلاة والسلام والتكريم) بالإتباع والعمل وفق وطبق الغاية والهدف الذي خرج لتحقيقه الحسين ( عليه السلام ) وضحّى من أجله بصحبه وعياله ونفسه ، انه الإصلاح ، الإصلاح في أمة جدِّ الحسين الرسول الكريم (عليه وآله الصلاة والسلام) .. وكما قلنا أن ثورة الحسين (عليه السلام) لم تكن ثورة وقتية لتموت بعد زمان .
فقد عانى الإمام الحسين عليه السلام من الوحدة والوحشة بقوله ( ألا من ناصر ينصرنا ) وأما الأمر الآخر من المعاناة التي عانى منها الإمام الحسين عليه السلام قلة الأصحاب والأنصار قياساً بجيش العدو وإمكانياتهم والتي أدت بالنتيجة إلى انتصار العدو عسكرياً .
بعد هذا الكلام كله لنسأل أنفسنا : هل نحن حسينيون ؟ هل نحن محمدّيون ؟ هل نحن مسلمون رساليون ؟ ولنسأل أنفسنا : هل نحن في جهل وظلام وغرور وغباء وضلال ؟ أو نحن في وعي وفطنة وذكاء وعلم ونور وهداية وإيمان ؟ فلا نكون من الأمة التي قعدت عن الأمر والنهي والنصح والوعظ فصارت فاسقة وظالمة وأخذها الله تعالى بعذاب بئيس .
ولا نكون من الأمة التي عملت السيئات ولم تنته ولم تتعظ فعذبها الله تعالى وأهلكها وأخذها بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون فقال لهم الله كونوا قردة خاسئين ، قال العزيز الحكيم: (( لَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ )) ..
وبعد الذي قيل لابد أن نتيقن الوجوب والإلزام الشرعي العقلي الأخلاقي التأريخي الاجتماعي الإنساني في إعلان البراءة والبراءة والبراءة ....... وكل البراءة من أن نكون كأولئك القوم وعلى مسلكهم وبنفس قلوبهم وأفكارهم ونفوسهم وأفعالهم حيث وصفهم الفرزدق الشاعر للإمام الحسين (عليه السلام ) بقوله : ( أما القلوب فمعك وأما السيوف فمع بني أمية ) .
فقال الإمام الشهيد المظلوم الحسين (عليه السلام ) : (صدقت ، فالناس عبيد المال والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت به معايشهم ، فإذا محصوا بالبلاء قل الديّانون ) .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11659
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29