• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فلسفة الفشل والخيانة .
                          • الكاتب : عمار طلال .

فلسفة الفشل والخيانة

الفشل في انجاز اية مهمة، قصورا، لا يعد خيانة اذا لم يأت عن تعمد او كسل، انما عن محدودية قدرات. يستحيل الفشل خيانة عندما نتنصل من نتائجه، هروبا، نتوارى خلف الاعذار، نلقي باسبابه على سوانا، نحملهم تبعات ما آل اليه الفشل، ناسين ان "الله لا يكلف نفسا الا وسعها" وان "الاعمال بالنيات".
فالمسافة الفاصلة بين الخطأ والصواب، افتراض وهمي، موجود بالقوة وليس بالفعل. الحد الرياضي الاول الذي نصطلح عليه (خطأ) موجود طالما وضعنا نظيرا رياضيا مناوئاً، نشير اليه بمفردة (صواب).
الافتراض يعطي الخطا والصواب قيمتيهما، التي نحار نحن في جدولتها حسابيا (1 + 1 = 2) كي نحول القوة الى فعل ثابت ومشهود.. ممسوكا.. لا يدع للوقت فرصة في تحويل الصواب الى خطأ، بعد ان تأخذ قيمة الصواب عمقها وتشكلها الكافيين لتحصينها دون التحول الى النظير، اي الخطأ. وهو امر وارد وممكن والتجارب الحياتية اليومية المتلاحقة كثيرا ما ترينا حالة كانت صوابا في حينها وبعد مرور وقت ما.. يطول او يقصر.. محملا باحداث متداخلة، تحول الصواب الى خطأ باثر رجعي يعيد مصادرة كل المكاسب المترتبة على الصواب الزائل.
وهذا نابع من عدم التاسيس الصحيح او سؤ الادارة، فالصواب الذي لا يقام على لبنات تاسيسية سليمة، تديم صيرورته وتفعل استمراره، وتجعله خصبا متوالدا، ينهار متقشرا كالبيضة المسلوقة ليظهر خطأ بديل عن زلالها الذي توهمناه صوابا.
التاسيس الصحيح يؤدي الى بناء متين؛ لأن المقدمات تشي بالنتائج، ما يوجب التزام الموضوعية في توظيف قدراتنا او قدرات الاخرين لانجاز مهمة ما؛ لأن "الله لا يكلف نفسا الا وسعها" و"الاعمال بالنيات" فلا نجلد ذواتنا..مازوشيا ونجلد الاخرين.. ساديا، بما لا طاقة لنا او لهم بتوجيهه الى ما يفوق الاستعدادات.
فاذا انتوى المرء الشروع خيرا، يصبو منه الى خير، وعجزت مؤهلاته عن بلوغ النية، يكون جزاؤه قوة ما نوى، حتى وان لم تتحقق على صعيد الواقع الفعلي؛ اذ يكفي المسعى وحده باعتباره مجدا.
لحد هنا، الفاشل ليس خائنا، الا انه يخون ذاته ويخون من إئتمنه على المهمة، ان لم يواجه النتائج ويتحملها، اعتمادا على السماحات الاخلاقية التي منحها الله لعباده "لا كلف الله نفسا الا وسعها" و"الاعمال بالنيات".
التنصل من الفشل، خيانة، والقاء تبعاته على الاخرينجريمة جبانة، في حين مواجهة النتائج شجاعة وقوة من جهة اخرى، تعوض جانب الفشل وتردم الثغرة التي تفغر فاها، مفتوحة في وجودنا، بل يمنحنا مقابلا يسد قيمة الخسارة لتي منينا بها جراء الفشل.
الفشل يصبح نجاحا، تحت ظرف ما مدروس، والنجاح يرتكس فشلا، مع امتداد الوقت، يعني لا فشل مطلق ولا نجاح نهائي في الوجود ما دام عنصر الوقت دائرا والاحداث مفتوحة على الاحتمالات.
مواجهة الاخطاء قوة، تسمو بالعاجز على ضعفه، وترتقي بالواهن، امتلاء يكتظ بوجود حاشد القدرات، إذ ان الحد الرياضي الشاغر نفترضه (سينا) لتوصلنا الى المطلق (1 + س) يعطينا ما نحتاج من ارقام غائبة تكتمل بها حيتنا النسبية كمالا مطلقا ويقوم الرقم الناقص بسد الفراغ في الد الرياضي المفتوح على الاحتمالات في المعادلة.
بناء الحياة العملية على رياضيات حسابيا مبرهنة صوابا من شأنه ادامة واقع يومي سليم؛ لان المطلق لا تلتئم حواشيه مع النسبي.. النسبي قابل لاحتمالات التناقض اما المطلق فلا ثنائيات فيه.
لا فشل في جوهر النجاح ولا خيانة نظير الوفاء، الا بالتنصل من النتائج فيتول العجز القاصر الى خيانة كانت ستظل بريئة لو التزمنا تبعات ما وصلنا اليه وواجهنا انفسنا بها.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11670
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29