• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح379 سورة ق الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح379 سورة ق الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ{16}

تؤكد الآية الكريمة محققة (  وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ) , ما يحدث به نفسه , والوسوسة الصوت الخفي , (  وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) , بيانا لقربه جل وعلا من الانسان علما واحاطة .  

 

إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ{17}

تستمر الآية الكريمة مبينة (  إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ) , الملكان الموكلان بحفظ الانسان , (  عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) , احدهما عن يمينه والاخر عن شماله .    

 

مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ{18}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ ) , أي قول او صوت يصدر منه , (  إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ ) , ملك يراقب ذلك , (  عَتِيدٌ ) , حاضر على الدوام , لا يفارقه .     

( عن النبي صلى الله عليه وآله قال كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على شماله وصاحب اليمين أمير على صاحب الشمال فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر .

عن الصادق عليه السلام قال ما من قلب إلا وله اذنان على إحداهما ملك مرشد وعلى الاخرى شيطان مفتن هذا يأمره وهذا يزجره الشيطان يأمره بالمعاصي والملك يزجره عنها وقوله تعالى عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

 

وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ{19}

تنعطف الآية الكريمة مضيفة (  وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ ) , هي من امارات الموت , وهي اشدها على الاطلاق , (  بِالْحَقِّ ) , حيث ان الكفار لا يصدقون بالأخرة او بكل ما يجري على الانسان بعد الموت , فعند سكرة الموت يدرك الانسان حقيقة ذلك , (  ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) , ذلك الموت الذي تميل وتفزع وتهرب منه .    

 

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ{20}

تضيف الآية الكريمة (  وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ) , يرى اكثر المفسرون انها نفخة البعث , (  ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ) , ذلك يوم تحقق الوعيد للكفار او لعموم منكريه .     

 

وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ{21}

تستمر الآية الكريمة (  وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ ) , كل نفس تجيء يوم المحشر , ليس وحدها بل (  مَّعَهَا سَائِقٌ ) , سائق يسوقها الى المحشر , (  وَشَهِيدٌ ) , وشاهد يشهد على عملها .   

 

لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ{22}

تضيف الآية الكريمة محققة مؤكدة (  لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا ) , كنت في الدنيا غافلا عن هذا اليوم , (  فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ ) , الغطاء الذي يحجب عنك ادراك المعاد وهو الغفلة والانهماك في الماديات , (  فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) , مثالا في الحدة والشدة , لا تغشيه غشاوة ولا يمنعه مانع .  

 

وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ{23}

تستمر الآية الكريمة (  وَقَالَ قَرِينُهُ ) , يختلف المفسرون في هذا القرين , فمنهم من يرى انه :   

  1. الملك الموكل به .
  2. الملك الشاهد عليه .
  3. الشيطان المقيض له { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }الزخرف36 , { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ } فصلت25 .

(  هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ) , هذا ما هو حاضر عندي , فأن كان القرين هو الشيطان المقيض للإنسان فيكون المعنى عند ذاك " هذا ما عندي وفي ملكتي هيأته لجهنم بإغوائي وإضلالي" .

 

أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ{24}

تروي الآية الكريمة كلاما لخازن النار (  أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ) , وقيل انه خطابا من الله عز وجل الى السائق والشهيد , (  كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) , كل كافر معاند للحق .   

 

مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ{25}

تستمر الآية الكريمة لتضيف بخصوص الكافر :

  1. (  مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ ) : كثير المنع للمال الواجب دفعه للمستحقين كالزكاة مثلا , وكذلك كثير المنع للصدقات الواجبة والمستحبة , ويلحق به كثير المنع لكل وجوه الخير , سواء كانت مالا او غير ذلك .
  2. (  مُعْتَدٍ  ) : كثير الاعتداء .
  3. (  مُّرِيبٍ ) : شاكا في الله تعالى ودينه .            

 

الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ{26}

تستمر الآية الكريمة مضيفة في هذا الشأن (  الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ ) , هذا الكافر الذي اتخذ الهة يعبدها ويتقرب اليها , ونبذ ما دعاه اليه الرسل "ع" من التوحيد , (  فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ) , فليس له بعد كل ذلك سوى العذاب الشديد .      

 

قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ{27}

تروي الآية الكريمة على لسان القرين (  قَالَ قَرِينُهُ ) , الشيطان المقيض له , (  رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ) , ما حملته على الضلال , وكأن الكافر نسب ضلالته لقرينه , فتبرأ منه في ذلك الموقف , (  وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ) , يستمر كلام القرين "الشيطان" بل انه كان في ضلال واضح , دعوته فاستجاب لدعوتي , دونما تفكر او تأمل , وهذا مصداق الآية الكريمة { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }إبراهيم22 .     

 

قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ{28}

تروي الآية الكريمة رده جل وعلا (  قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ) , لا فائدة من الخصومة في هذا الموقف , (  وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ) , حيث ارسلت لكم الرسل والانبياء "ع" والكتب السماوية تنذركم من هذا اليوم .  

 

مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ{29}

تستمر الآية الكريمة مضيفة :

  1. (  مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ) : لا تبديل ولا تغيير لقوله جل وعلا .
  2. (  وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) : فأعذبهم بغير جرم او اعذبهم قبل ان ارسل لهم الرسل بالبينات الواضحة والحجج الدامغة , بل تعذبون بما كذبتم واسرفتم على انفسكم في الدنيا .    

 

يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ{30}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ ) , هو استفهام لقوله جل وعلا { قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ }الأعراف18 , { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }هود119 , { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }السجدة13 , { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ }ص85 , (  وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ) , يروي النص المبارك جواب جهنم , الا انهم يختلفون في معناه , فمنهم من يرى :

  1. أي قد امتلأت ولا اتسع للمزيد , يذهب الى مثل هذا الرأي جملة من المفسرين .
  2. أو يكون المعنى عكس الرأي الاول , أي لدي متسع للمزيد .
  3. يضيف الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج5 رأيا اخر " أو أنها من شدة زفيرها وحدتها وتشبثها بالعصاة كالمستكثر لهم والطالب لزيادتهم" .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=116764
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 03 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20