• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : المونودراما ( مسرحية الوديعة) .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

المونودراما ( مسرحية الوديعة)

 (يفتح المسرح  على موضع قتالي  يشغل الجانب  الايمن من الجمهور  وينفتح على  ثلاث كوات  منها اليسار ينظر الى  المواضع الاخرى  للحشد الشعبي ـ وكوة ثانية على ميمنة الجمهور ينظر منها الى الجمهور ، والكوة النازلة في العمق الجانبي تطل على الجبهة  وقوات العدو  ،  ـ وميض نار تشعل ارجاء المسرح واصوات القذائف وازيز الرصاص ـ يدخل المقاتل حسن حاملا حقيبته وبندقيته  ومنشغل بعلب الرصاص والعتاد  يمد رأسه من كوة اليسار  مودعا المقاتلين )
حسن :ـ الله وياكم  اجازة سعيدة مقدما  ( يمد وجهه من الكوة اليمين ليرى الجمهور  ،) ( مع جعفر جاره في الموضع الغير مرئي /  أي مع الجمهور ) هلا جعفر شلونك الحمد لله  ـ الاهل بخير ( يعلو ازيز الرصاص الموجه الى موضعه  ، يتحصن منه  ( يضحك )   يبدو فعلا اني نسيت الجبهة والقتال وهذا العدو الكامن في احشاء الكون وسرحت مع ذاك العالم الجميل  ، (برهة صمت ) يبدو فعلا ان المدينة وشمتني  بملاذها الحنون ( ينظر من الكوة المطلة على الجمهور ها جعفر  شلونهه الجبهة  .. بخير ( يضحك حسن ) ما الذي  يتغير ـ صح جعفر  ـ  ما الذي يتغير حين يقاسمك العدو  الليل  وضوء النجوم  ويسعى ليسرق  ابجدية هويتنا ( رمي  ـ ازيز ـ وميض )  اليوم  اشبيهم ـ كانهم عرفوا بمقدمي الميمون فقرروا استقبالي بما يليق بي ( ينظر من كوة العدو بمرقب )لاشيء  يا جعفر انها جعجعة فارغة / لاشيء/ دعني أهيء  اغراضي / لقد جلبت لك ما لذ وطاب من طبخ أمي  يا جعفر /  ( يتجه صوب الحقيبة  ـ ينظر اليها بدهشة / يفتحها / يصرخ ):ـ جعفر لقد تبدلت حقيبتي ياجعفر  ـ هذه ليست  اغراضي يا جعفر  / ليست ملابسي / ولا اشيائي  ( برهة صمت ) يتأمل من الكوة اليسرى ) اوه اين أجد صاحب الحقيبة  (بتامل وحسرة ) جعفر  لقد تبدلت حقيبتي ، ويعني اني سالبس ملابس غيري  واستخدم اشياء غيري والطعام  الف عافية على قلبه ـ لاتقلق ياجعفر  أكيد هو الآخر  قد اعدت له امه ما لذ وطاب ( ينظر الى الحقيبة يتفحصها ) ( مع نفسي ) :ـ يا الهي كيف  تبدلت  الحقيبة (مع جعفر ) انها تشبه حقيبتي  يا سبحان الله/ حتى اغراضنا تشابهت  / اوه جعفر وجدت في الحقيبة  دفتر مذكرات / انه مثلي  يدون خواطره  ايضا / ها ... ماذا كتب ؟/ اخشى ان أدخل عوالمه  الخاصة يا جعفر  ( يزداد  الوميض  وصوت  القنابل  وازيز الرصاص )   :ـ ما اسمه ؟ صح عسانا نعرفه  ( يبحث عن اسمه )   اسمه علاء سالم حمزة  /  ( برهة صمت ) لا... لا يجوز ( يضحك )أكيد هو  سيقرأ مذكراتي ايضا ( فتح المفكرة ) جعفر ـ لقد كتب  على الصفحة الاولى  وبخط جميل /كربلاء عاصمة الله/ جميل هذا الشاب يا جعفر لديه احاسيس ممتعة  ترفع عن كاهلي الاسى  لفقداني حقيبتي ( برهة صمت ) ها جعفر تريد ان تعرف ماذا كتب بعد ( يقرأ) كتب ؟ / (لا شيء في حياتي سوى كربلاء والفقراء وأنتِ.)./ الله جميل ..هذه اول صفحة يا جعفر  / في الصفحة الثانية كُتب: (آسف.. لم تعد باستطاعة أمي أن تحضر زفافي يا سكينة..) مؤلمة هذه يا جعفر .. قاتلة 
ها جعفر ؟ هل ممكن ان نتعرف عليه؟ يعني صار علي لزاما ان ابحث في مذكراته / لاتستعجل علي يا جعفر / انا ما  زلتُ أبحث في دفتر مذكراته، ولا أدري كيف تبدلت حقيبتي، وهذا يعني أن صاحب الحقيبة مقاتلٌ معنا، وربما اختلفت سريته عني / ( برهة صمت )  اتعرف ياجعفر / دعني اقرأ  لك ما عثرتُ عليه  في دفتر مذكراته/ هناك اشياء مدهشة يا جعفر /  ساِقرأ  لك :ـ 
(كانت ألمانيا بالنسبة لي هي الوطن والحامية التي لذت بها بحثاً عن الشبع والامن والعافية، وكانت هي الملاذ، أما اليوم بعد نداء المرجعية الرشيدة، عدتُ لا أطيق حياة الغربة، فلا بد لي أن أعود الى بلدي وناسي واهلي.. لقد سمعتُ بكاء الأرصفة، وعرفتُ حزن الأمهات ( برهة صمت / انات حزينة ترنيمة الدلول ) لذلك عدتُ..
لقد عاد ياجعفر ( بفرح ) لقد عاد ( دم ـ وصمت وازيز الرصاص ـ  وانشغالات قتال / اطل  الصبح / صياح ديك وازيز رصاصة / ينظر  من كوة جعفر ـ الجمهور :ـ صباح الخير جعفر  كيف حالك/ الحمد لله / انا بخير نعم وصلتني الامددات / ذخيرة  ماء وطعام / ماذا ؟أوه اما زلت تذكر الحقيبة / لا انا ماعدت افكر بها / لكني افكر  بالمفكرة اقرأ ثم اعيد فاتأمل هذا العالم الجميل  / ساقرأ ما كتب في احدى صفحاته / ذات يوم سألت أمي: ماما.. لماذا يخرجون الجنائز من المخيم الحسيني؟( يسير معها مسيرة جنائزية )( لااله الا الله ـ لااله الا الله ) أجابت: تبركاً بأهل الحسين (عليه السلام)، وإن عشت إن شاء الله سأجعل زفافك من هنا.( يترنم مع نفسه ) يمه ذكريني لو تمر زفة شباب / جعفر  ساقرأ لك ملاحظة دونها علاء / من ؟ هل نسيته  انه علاء صاحب الحقيبة / صاحب المفكرة / كتب ملاحظة (1) ماتت أمي (رحمها الله)دون ان تحقق رغبتها ، لكن ابنة عمي سكينة مصرّة على تنفيذ رغبتها، وأن تكون زفة عرسنا في المخيم الحسيني./ وكتب ملاحظة ثانية / ساقرأها لك / ملاحظة (2)
تشظى المخيم الحسيني المبارك الى خيم مقاتلة تملأ الجبهات لصد داعش../ اوه كم رائع هذا الشاب  ياجعفر / ماذا تقول؟ / ارفع صوتك كي اسمعك / طبعا  اذا رأيت حقيبتي اعرفها /  اعرفها ولو وضعوها وسط ألف حقيبة،/ اتضحك مني يا جعفر /
صح انا فقدتها وهي بجنب واحدة، لكني على ما يبدو  كنت محظوظاً بأن أتعرف على مثل هذا الإنسان./ شاب عراقي صاحب غيرة في زمن هج الشباب بحثاً عن لجوء في ألمانيا، هو يتركها ويجيء الى السواتر ليدافع عن بلده العراق./ دعني اقرأ لك يا جعفر / لقد كتب في إحدى صفحات المذكرة: امي تركت المانيا وجئت للتقى.. للقتال.. لموضع يقربني الى روح الكون كربلاء.. كيف لي أن أسكن الاقاصي، وهناك من يهدد بقتل الحسين (عليه السلام) ثانية.. لا يمكن أن نسمح لخيول داعش أن تدوس أضلاع سيد العراق.( برهة صمت ) اسمع اسمع  جعفر / كتب رسالة الى خطيبته / سكينة... كيف سننعم بزواجنا وعلى مقربة من الخيام حرملة يترصد أوردة أطفالنا.. تارة يمرق من جرف الصخر، وأخرى يطلع من النخيب./ أكيد ياجعفر سأبحث عنه لأتعرف عليه / ليالي لم انمها  اسهر  مع  كلماته يجذبني الى عوالمه  /( صوت رصاص كثيف  / وميض نار  ) صرت أقرأ كل صفحة عشرات المرات، وأتلو كلماتها على أصوات القذائف وبوجه البارود ودخانه الأعمى، حتى صرت أسير تلك المذكرات أتابعها حرفاً حرفاً..
أقرأ معي يا جعفر اقرأ : الغربة ضياع، ودونك يا وطني انا غريب، وانت دون نداء سيد عراقيته لكنت هباء تتقاسمك الجهات.. /كم ستفرح امي (رحمها الله) لو عرفت اني عدت الى بلدي كي ابعد عنها الردى.. انها بدر الكبرى يا أمي.. عادت على أطراف البلاد، ولهذا قررت أن لا يفوتني الحضور، خضنا المعارك دون خسائر، وكل التضحيات سبيل فوز عظيم.، ايه يا جعفر  ما انفك سؤالك  عن اخبار دفتر المذكرات / عن هذا الانين العارم بين السطور..  منذ أيام وانا اكرر كلماته حتى حفظتها عن ظهر قلب صرت ارددها حتى في احلامي يا جعفر ساقرأ لك :ـ( أمي سأحقق حلمك القديم، وأزف من المخيم الحسيني إما شهيداً أو (عريساً).نعم .. وجدت رقم موبايل فرحت به كثيرا وقلت ساحدثه واتعرف عليه / لكني  منذ أيام اتصل به ولا احد يرد ، وكلما اتصل لم أجد من يجيبني، وبالأمس فقط ياجعفر وصلتني رسالة: سلامٌ عليكم, إذا كنت صاحب الحقيبة، ، لقد استشهد علاء، نعم يا جعفر استشهد علاء تقول الرسالة :ـ ،وترك حقيبته هدية، وهدية الشهداء لاترد. واما حقيبتك فقد تركناها لك وديعة في امانات المخيم الحسيني 
( انتهت ) 


 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=116794
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 03 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19