• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دَردَشاتٌ دِيمُقراطِيَّةٌ! [٢] .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

دَردَشاتٌ دِيمُقراطِيَّةٌ! [٢]

   الديمقراطيَّةُ لُعبةٌ كأَيَّةِ لُعبةٍ في هذا العالَم لا يُحسنها الّا من يتعلَّم قواعدها وأُصولها وأَدواتها وقوانينها.

   ومَن يتصوَّر أَنَّها آيةٌ مُحكمةٌ أَو روايةٌ متواترةٌ فهو واهمٌ ومخدوعٌ!.

   ومَن يظنُّ أَنَّها تختلفُ إِختلافاً جذريّاً من بلدٍ إِلى آخر أَو بينَ أَن يُمارسها [العَلماني] أَو يمارسها [الاسلامي المتديِّن] أَو أَنَّ [ديمقراطيَّة العمائِم] تختلف [١٨٠ درجة] عن [ديمقراطيَّة الشَّراويل]!.فهو كالزَّوج المخدوع!.

   ولقد لخَّص أَحد الزُّعماء الأَميركان قصَّة الديمقراطيَّة بكلمتَين إِثنتَين؛

   [الشَّعبُ يصوِّتُ وَنَحْنُ نختار]!. 

   هذا من جانب.

   ومن جانبٍ آخر، فانَّ الديمقراطيَّة، مع كلِّ ذلك، تختلف عن الديكتاتوريَّة في أَصلٍ مهمٍّ جداً وهوَ؛

   أَنَّ الديمقراطيَّة تراكُميَّة أَمَّا الديكتاتوريَّة فقرار اللَّحظة.

   بمعنى آخر، قد يستيقضُ شعبٌ من الشُّعوب ليسمعَ من المذياعِ البيان رقم واحد بصوتِ ضابطٍ في الجيشِ إِستولى، بالتَّعاون مع مجموعةٍ من ضبَّاط الجيش، على البلاد والغَوا كلَّ شَيْءٍ، كما حصلَ ذَلِكَ في العراقِ الأَعوام ١٩٥٨ و١٩٦٣ و١٩٦٨ عندما شهِدَ العراق الانقلابات العسكريَّة أَو ما أَصطلِحُ عَلَيْهِ أَنا بـ [السَّطو المُسلَّح على الوطن].

   لتدخل البلادُ بعد ذلك في نفقٍ مُظلمٍ من الاستبداد والديكتاتوريَّة والشُّموليَّة والسُّلطة البوليسيَّة!. 

   أَمَّا الديمقراطيَّة فلا يمكنُ أَبداً أَن يستيقضَ عليها الشَّعب أَيَّ شعبٍ، وإِنَّما هي نتاج تراكُميَّة طويلة الأَمد تعتمد الثُّلاثي الاستراتيجي [الثَّقافة والقانون والقوَّة] والتي سنفصِّل الحديث فيها لاحقاً.

   يخطأ من يتصوَّر أَنَّ أَعرق الديمقراطيَّات في العالم الْيَوْم تحقَّقت بقرارٍ أَو أَن الشَّعب إِستيقض عليها في الصَّباح ليجدَ كلَّ شَيْءٍ على ما يُرام، الدُّستور والقانون والسُّلطة، أَبداً.

   يكفي أَن نعرِفَ مثلاً أَنَّ الحرب الأَهليَّة في الولايات المتَّحدة الأَميركيَّة حصلت بعد مرورِ قُرابةِ قرنٍ من الزَّمن على كتابةِ الدُّستور وتأسيس الدَّولة والنِّظام الدِّيمقراطي!.  

   كما يخطأ من يُقارن أَيَّة ديمقراطيَّةٍ وليدةٍ بالدِّيمقراطيَّات العريقة.

   هي تجربةٌ وخبرةٌ ودروسٌ ولكنَّها ليست للمقارنةِ أَبداً إِذ لكلِّ شعبٍ ولكلِّ بلدٍ تجربتهُ الخاصَّة مع الديمقراطيَّة مع أَنَّها جميعاً تشترك في الأُصولِ والأُسسِ فقط!.

   كَذَلِكَ يُخطئ مَن يتصوَّر أَن البلد الديمقراطي هو بلد الملائِكة! أَبداً.

   ومَن يظنُّ أَنَّ الديمقراطيَّة نظامٌ متكامِلٌ بلا مشاكل، فهو يشبه بني إِسْرَائِيلَ الذين ظنَّوا أَنَّ عهدَ البِعثة سيُجنِّبهم الأَزمات والمشاكل حتَّى قالوا لنبيِّهم موسى (ع) {قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا}. 

   فضلاً عن أنَّهُ يخطأُ من ينظر إِلى الديمقراطيَّات العريقة من نِهاياتِها من دونِ أَن يعرفَ كيف تراكمت؟ وكيفَ تطوَّرت قوانينها وأَدواتها؟ وما هي المُدَّة الزمنيَّة التي استغرقتها؟ وما هو الثَّمن الذي دفعهُ الشَّعب لتستقرَّ الديمقراطيَّة في بلادهِ؟! وعلى ما هي عَلَيْهِ الآن؟! وإِلى غير ذَلِكَ من الحقائق التي لو تغافلَ المرءُ عن وَاحِدَةٍ منها فسيفشل في وعي الموضوع واستيعابهِ! وبالتَّالي سيفشل في التَّعامل معها كتجربةٍ يمكنُ الاستفادةِ منها!.

   *يتبع...

   ١٢ آذار ٢٠١٨

                            لِلتَّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=116844
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 03 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29