• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الله عزوجل ضرورة عقلية... .
                          • الكاتب : عبدالاله الشبيبي .

الله عزوجل ضرورة عقلية...

 موضوع مُستل من كتاب (اشراقات فكرية، ج1، ص75) لسيد الشهيد محمد الصدر "قدس" اذ ذكر ان الاعتراف بوجود الله عزوجل يحدث طمأنينة في النفس وراحة للضمير، وهذا الاعتراف من اعظم الاسس والقواعد التي يرتكز عليها الاسلام الحنيف، كما وذكر جملة من الاستدلالات البديهية على وجود الخالق العظيم التي سلكها الاسلام في تنبيه العقل الى وجود الله عزوجل، ومنها التفكر في خلق الله، والنظر في الكون، والنظر في دخيلة النفس وآياتها، كما نص القران (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)، ومعرفة الله سبحانه بها يهدي الإنسان إلى التمسك بالدين الحق والشريعة الإلهية من جهة تمثيل المعرفة المذكورة الحياة الإنسانية المؤبدة له عند ذلك، وتعلقها بالتوحيد والمعاد والنبوة. فصار من الواجب العقلي على كل فرد ان يفكر ويجيل النظر والتأمل في عجائب ما خلق الله ليهتدي الى الله وليستضيئ بنورة.
 اذ يقول "قدس" ان الاعتراف بوجود الله من اعظم الاسس والقواعد التي يرتكز عليها الاسلام الحنيف، فلن يكون عمل من اعماله او شعار من شعائره الا هشيماً تذروه الرياح ما لم يقترن بهذا المبدأ السامي ويمتزج به الروح بالبدن.
ان الاعتراف بوجود الله عزوجل يحدث طمأنينة في النفس وراحة للضمير، حيث يعتبر المؤمن ان لرزقة كافلاً، ولأمره مدبراً، وللشر الذي وقع عليه صارفاً، وللخير الذي ذهب عنه مجدداً، ولذنبه غافراً، ولعيبه ساتراً ولعمله شاكراً.
 وقد استند الاسلام في الاستدلال على وجود الله عزوجل وتوحيده على جملة من البديهيات العقلية التي يدرها الانسان لأول وهلة، ويدركها في كل ناحية من نواحي حياته، لأنها من الامور الجبلية الفطرية التي لا تحتاج الى أي فكر ونظر. 
 والاستدلال بالاية ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ﴾ يدور حول احتياج الممكن ــ وهو الذي يستوي فيه طرفا احتمال وجوده وعدمه في نظر العقل ــ الى علةٍ ترجّح وجوده ليوجد هذا الممكن، ومع عدم ترجّح طرف وجوده بعلةٍ موجبة لذلك فلا يمكن ان يوجد، لان احتمال الوجود والعدم ما دام متساوياً في نظر العقل فلابد من مرجّح لاحد الطرفين ليحكم العقل به.
 وهذه القاعدة وان كانت دقيقة التفاصيل صعبة الفهم، ولكنها مع ذلك بديهية اولية، يدركها حتى من لا يعرف القراءة والكتابة، فكيف يشتري الفقير داراً بدون مال لديه؟ ام كيف يداوي الطبيب مريضاً بدون دواء؟ ام كيف يرتوي العطشان بدون ماء؟. 
 ومن الطرق المهمة التي سلكها الاسلام في تنبيه العقل الى وجوده تعالى، التفكر في خلق الله واجالة النظر في هذا الكون العجيب، لظهر امام الناظر ما احتواه من قوانين دقيقة ونظم رتيبة وظواهر مدهشة. والفت الاسلام نظر الانسان الى دخيلة نفسه واعضاء جسمه، وما جعل فيها من قوى فعالة وطاقات هائلة.
 ولاجل هذه البداهة التي يتجلى بها البرهان الالهي، صار من الواجب العقلي على كل فرد ان يفكر ويجيل النظر ويطيل التأمل في عجائب ما خلق الله، ليهتدي الى الله وليستضيء بنورة ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.
 ويضيف ان كل من فكر وتدبر فلابد ان يصل الى النتيجة، ولابد ان يهديه الله الى سبيله، ويرشده الى رضاه، ومن امتنع عن التفكير كان عاصياً لعقله، متمرداً على ضميره، خارجاً عن وجدانه وجبلته.
 وقد اعترف علماء البشر ومفكروهم بوجود المبدأ الاعلى وانه واحد لا شريك له، وذلك كنتيجة حتمية لنظرهم في عجائب هذا الكون وفي دقيق قوانينه وعظم خلقته، سواء كان في الكيمياء او الفيزياء او الجغرافية او الطب او علم النفس او غيرها من العلوم، لان في كل شيء اثر لصانع حكيم  ويداً مدبره.
وقد قال أمير المؤمنين عليه السّلام حين سئل عن اثبات الصانع: البعرة تدلّ على البعير، والرّوثة تدلّ على الحمير، وآثار القدم تدلّ على المسير، فهيكل علوىّ بهذه اللّطافة، ومركز سفلى بهذه الكثافة، كيف لا يدلاّن على اللطيف الخبير؟.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=117440
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 03 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3