• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : اليأس والموت على الأبواب..انتظارا .
                          • الكاتب : عباس باني المالكي .

اليأس والموت على الأبواب..انتظارا

 أننا لا يمكن أن نقرأ أو نفهم أي نص أدبي إذا لم يكن هناك نوع من الانتماء المتبادل بيننا ضمن علاقة جدلية المؤثر والـتأثير وهذا يتم عبر الألفة بيننا وبين هذا النص الأدبي مع العلم أن هذا النص غير مفصول عن قراءة ذات كاتب النص وفق البحث عن المعنى لهذه الذات لأننا حين نقرأ... نقرأ المعنى والأفكار واللغة لهذا الكاتب  وبالطبع هذا لا يتحقق إلا من خلال الألفة معها ويتم هذا من خلال الحدس والرؤيا الفكرية النقدية فبالرغم سقوط الأيدلوجيات السياسية  الشمولية   العامة التي تنظم أنساق الفرد ضمن المتجمع وكما قال  أمبرتو إيكو( ذلك أن الثقافة تقوم بتجزئة المضمون وتثبت في وحدات ثقافية تلك الأجزاء الواسعة من المضمون الذي نطاق عليه الإيديولوجيات ) أي تبقى أيديولوجيات الفردية  لكل فرد والتي تتكون من خلال مسيرته المعرفية التي تكون الفكر الخاص به الذي يتمحور حول قلقه التأويلي  في الحياة وأحداثها لهذا الكاتب  وفق حضور الدال وصولا إلى المدلول المراد التوصل إليه وكما قال أدموند هوسرل (كيف يمكن لي كذات خارج تعمل خارج نطاق تجربة والحواس معرفة وإدراك ذات أخرى وأن أثبتها في أعماقي وأفهمها كذات أخرى في نفس الوقت ) ... وهنا لا بد أن يبرز سؤال هل القراءة هي  محاولة  إسقاط فهم الناقد على النص أم استخراج الكامن في روح النص.، وهنا لا أريد أن ثبت نظرية بافلوب حول الانعكاس الشرطي أولا شرطي لأننا في هذه الحالة نسقط الطور النفسي وانعكاسه الوجودي إلى الناقد على النص بدل أن نقرأ النص وفق المعرفة البستمولوجية المحايدة والمستقلة لكي نحدث المقاربة المطلوبة في  ثقافة الكاتب وكشف المعنى الدلالي القصدي في أي من كتاباته لأن المتلقي لا يعي بشكل كلي قصدية الكاتب  ...وعندما ندخل عالم الشاعرة ازدهار الأنصاري بعد حددنا طريقة القراءة في نصوصها نجد أن الشاعرة بقدر ما تعيش اليأس الحاد في تحقيق ما تريد أو تصبو إليه  في الحياة في نفس الوقت  تمتلك القوة الكبيرة على التشبث بالحياة والبحث  عن تغير مجريات حياتها من أجل تحقيق ما تريد أن تصل إليه ففي  نصها ( سيدة الوهم) نجدها هنا تحاول على منح حياتها شيء جديد خارج عن يأسها (دعني أراك  /امنحني/حبا أعيش به /امنحني  /رغبة في الاستمرار) أي أنها مع يأسها لا تستسلم بل تريد أن تستمر بالحياة بالرغم أن هذه الحياة لم تمنحها ما تريد منها وهذا بالطبع خاضع إلى فهمها المعرفي إلى كل الأحداث التي تمر عليها أو مرت عليها متشبثة بالحلم التي تعتبره الطريق الوصول إلى غاياتها لأنها هنا تناشد الحلم كي يمنحها الاستمرار بالحياة من خلال الحب التي تنشده أو تريده في الحياة وأنها لا يمكن أن تستمر بالحياة إلا من خلال الحب الذي تريده ولكنها بالرغم من هذه المناشدة  ترجع إلى ذاتها  في نفس النص ( سيدة الوهم /أفيقي /كفاك سرابا/وانتظارا لا يجيء /حلم أنا / سأختفي يوما  /لا تتعلقي بالقشة /فتتساقطي /قلت: /ماذا أفعل اذاً..؟؟؟؟؟ ) هي هنا تعيش القلق والتردد نتيجة عدم انسجام عالمها الخارجي مع داخلها وهذا جاء نتيجة أزمتها من فقدان الثقة بكل شيء يدور حولها نتيجة طول انتظارها لمنقذ حياتها وقد تكون هذا بعد تجربة فاشلة مرت عليها ما جعلها تسقط كل مفاهيمها التي تكونت عندها بسبب هذه التجربة على حياتها كلها وهذا ما يدل أن هذه التجربة كانت تعلق عليها أمالها الكبيرة في الحياة والاستمرار بها لما لها أهمية كبيرة في تحقيق ما تريده من الحياة وهذا واضح من خلال السيطرة الحادة على مفاهيمها القلقة واليائسة ما جعلها متردد بينها وبين ذاتها بين اليأس والصحو من هذا العلاقة لكي تعيش الحياة بشكل طبيعي  ولكنها تجد نفسها أنها أصبحت صدى في كل أحداث حياتها  لهذه التجربة أو العلاقة ...لأننا نشعر بقدر ما كانت تعيش التفاؤل في المقطع الأول نجدها ترجع إلى ذاتها نابشه ما في روحها من يأس و كأنها تصحو من الحلم الذي تناشده بتحقيق ما تريد لهذا نرى أنها أصبحت صدى لتلك أيام أزمتها في فقدان ما تحب حيث تشدد على نفسها أفيقي كفاك سراب و كل الذي عاشته مع من تحب هو الحقيقة وباقي أيامها هو سراب أو صدى لتلك الأيام حيث تملأ  ذاتها بالقلق المجهول بانتظار لا يجئ  والاختفاء في ذاتها فهي انتظارا إلى  الذي يعيد لها حياتها  ..فأي ألم وجرح عاشته في  هذه التجربة المريرة من جراء تعلقها بمن تحب  وفشل هذه العلاقة إلى حد ترى الحياة بعده كأنها تتعلق بقشه  ولكنها ترجع مترددة خائفة من الحياة بقدر ما خائفة من المجهول ( ماذا أفعل إذا ) أي أنها لا تعرف أي قرار تتخذ وأين تتجه لأن ذاتها مشبعة بالأم واليأس إلى حد أكتسح ذاتها ولم يبقى فيها أي روح إلى الأمل لأن الأمل عندها هو قشة فهل تتعلق بالأمل القشة و أنها لم تعد تؤمن بالقادم ليحقق لها ما تريد والشاعرة هنا استطاعت أن تتصاعد بالصورة الشعرية بدلالات استعارة عالية التكوين وفي نسق نفسي  مدلول لأزمتها  كما نشعر أن اللغة المستخدمة هنا اللغة ارتفعت  بمفرداتها  وكان كل حرف مشبع بألم روحها أي جعلت من اللغة المقاربة الكبيرة من ذاتها لتبث فيها حجم المعاناة ودمار الحياة  في داخلها و جعلت من اللغة الربط الذي يخرجها من ذاتها المتألمة لمكاشفتها ومعرفة حدود ألمها ومعاناتها .فالشاعرة طاوعت اللغة إلى حد أشبعتها من روحها ..وهنا تبرز قدرة الشاعرة على كيفية استخدام المفردة المناسبة ضمن لغة النص  ( كيف أنسى /أنك هنا /في سطور حروفي (   فأنها امتلكت توازن الميكانزم   في اللغة وتصعيدها إلى حد ألامها كما أنها استطاعت أخراج هذه المعانات بنسق متوالي لخروج ألامها لتحقق أعلى حالات التأويل الدلالي في الاستعارة والانزياح  الرائع وهذا هو سر شاعرية هذه الشاعرة فنجد في نفس النص محاورات مع الذات الحالمة لأنها لم تعد تثق بالواقع الذي حولها لأنه ضيع أجمل  ما كانت تعيش ولم تعد تحلم بالقادم أو المنقذ لها من كل ألامها  ( امنحني    /وجودا  /كن لي القلب/كن لي النبض/كن لي كل شيء/أيها الحلم/القابع في خبايا الروح/كيف أنسى /أنك هنا /في سطور حروفي   /كيف أغفل /عن هواجسي /التي تنتظرك /كيف أحتمل  /غيابك وقربك/أعّني /على فعل شيء) أنها عاجزة عن فعل أي شيء في الحياة فهي تناشد المنقذ  الذي تنتظره أن يفعل  لها ما تريد بعد أن ضيعت أحلامها أو الحياة ضيعتها  فهي تريد أن تجد المنقذ الذي يعيد توازنها مع الحياة وتنتظره بصبر كبير لهذا نجد أن الشاعرة تعيش في عالمها الداخلي أكثر من ظواهر حياتها الخارجية فهي لم تعد تعيش سوى في خبايا الروح  ولم تعد تحتمل الانتظار ( التي تنتظرك /كيف أحتمل  /غيابك وقربك/أعّني /على فعل شيء)

 
و نجد في قصيدتها (نبضات) أن الشاعر تعيش القلق الوجودي وتعيش المجهول ولكن بغضب كبير مدركه  ما تعيشه ذاتها بانتظار الأمل القادم  تحاول أن تمزق الحاضر الذي لم يعطيها ما أرادت في الحياة فهي تشعر بالقلق من المجهول لهذا نراها تتقدم بعواطفها ومن ثم تتراجع إلى ذاتها مترددة الخطوة بين الأقدام أو التراجع نتيجة عدم أيمانها بكل شيء حولها فأنها غير قادرة على  التقدم أوالتراجع أي متراوحة في مكانها وكأنها تبقى متفرجة على العالم وتنتظر إليه وهي على شرفة لا تستطيع التقدم أو التراجع بل متشبثة بهذا العالم ولكن بتردد لعدم أيمانها بخطواتها وهذا ما يميز جميع نصوصها لأنها عبارة عن حوار مع الذات المترددة واليائسة حيث نلاحظ أن الظاهرة الصوتية للقصيدة  هي أثارة التصورات الذهنية من ناحية الدلالة وصولا إلى المدلول الداخلي الذي هو انعكاس إلى المدلول الظاهري  أو المدلول المتحرك لأنها تعيش الحوار الذاتي الداخلي وفق تأثير ظواهر الخارجية المتحركة  تحركا وفق أنساق عواطفها لأنها تعيش الحاضر من خلال الماضي الذي ثبت في داخلها اليأس منتظرة  المستقبل الذي تفقد الثقة بقدومه حسب ما تريد وترغب وقدوم الحبيب المنقذ من ذاتها ويأسها فهي تشعر بالغضب والمرارة والقهر  (أشعر بالغضب /بالمرارة /بالقهر ../ألم يحز الضلوع ../تعبث في أركان الروح /نبضات مجنونة .. /تحترق الروح..!!) وهنا ارتفعت الشاعرة بالصورة المستعارة  إلى حد خرجت ظواهرها الباطنية إلى  ظواهرها الظاهرية وهو أجراء يصل بالمتلقي إلى أقاصي الغاية الشعرية ،فهي كونت نص ذو شكل ضمن بناء تركيبي موحد منظم الأجزاء وهذا هو المعبر الحقيقي عن النص في قصيدة النثر لأنها استطاعت أن تحافظ على توترها المؤثر في مشهدها الشعري ..وتستمر الشاعرة بترددها في نفس النص حيث نلاحظ أنها تبرز يأسها من الانتظار وهذا كما قلت سابقا  نتيجة  الأزمة التي عاشتها في الماضي جعلها لا تثق بالمستقبل القادم   حيث أن هذا المستقبل لا يستحق حتى  دموعها (جربت/كل واحدة على حدة /اكتشفت أن الحياة/ لا تستحق الانتظار ../لا تستحق الدموع( ..وهذا هو الطابع العام في نصوصها الأمل وسط اليأس وعدم ثقة بالمنقذ القادم في المستقبل والتي كسرت كل أحلامها لهذا المنقذ ليخرجها من يأسها وألمها كل هذا أوصلها إلى لحظة العجز الكلي من الخروج من يأسها بالعثور على  من تريد لأن العمر يتقدم بها وهي منتظرة لهذا القادم من المستقبل فيحدث الانفصال حتى مع ذاتها لهذا تود الهروب حتى منها وهذا يدل على حجم وضخامة المخاض الذي تعيشه إلى حد سلبها من ذاتها فحدث الانقطاع بينها وبين ذاتها وأحلامها وبالطبع ووصلها إلى هذه المرحلة وهي مرحلة الضياع والمجهول فلا تعرف أين تهرب ولا أحد ينتظر أحد (في لحظة هروب .. /الى أين ..؟ /لا أحد يدري ../ولا أحد بانتظار أحد..!!!)..
 
 ندرك أن كل نصوص الشاعرة هي صدى نص إلى نص أو جواب إلى النص أخر الذي قبله لكن هذا  جواب هو جواب  مبهم في المجهول وليس جواب المستقر في الحاضر لأنها لا تعرف كيفية الخروج من أزمتها فتعلق خروجها من هذه الأزمة على المنقذ الذي  تشك بالعثور عليه وهذا الشك أوصلها إلى عدم التصديق بأنها سوف تجده ففي نصها ( هل هرب الحلم )
 
  يثبت هذا ويثبت أن الغالب في نصوصها هو اليأس من حياتها واليأس من أنها تستطيع أن تجد من يحبها كما تحلم فتبقى روحها هائمة..... لأنها لم تعد تصدق كل ما تراه وهذه أزمة كبيرة  في أزمة الفرد  ضمن مجتمع لا يمتلك مصادقيه مستلب الحرية الشخصية لهذا الفرد
 
(هذيان وجنون /شمع يذوب/صلصال يتكسر/روحي هائمة/في عدة أبحر/يا لهذا الشك القاتل/لماذا لم أعد أصدقك..؟ ) وتصل بمحاورة ذاتها إلى حد الهذيان والضياع ومجهولية الواقع الذي حولها أوصلها إلى الشك بكل شيء في جودها  حيث لم تعد تصدق ونجد هنا المحاولة التي تجريها مع ذاتها وكأنها فصلت(الأنا) عن ذاتها فتحاورها حول أزمتها أي أنها حتى أزمتها لا تريد أن يعرفها الناس الذين حولها بل تبقى ضمن سر ذاتها  .. وهذا بالطبع قد يكون السبب الرئيسي وراء تفاقم أزمتها والذي أوصلها إلى حد التردد بين ذاتها والواقع الحقيقي حولها فأنها لا تطرح أزمتها إلى الآخرين لأنها تعتبرهم جزء من الواقع الذي تشك به (هل تتجاهلني/هل هرب الحلم/لماذا اشعر بالوحدة تأكلني/والصدأ ينهش /عقلي/يتمادى في قتلي/هل هرب الحلم ..؟) هنا تتصاعد أزمتها الداخلية لعدم وجود ما يعيد التواصل بينها وبين الحياة حولها لهذا تشعر حتى الحلم هرب لأنها تعيش سوداوية عالية من الشك وعدم التصديق .. ومن كثرة تراكم هذا الحزن داخلها تشعر بتجاهلها حتى من ( الأنا)التي تشعر بها حولها والتي تمثل الحلم وتوازنها النفسي لأنها دائما نشعر بحوارها مع شخص غير مرئي ..وهذا جاء لصدمتها التي ولدت لديها الحزن والشك في كل شيء(من انتظرت/أين تراني أهيم الآن/هنا/هناك/أم بين ... بين/أبحث عنك/ تهجرني الأحلام والمنى /ويصبح اليوم ليل طويل /لا ينتهي) وتستمر بالمحاورة مع الذات المجهولة الغير مرئية لتخبرها  بانتظارها  فنحن نشعر بوصولها إلى حالة الملل   والضجر من هذا الانتظار الطويل له وهذا ما جعل حتى الأحلام تهجرها والمنى  فقد أشبعت من هذا الانتظار فهي تريد أن يأتيها لينتهي كل ما تعيشه من ألم وشك وحزن ولكنها لا تناشد سوى المجهول وهو غير موجود إلا في ذاتها ....
 
(غربة تعصف بالروح/وجع يتمادى بالالم/ونحيب يقطع نياط القلب/وصور خيالات/تتراقص واهنة امامي/تسرقني لحظات/هفوات/لكن روحي/تظل تناديك/عد/اما آن الوقت/لكنك هنا/هناك/وبين بين/تختزلني/تضيق الخناق علي/وأحبك/أبداً أحبك )
 
وتستمر الشاعرة بتبرير استعجالها إلى المنقذ المجهول   بسبب الغربة  ،الوجع ،النحيب التي تشعر به فهي لم تعد تعيش سوى الخيالات الواهنة حولها ... فتتصاعد أزمتها إلى حد تدعوه وتناديه بالمجيء فهي وصلت بأنتظارة إلى الاختناق  والاختزال ومع هذا هي مازال تحبه وسوف تنتظره إلى الأبد ....
 
 وفي نصها  ( البداية كانت) نجدها لا تخرج من نفس المنطقة  بل تحدث عندها تقاربات
 
في منطقة التخيل بسبب تراكب عندها الشك واليأس من المستقبل فستحضر منقذها إلى الحاضر لكنها لا تستحضر سوى الفراغ..(أريدك/أمد يدي/تمتد حتى أخر النفق/فأجدني اقبل الفراغ) فتتصاعد عندها (الأنا) وتخيلها فتشعر بحضوره فتمد يديها لتلامسه ولكنها لا تجده فتسقط في منطقة الهذيان وتشعر بالارتباك من هذا الهذيان لارتدادها إلى منطقة الوعي  لشعورها بالخيبةو الوهم فبدل تصاعدها إلى  لحظة الجنون والتمرد على الحقيقة التي حولها لتعيش الحلم  خارج إدراكها الواعي لتجسد  منقذها  لغاية أنها تراه وتحاول أن تمسكه ولكنها ترتد وتحاول الاختباء  لوعيها أن حلم اليقظة في حضوره ما هو إلا رحيل إلى الهذيان والجنون  وهذا ما نجده في نصها ( رؤى عمياء) أي أنها جواب النص السابق  فنحن نجد أن نصوصها متوالية  الاشتغال في منقطة اليأس  من حضور الحبيب
 
(أن أوان الرحيل حان/يشرع عقلي/في هذيان مترع بالجنون /أحاول الاختباء ) فتصل في هذا النص إلى العجز الكلي من أحاسيسها الجسدية فتشعر بالموت الجزئي لطغيان اليأس إلى حد أمات جسدها فهي لم تعد تشعر به ولكنها تتدارك بأنها لم تمت فلا قطرة دم خرجت ولا فقدت الشعور الكامل بجسدها  لكنها فاقدة الوعي بكل ما يجري حولها أي أنها شبه ميتة وحدث هذا بسبب طغيان اليأس والشك  وعدم تصديق ما يجرى حولها وفقدانها الأمل بحضور من تحب ...لا قطرة دم/أراها تخرج من جسدي/فقد فار/وتبخر/وانتهى/هل انتهيت أنا/لا أدري..!!).
 
  وفي نصها ( الجثمان ) نجد النهاية لكل هذا اليأس والشك وفقدان الأمل بالحضور  القادم حيث يتحول عندها الأتي إلى سراب الرمل فيؤدي بها هذا إلى الموت ( بين موتي وموتي)وهي هنا ترتفع بالصورة الشعرية وفق استعارة التأويل  لأنها هنا جعلت الاستعارة ما بين الموت والموت سقط الموت وهو انزياح كامل لكل التأويل الدلالي  لكافة نصوصها  وهي هنا كأنما تجد الحياة في الموت أو تلغي الموت بالموت والشاعرة تعطي إلى الدوال رشاقة المعنى في التكثيف والترميز حيث نلاحظ في جميع نصوصها تلح على الوصول إلى المعنى لكي تبتعد عن الطرح المباشر بالوصول إليه .. ونلاحظ أن الشاعرة تعيش ذاتية التجربة العقلية وذاتية التجربة الحسية فتكون قصائدها مزيج من هذه التجارب الحسية والعقلية بالرغم  أن جميع نصوص الشاعرة  في نمط واحد  ولكنها تبتعد عن هذا النمط بتغريب المفردة عن نمطها ما يجعل شاعريتها هي البحث هي إحضار الصورة من مخزون اللاوعي لأن الشعر ليس البحث عن البديل بل هو  عملية خلق إلى الحلم وسط واقع يشكل للشاعرة أزمة في الانتماء إليه لأنه فقد كثير الحلم الإنساني  وقيم الحياة .. لهذا فأن الشاعرة تتحرك وسط تغير انتباهها النفسي الذي  يصنع الحدث الشعري أو الشعر كما قال بورخيس ( هو مراوغة المجهول وليس  معاينة الحاضر وإنما معالجة الواقع عبر ماضيه ورسم وقبول نتائجه وهي بالتأكيد تمر عبر شحنات الألم اللذيذ  التي تجئ بها المفردة المناسبة ) فندرك أن الشاعرة كأنها يوسف تعيش عملية إسقاطه في الجب بسبب خداع أخوانه اليومية ( في غيابات جب عميق/وأسقطني)  ..  ولكنها هنا لا تجد من ينقذها من هذا الجب سوى.... (يظل باحثاً في سراب الرمل/عن أنا كانت ذات يوم هنا   .!!  /بين موتي وموتي /سقط الموت /في غيابات جب عميق/وأسقطني/في عمق بركان الجنون/هناك/حيث تظل الحياة موتا أبديا..!!!  ) من خلال تسلسل معاناتها  في  نفس النمط  نشعر كأنها سيزيف وصخرته فهي تبحث عن الأمل وسط يأسها  وشكها بالقادم حتى تصل بها الحالة إلى العويل  والجنون التي استعارة مدلولها ( في عمق بركان الجنون ) فتشعر في هذا الجب بالاختناق وهذا دالة على أن الحياة قد ضاقت بها فلم تعد ترى فيها غير الموت الأبدي ( حيث تظل الحياة موتا أبديا ) وهذه هي نهاية الفرد الإنسان عندما لا يشعر بانسجام مع مجتمع
 
لا يملك القيم والمعنى  والتي لا تتطابق مع مفاهيم وقيم هذا الإنسان  والشاعرة تناقش أزمة  الإنسان وسط هذا المجتمع فهذا الصراع يبقى أبديا خصوصا من يمتلك الوعي الكبير بإنسانيته
 
ويريد أن يرى الحياة أكثر اقترابا من حلمه الذي بني عليه كل مفاهيمه ومعرفته في الحياة ولكنه يشعر بالإخفاق الدائم لأن كل ما يراه في مجتمعه هو بعيد عن كل هذا وهذا هو سر غربة الإنسان المثقف وسط كل المجتمعات التي لا تلبي طموحات إنسانيته في الحياة أي أن الشاعرة ناقشت ذاتها من خلال أزمة مجتمع كامل وكما قلت سابقا أنها رحلة سيزيف مع الصخرة  لا يصل القمة ولا يرتاح



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1182
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 11 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19