• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كن ناصحاً لا فاضحاً !...  .
                          • الكاتب : عبدالاله الشبيبي .

كن ناصحاً لا فاضحاً !... 

 الدين صرح يقوم ويستقيم على أساسين متناقضين: فعل ما فيه للإنسان خير وصلاح، والكف عما فيه شر وفساد. وما من شك أن فعل الخيرات أيسر وأسهل على النفس من ترك الشهوات واللذات المحرمة، أليس المال والنساء والجاه والسلطان، زينة الحياة وغاية الغايات عند كثير؟ وهل من وسيلة إلى الصبر عنها إلا بورع واجتهاد؟. المصدر: الشيخ محمد جواد مغنية، فلسفة الأخلاق في الإسلام.
ولهذا ما من إنسان إلاّ ويأتي عليه زمان يلتمس فيه النصح والإرشاد للخروج من مشكلةٍ وقع فيها، أو لمشروع يعتزم القيام به، وعندما يقدّم إليه أحدٌ نصيحة مخلصة، يُفتح له باب المخرج أو تُكسر له حلقة الضيق، فيمتلئ قلبه غبطةً وابتهاجاً. 
والإسلام دين التسامح والتناصح والتشاور، يعتبر الدّين النصيحة، ويشجع على بذلها. والبعض من الإفراد يتحاشى النصيحة، خوفاً من إغضاب إخوانه، وخاصة أولئك الذين يسدّون آذانهم عن الآراء والنصائح التي لا تتفق مع مصالحهم وأهوائهم. هذا الموقف ترفضه تعاليم أهل البيت عليهم السلام، يقول الإمام علي عليه السلام في كلماته الوعظية للحسن عليه السلام: أمحَضْ أخاك النَّصيحة، حسنةً كانت أو قبيحة، ويقول عليه السلام: ما أخلصَ المودّةَ مَنْ لم ينصح. والإسلام يرى أن أفضل الإعمال النصح لله في خلقه.
وقد أشار الاِمام زين العابدين عليه السلام لهذين الحقّين المتقابلين بقوله حقّ المستنصح: أن تؤدّي إليه النّصيحة، وليكن مذهبك الرّحمة له، والرّفق به. وحقُّ النّاصح: أن تلين له جناحك وتُصغي إليه بسمعك، فإن أتى بالصّواب حمدتَ الله عزّوجلّ، وإن لم يوافق رحمته، ولم تتّهمه، وعلمت أنَّه أخطأ، ولم تؤاخذه بذلك إلاّ أن يكون مستحقاً للتّهمة، فلا تعبأ بشيء من أمره على حال. المصدر: الحقوق الاجتماعية في الاسلام.
نَصَحَ: نصح الشيء خَلَصَ كمنعَ، ونصحه, ونَصَحَ له يَنصح بالفتح فيهما نُصحاً بالضم, ونَصَاحَةً بالفتح, وهو باللام أفصح، وفي زيادة اللام دلالة على المبالغة في إمحاض النصح. قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾.
والناصح: الخالص من العسل وغيره، وقال الأصمعي: الناصح الخالي من الغل، وكل شيء خلص فقد نصح. والاسم النصيحة: وهو تحري ما ينبغي له, وما يصلح وأراد له الخير, وأخلص في تدبير أمره، وهو من قولهم: نصحت له الود: أخلصته. وتقول: نصحت لصديقي في الرأي. ونصح لنفسه: تجنّب ما يؤذيها في الدنيا والآخرة.
ولهذا فإن النصيحة من أهم مقومات المودة وأعظم لوازم المحبة، ولم تتم الأخوة ما لم تكن النصيحة رائدها وباعثها، ومن لم يكن ناصحاً لأخيه فليس بأخ، وهي الدرع الحصين من وقوع المؤمن في الوقائع التي لا يرغب بها, أو التي حذر الشارع منها، فمثلاً لو استشار الخاطب, أو طلب النصيحة في زواجه لبنى أسرته في أفضل صورها، ولتعلم أبناؤُهُ أفضل التعليم، ولكن إهماله لها قد يجرّه إلى تطبيق بعض الأحكام الشرعية التي هي لمعالجة ظرف استثنائي, كالطلاق الذي هو أبغض الحلال عند الله تعالى. ومن المؤسف عندما يستشير شخص آخر ويطلب منه النصيحة في موضوع ما, فالإجابة غالباً ما تكون على مستويين:
المستوى الأول: هو الامتناع عن النصيحة بعذر ان ورعه وتقواه يحتم عليه ذلك، ويعتبر امتناعه عن الإجابة هو السلوك الصحيح, والمناخ الصحي في عصرنا.
المستوى الثاني: إن يتوسع في الإجابة أكثر مما هو المطلوب, مصحوباً بالمبالغة إما بذكر العيوب مثلاً إذا كان كارهاً أو بذكر المحاسن إذا كان محباً، فهنالك إفراط وتفريط. المصدر: الدين النصيحة، المدرسة المهدية الدينية. 
والنصح: قول أو عمل يريد صاحبه صلاح المعمول لأجله. وأكثر ما يطلق على الأقوال النافعة المنقذة من الأضرار. ويكون بالعمل كقوله تعالى: ﴿إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾، وفي الحديث: الدين النصيحة لله ولرسوله، أي الإخلاص في العمل لهما لأنّ الله لا ينبّأ بشيء لا يعلمه. وقد تقدم في قوله تعالى: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾. فالمراد بالنصح هنا هو ما سمّاه قومه بالجدال، أي هو أولى بأن يسمّى نصحاً، لأن الجدال يكون للخير والشر. المصدر: التحرير والتنوير.
أضف إلى ذلك هو أن يحمل الإنسان في قلبه وعقله ولسانه الخير للناس، فيحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لها، فعن رسول الله (ص): لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه.
والنصيحة تارة تكون بالقول وأخرى بالعقل، فالنصيحة بالقول هي أن ترشد الناس إلى ما فيه صلاحهم وتنهاهم عما فيه ضررهم في الدنيا والآخرة.
وأما النصيحة بالفعل فهي أن يكون سلوكك يمثل النصيحة للآخرين فلا تظلم ولا تغش أحداً ولا تعتدي على الآخرين ولا تؤذيهم بقول أو فعل.
وقد وردت كلمة النصيحة في القرآن الكريم بالأفعال الثلاث الماضي والمضارع والأمر، ومنها: قوله تعالى: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾. وقوله على لسان صالح عليه السلام: ﴿وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ﴾. وعلى لسان هود عليه السلام: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾. وقوله: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾.
كما حثت الروايات والأحاديث التي وصلت لنا عن طريق اهل البيت المؤمنين بالنصيحة والعمل بها ومنها: عن سول الله(ص) انه قال: من ضمن لى خمساً اضمن له الجنة: النصيحة لله عزوجل، والنصيحة لرسوله، والنصيحة لكتاب الله، والنصيحة لدين الله، والنصيحة لجماعة المسلمين.
الأولى عبارة عن صحة الاعتقاد بوحدانيته وإخلاص النية في عبادته، والثانية عبارة عن التصديق بالكتاب والعمل بما فيه، والثالثة عبارة عن التصديق برسالة الرسول والانقياد له بما أمر به وما نهى عنه، والرابعة عبارة عن إطاعة الأئمة في كل ما يقررون في الشرع وكل ما ينكرون فيه وعدم تجويز رد قولهم ومخالفتهم بوجه، والخامسة عبارة عن إرشاد المسلمين إلى مصالحهم الدنيوية والأخروية.
اذ قيل: إن الدين النصيحة لله ولرسوله ولكتابة ولأئمة المسلمين وعامتهم، النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناها غيرها، وأصل النصح في اللغة الخلوص، يقال: نصحه ونصحت له ومعنى نصيحته لله صحة الاعتقاد في وحدانيته. المصدر: مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول.
وإخلاص النية في عبادته، والنصيحة لكتاب الله هو التصديق والعمل بما فيه، ونصيحة رسوله التصديق بنبوته ورسالته والانقياد لما أمر به ونهى عنه، ونصيحته الأئمة أن يطيعهم في الحق ولا يرى الخروج عليهم إذا جاروا ونصيحة عامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم، انتهى.
وَقد قَالَ الإمام علي عليه السلام: مَنْ حَذَّرَكَ كَمَنْ بَشَّرَكَ، يقول شارح النهج: هذا مثل قولهم اتبع أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك ومثله صديقك من نهاك لا من أغراك ومثله رحم الله أمرا أهدى إلي عيوبي. والتحذير هو النصح والنصح واجب وهو تعريف الإنسان ما فيه صلاحه ودفع المضرة عنه وقد جاء في الخبر الصحيح الدين النصيحة فقيل يا رسول الله لمن فقال لعامة المسلمين وأول ما يجب على الإنسان أن يحذر نفسه وينصحها فمن غش نفسه فقلما يحذر غيره وينصحه وحق من استنصح أن يبذل غاية النصح ولو كان في أمر يضره وإلى ذلك وقعت الإشارة في الكتاب العزيز بقوله سبحانه ﴿يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ﴾ وقال سبحانه ﴿وَاذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى﴾. المصدر: ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة.
اذ ورد عن رسول اللّه(ص) من أنه قال: الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول اللّه؟ قال: للّه ولرسوله ولائمة الدين ولجماعة المسلمين.
وعن عيسى بن أبي منصور عن أبي عبدالله (عليه السلام): يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه. فالرواية تعتبرُ أن النصيحة للأخ المؤمن حقٌ مِن حقوقه، فعلى المؤمن إرشاد أخيه إلى مصالح دِينه ودُنياه وآخرته، بأمرِهِ بالمعروفِ ونَهيهِ عن المنكر.
كما جاء في الكافي بطريق معتبر عن الامام الصادق والباقر(عليهما السلام)أنهما قالا: يجب للمؤمن على المؤمن النصيحة له في المشهد والمغيب.
وللنصيحةِ شروط معينةٌ كما وردت في موقع الشيخ حسين الخشن نذكر بعضها بإختصار:
1. الإخلاص في النصيحة وابتغاء وجه الله سبحانه.
2. أن تكون النصيحة لِحاجةٍ ماسةٍ لحفظ مقاصد الشريعة من الدين والنفس والعقل والعِرض والمال.
3. أن تقتصر النصيحة على المقدار اللازم منها، فيذكر الناصح ما يخص الأمر الذي فيه النصح ولا يتجاوزه.
وعليه فإنّ النصيحة دون شك من محامد الأخلاق ومحاسن الصفات التي يتحلى بها الإنسان، ولهذا كان من البديهي أن يحثّ الإسلام عليها ويندب إليه، وقد ورد في الحديث عن رسول الله (ص): إنّ أعظم الناس منزلة عند الله يوم القيامة أمشاهم في أرضه بالنصيحة لخلقه.
ينقل إن رجل دخل إلى ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ يريد الصلاة ﻭلكن نسى أن يجعل هاتفه على الصامت وﺑﺎﻟﺨﻄﺄ ﺭﻥّ ﻫﺎﺗﻔﻪ ﺑﺄﻏﻨﻴﺔ وهو ﻓﻲ الصلاة، ﻫﺎﺟﻤﻪ الإمام وﺍﻟﻤﺼﻠﻮﻥ بعدها: ﺗﻌﺼﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ، ﺍﻻ ﺗﺨﺎﻑ ﺃﻥ ﻳﺨسف بك؟! كيف تصلي وهاتفك كله فجور. ﻣﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ، ﺧﺮﺝ ﻭلم يعد إلى المسجد.
ﺗﻮﺟّﻪ نحو إحدى مقاهي المدينة، فطلب (النركيله)، وقد ﺃﻭﻗﻊ ﺭﺃﺱ ﺷﻴﺸﺔ ﻭﺻﺤﻦ الفحم بالخطأ، ﺃﻗﺒﻞ إﻟﻴﻪ صاحب المقهى، وقال له ﻭﻻ ﻳﻬمك ﺣﺒﻴﺒﻨﺎ إلف ﺭﺃﺱ يفدﺍﻙ، صدك جذب لا تهتم سنبدله لكم، ﻣﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ أصبح ﺯﺑﻮﻧﺎً ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻟهذه المقهى. أنظر عزيزي القارئ الكريم إلى الأسلوب وكيفية الارﺗﻘﺎء به والتعامل مع الآخرين وطريقة جذبهم وتصحيح خطئهم، لا تنفرهم وتطردهم، وعليه ﻛُﻦ ﻧﺎﺻﺤﺎً ﻻ ﻓﺎﺿﺤﺎً، ولهذا قيل ﺑﻴﻦ ﻛسب ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﻛﺴﺮ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺧيط ﺭﻓﻴﻊ ﺍِﺳﻤﻪ ​الأسلوب، به تجذب القلوب نحو المحبوب!. 
وعليه عند ازداء النصيحة يجب ان نستخدام اسلوب اللين مع الاخرين، وان نحاورهم بالتي هي احسن فهي احسن واقوم، فان الدين النصيحة والمعاملة والمروءة، مهما كان الانسان ففيه من القصور التقصير الكثير ولهذا نقول: 
اولاً: إن مبدأ التسامح مع الناس جزء لا يتجزأ عن الأخلاق المطلوبة في العلاقات الاجتماعية.
ثانياً: ينبغي للانسان أن يقدم الخير إلى غيره ولا يتبعه بالمن والأذى، بل يجعل فعله من أجل الخير نفسه والأجر في آخرته.
ثالثاً: إن النصيحة لا تخضع للحسابات الذاتية، إنما هي ملك للجميع، فلا يجدر البخل فيها. المصدر: من اخلاق الامام الحسين.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=118251
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 04 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29