• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سقيفة بني ساعدة .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الامير النجار .

سقيفة بني ساعدة

بسم الله الرحمن الرحيم

* المقدمة
بتوفيق من الله تعالى كنت قد أديت مناسك العمرة المفردة، للفترة (27 رجب ـ 7 شعبان 1439هـ/ الموافق 14-24 نيسان 2018م). وبعد الوصول إلى المدينة المنورة، والتشرف بزيارة الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآل) وأئمة البقيع (عليهم السلام)، ذهبت مع بعض الأخوة المعتمرين إلى مكان قريب من المسجد النبوي الشريف، والذي شهد حدثاً تاريخياً مهماً، كان بمثابة نقطة انعطاف في تاريخ الإسلام والمسلمين، ما زالت آثاره ماثلة إلى يوم الناس هذا، ألا وهو: سقيفة بني ساعدة.

* معنى السقيفة
السقيفة: صُفَّة ذات سقف. ويُقصد منها المكان الذي كان يقع في جانب من المدينة، وله سقف ممتد، ويعود لبني ساعدة بن كعب الخزرجي؛ ولذلك عُرف بـ "سقيفة بني ساعدة". وكان الأنصار يجتمعون فيه للمشورة وحل قضاياهم.
تقع "سقيفة بني ساعدة" في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوي، بين مساكن قبيلة بني ساعدة بن كعب بن خزرج جنب بئر بضاعة. وكان سعد بن عبادة ـ مرشح الأنصار لتولي منصب الخلافة ـ يسكن قريباً من هذا المكان.
 
كانت السقيفة داخل مزرعة تتخللها بيوت متفرقة، حيث تسكن قبيلة بني ساعدة داخل البساتين المتجاورة، وهي كبيرة بحيث يمكن أن يجتمع فيها عدد كبير من الناس، وأمامها رحبة واسعة تتسع لهذا العدد إن ضاقت بهم السقيفة نفسها.

* السقيفة اليوم
لقد تحولت هذه السقيفة المشئومة فيما بعد إلى مبنى، تغيرت أشكاله عبر العصور، وأما اليوم فهي عبارة عن حديقة غنَّاء، تطل مباشرة على السور الغربي للمسجد النبوي الشريف.
 
ويقع أمامها سوق شعبية يباع فيه كل ما يجلبه الحجاج والمعتمرين والزوار للأهل والأصدقاء من هدايا وبأسعار مناسبة كـ: العطور، والملابس بمختلف أنواعها، ولعب الأطفال، والمسواك، وسجادة الصلاة، والمحابس، وغير ذلك.

* واقعة سقيفة بني ساعدة
تُعد واقعة سقيفة بني ساعدة أولى الوقائع، ومن أعظمها أثراً في التاريخ الإسلامي، والتي حدثت مباشرة بعد رحيل النبي (صلى الله عليه وآله) في السنة الحادية عشر من الهجرة المباركة، فكانت منعطفاً بالنسبة إلى الكثير من الأحداث والاتجاهات اللاحقة للمسلمين كافة.
فقد انقسم الصحابة في سقيفة بني ساعدة، إلى فريقين متنافسين:
الأول: يطالب بـخلافة سعد بن عبادة، وهم الأنصار.
الثاني: يطالب بـخلافة أبي بكر، وهم المهاجرون.
وأما بنو هاشم ـ وعلى رأسهم أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ فقد كانوا مشغولون بتجهيز النبي (صلى الله عليه وآله) ودفنه ووداعه، ولذا لم يحضروا هذا الاجتماع المشئوم بالمرة.
وكانت النتيجة في نهاية المطاف أن تلتف مجموعة من الأصحاب حول أبي بكر وتبايعه، ثم يتبعها الآخرون، فيتم تنصيبه كـخليفة على رؤوس المسلمين، في مخالفة صريحة لما نص النبي (صلى الله عليه وآله) على أحقية أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالخلافة من بعده.

* بيعة أبي بكر
كانت مبايعة أبي بكر محل خلاف ونزاع في المدينة المنورة لفترة من الزمن، ولم تحظَ بقبول عام، كما تحفظ البعض بشأنها أيضاً. فضلاً عن من كان يرى من الصحابة، مخالفة صريحة في البيعة هذه، لما وصى به رسول الله (صلى الله عليه وآله) في واقعة غدير خم ومواقف أخرى، حول خلافة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعده.
فقد أبدى الإمام علي وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) معارضتهما لها، ومعهم الفضل وعبد الله ابنا عباس بن عبد المطلب، وعدد من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) المقربين، من أمثال: سلمان الفارسي، وأبي ذر، والمقداد، والزبير.
كما تخلَّف عن بيعة أبي بكر ـ إلى جانب الإمام علي (عليه السلام) ـ جماعة من الأصحاب أبرزهم: العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله)، وابنه الفضل بن العباس، وبنو هاشم بأجمعهم، وعتبة بن أبي لهب، وسعد بن عبادة، وسلمان، وعمار، والمقداد، وأبوذر، وأبي بن كعب، وسعد بن أبي وقاص، والزبير، وطلحة، والبراء بن عازب، وخزيمة بن ثابت، وفروة بن عمرو الأنصاري، وخالد بن سعيد بن العاص.
وكانت هذه الواقعة بداية لما تنبأ به النبي ـ في أواخر حياته ـ من إقبال الفتن التي ستصاب بها الأمة الإسلامية، والتي استهلت بإقصاء أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وفي طليعتهم الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وتجريده من حقه المنصوص عليه بالخلافة، كما تعد اللبنة الأولى للخروج عن جادة الصواب المتمثل بالشريعة المحمدية.
إن ما يستوقف الباحثين هنا هو السؤال عن الصورة التي رافقت البيعة، فهل امتازت بطابع حضاري عبر المشورة والاختيار ـ كما يروج له البعض ـ أم ساد عليها أجواء من العنف والاحتقان، فكانت فلتة وقى الله شرها، كما يصفها عمر في مقولته الشهيرة.

* نتائج السقيفة
من أهم الأحداث التاريخية الكثيرة التي أعقبت واقعة السقيفة:
1- اقتحام بيت فاطمة بنت رسول الله (عليها السلام)، وكسر ضلعها، واقتياد أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) وإرغامه على البيعة، ومن ثم وفاتها (عليها السلام) بعد فترة قليلة.
2- نشوب حرب الجمل وصفين والنهروان، وذلك عقب تنصيب أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام).
3- واقعة الطف واستشهاد أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، سبط النبي مع جمع من أنصاره، وسبي أهل بيته في أرض كربلاء المقدسة في العاشر من محرم سنة (61) للهجرة.
4- ما زالت الحروب مستمرة إلى يومنا، ومنها الحرب على داعش، وكل القوى التكفيرية والظلامية والعصابات المجرمة، وغيرها والتي ستظهر في المستقبل.
والحمد لله رب العالمين.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=118395
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 04 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3