• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تمتمات الذات ومضمونها في بنية القصيدة الشعرية صليحة الدراجي .
                          • الكاتب : د . حازم السعيدي .

تمتمات الذات ومضمونها في بنية القصيدة الشعرية صليحة الدراجي

بوح ولوع واستقصاءات كلمات ..
غوص في ثنايا الذات ..
ركاض ولهاث .. تذنيب لقاء ...
هذا وبعد ماذهبت اليه شاعرتنا الدراجي 
حينما نتجه للاستمتاع بصوت موسيقى او لحن نعلن بذلك مشاركة ذواتنا في التفسير والتعبير لجمال في زاوية محدودة ونسعى لاقامة علاقة بين درجات سلم  اللحن او مخرجات الة موسيقية مهما كان نوعها  يتمايل لاجلها الوجدان وتعشقها الاذان ,وبالتالي ابداء حكمنا المعرفي سيصبح منسجما ومعرفتنا في تذوق ما نقوم بسماعه والا  فالتيه سيصبح دربا وبديلا عما نخالجه بلا احساس , لذا ان جمالية النص النثري والشعري مرهون بتحليله وما استدرجتنا اليه (صليحة ) ان تركت للمتلقي حرية اللعب فيما استنطقته من أثر اللقاء في استعمالها مطلع قصيدتها وعنوانها "ذنب اللقاء " فما نعرفه ان اللقاء مصدر تلقاه واستقبله زمن استشعاري مغيب بثوانيه ودقائقه اما يكون او لايكون قد يحصل بين اثنين شخصين بمعناه وقد يكون بين الشاعر وخلجاته وبذلك ايضا كان ولازال وسيكون بين اثنين " كما في قوله تعالى :اذ تلقونه بالسنتكم ", الا ان ما طالبتنا به الشاعرة افصح عن "ذنب" ولفظة الذنب مفردة تطاول ترتكز الى التذنيب في بعضها فهي مذنبة , وان صلحت تجىء بمعنى الجرم , عليه لم يتضح الفعل الحق لعنونة القصيدة مما تركت الشاعرة الباب مفتوحا امام متلقيها واستهلت مطلع كلماتها ان أوجدت صورة شكلية لمضمون نص استفزازي غايته ؟؟؟؟
"اشربوا القهوة على قصائدي واضحكوا. وامرحوا والعبوا بدميتي حتى ينتهي اللعب حتى ينتهي الشغب واتركوا يدي وصديقي وقصائد اهديتها لكم فالزمن عابث والصديق عابث والحبيب عابث والعابث عابث" 
تذاكر جلسة صحبتها تخاطبهم باحتساء قهوة وقهقهات ضحك ومرح ولعب بدميتها الجميلة "قصيدة " والدمية ملهاة طفلة كناية عن البراءة والنقاء اللذين تتصف بهما روح الشاعرة الا ان ماكان هو كيفية معنى تعامل الاخر مع ذلك النقاء  وكان الضد استمتاع رغبوي ان اشعارها منتدى استغل بلعب يشابه الشغب جناس ادبي , ان المفردتين  جاءتا في سياق لغتهما الا انهن مختلفتان كان الغرض من استعمالهما هو "التهكم " في العبث الذي طال استعارة "اتركوا يدي وصديقي "لقد احيت (الدراجي )ان الملتقى في الحب حب وان الحب عرف اجتماعي ومودة بين حبيبين , فما كان من ذلك اللقاء النكثث وحسب , ثم اغلقت استرسالاتها "فالزمن عابث "والصدبق عابث "والحبيب عابث "والعابث عابث " جلها وضوح ابعد من معاينة الشمس في ظهيرة وان جرم الشاعرة يستوضح عبارتها بشكوكها التي تيقنتها بوصف الزمن والصديق والحبيب عبث وهنا العبث يعنى بالطرب واللعب .
"وازعموا الاحزان في جنازتي ثم اضحكوا بعد ذلك وبعد ذلك اتركوا حبيبتي تداعبو ذكراكم تداعبو موتاكم ففي المقابر اصابعها المجروحة ففي صمتها طفلة مذبوحة طالت الليالي والصراخ في سجنها ينادي"
التحدي عنوان اخر ترفدنا به مسلمات القصيدة ان هنالك متسع للاحزان التي من شأنكم ايتها الصحبة الاعلان عنها في جنازة ليست لي وتصوروا مايمكن ان يكون في عقولكم واضحكوا فبعد ذلك تأكيد لمرتين "بعد ذلك بعد ذلك "هو ايضا في استعارة التحدي وتوكيده ثم اختلوا لانفسكم بعيدا عني بمعنى الانتهاء الى شأن ثان ديدنه الضرب المداعبة واية مداعبة انها لغة الموتى , اذ تضعنا المداعبة في الم حقيقي لم نعرفه الا حينما نتعرض الى الالم ذاته وعنيت هنا نهاية العالم ونهاية الحياة وبدء الموت , فالقصيدة حبيبة شاعرتنا انتقدت واقعها وكتبت عباراتها في غاية اتسمت بالجدية وتسليط الضوء على قضية , ثم وصفتها بالطفلة التي لاتعرف سوى النقاء في ضدين من اجل تقوية المعنى الشاعرة الكاملة الناضجة وقصيدتها الطفلة المدللة .
الغوالي اين اصحابي؟!! اين احبابي؟!! اين دميتي والعابي؟!! اين سكاكر المزاح؟!! اين الحكاية القديمة؟! وتراتيل الضحك ذاك الذي يسلينا؟!!
يستمر استطراد المعنى لسلسلة من علامات تعجب وتساؤل في مقبرة الموتى كناية مجازية عما تراه وعما ينتابها من حيرة واعتصار والم كان لها كل الحق ان تعلن بصوت عال "اين اصحابي " انها لا تريد بهم الموت ولا تريد ان تتسائل وانما تريد ان تستوضح حقيقة ان الصحبة عبث فلم يروق لها الا ان تضعح قرائها في تعجب واستفهام لما ترغب في ايصاله فاين الصحلب والحبيب وسكاكر المداعبة وحكاية سبقت ان الفنا مجالستها ,بترترة مازحة كانت تسلينا .لقد تميزت مجموعة الجناس في علامتي التعجب الاستفهام بسمة التعبير عن الذات وتقويض هرمية الاحتفاء بفكرة التشابه والتكرار .
"ومنذ ذاك العهد لم تغرد الطيور والاشواك فوق المقابر بدل الزهور فقد تركتم حبيبتي بين الحفر تحت القبور مرمية على الرصيف تلاعبها ايادي الخريف بلا رحمة تلاعبها بشراسة الهفيف"
حينما كان الموت لم تعد الحياة ضدان قائمان وصفتهما (الدراجي) بتعابير صمت الطيور نمو الاشواك ديار مهجورة غياب الزهور , امكنة غير سوية شبهت الى حد بعيد بشجر الخريف وتجريد اوراقها حينما تهالكه العواصف بشراسة تغير الريح وعدم استقراره .
"تركتم حبيبتي كعجوز لا تنفع اعمالكم كآلة معطلة لا تنفع اغراضكم كنادلة في مقهى الليلي تجمع بقايا الغياب وتنضف فناجنكم بعد شرب القهوة على مقصلتي بعد التصفيق"
هنا تتجلى سيسيولوجيا القصيدة بعد ان هجرت ولبست وشاحها الاسود بانت عليها العديد من تجاعيد والوجه , اذ وصفت حبيبتها بعجوز يائسة بائسة تنازع حياتها وموتها ترغب في المغادرة القسرية لما الفته انها غدت ترفض وجودها توقفت مثل الة ,مثل نادلة في مقهى لم تعد معززة لا غير التهميش باق لها مبتذلة لها الحق بتنظيف فناجين القهوة فحسب , سيقت على رغم انفها الى حتفها , واخرجت قسرا عن اداء وظيفتها كأمرأة ,
لي جنازتي ما ذنب حبيبتي ؟!! ما ذنب حبيبتي ؟!! تركتموها لي وحدها ففي الرحيل ذنب وللحب ذنب وفي صدق نذب وللكره ذنب وللحكاية ذنب وذنب حبيبتي لقاكم وذنب حبيبتي لقاكم وذنب حبيبتي لقاكم
مرة اخرى تساوقنا مفرداتها المتلازمة حتى النهاية في جرم تتساءله ماذنب وتكرار ماذنب ايذان في تثبيت حقوقها المصادرة والمطالبة بها في كل مكان وزمان تريد عيشا كريما لقصيدتها لذاتها , وبالتالي لا ندري ان كانت القصيدة المعاصرة هي الشكل والمضمون على الرغم من ان الحداثة اقصت الى حد كبير التعامل مع التعبير في مباشرية فتشاظته بحدود  وبينته بمعالم ضبابية غايتها الالتفاف حول مركز اللامركز واجده استدعاء للذائقة الجمالية التي تتناسب وطروحات افكار (صليحة الدراجي) وتهدف الى عكس ماذهبت اليه القصيدة المعاصرة في الموضوع والغائية كما بدى لنا في التكرار وتمظهره مما حقق النفعية في التعبير عن الاغتراب الذي تعيشه الشاعرة لا في قصيدتها وانما في بيئتها . 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=118854
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 05 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19