يتألم الإنسان كل يوم، ولا تكاد تخلو ساعة من يومه دون أن تتجلى فيه جدلية الألم والراحة, فمعظمنا يخشى الألم ويرغب في الراحة, وكلما حكى أحد عن صراعاته في الحياة أُدرك أن الألم الذي كونته الصراعات هو من صنعنا نحن لا من صنع الحياة.
فالصراع حكاية، ولكل حكاية نهاية، والعاقل هو الذي يعرف كيف يلمّ شتات نفسه خلال الأزمات، ويخرج منها بأقل الخسائر, فالألم هو حالة نفسية مريرة، يصارع فيها الإنسان الهزيمة الفكرية والنفسية, فحالة الألم تلك ليست مشكلة كبيرة بقدر كيفية التعامل معها, فالإنسان هو الذي يقدر إلى مدى يسمح للألم بأن يتمكن من نفسه أو من فكره أو جسده.
نعم، علينا أن نحلم بمرحلة ما بعد الألم حتى نستشعر بالراحة التي ستحل علينا عند بلوغنا تلك المرحلة, ويجب علينا أن نقرر حتى نتمكن من مفارقة الألم الذي خيم علينا سنين طوال... فعلى الناخب العراقي أن يستغل مرحلة الألم الماضية ويجعلها أستاذاً فذاً يخبرنا عن واقعنا المرير، ويكشف لنا ما بطن من صراعات حقيرة مزقت جسد الوطن الواحد بكل مكوناته وأطيافه.
علينا أن نستغل المرحلة الحالية، ونهجر مرحلة الفساد، وكما يقول أحد الفلاسفة: إن الألم هو مدرسة العظماء، وهو الطريق المؤدي إلى الحكمة، وكلما زادت الطرقات وعورة كلما كانت نهايتها أجمل, فالعظماء فقط هم من ينظرون إلى الألم بأنه أكبر درس نحو التغيير, فالجروح الغائرة تجعل الفرسان أكثر بسالة، ولو لم يوجد الألم لما كانت للنصر قيمة, فهو أفضل محفز للتغيير والاستمرار نحو هزيمة الماضي المرير، وانتشال واقع آلامنا وأحزاننا ودمائنا التي أصبحت مع كل الأسف أرخص شيء في الطرقات... لذلك علينا أن نختار الأفضل والأكفأ والنزية حسب مبدأ (المؤمن لا يلدغ من جحره مرتين) أو مبدأ (المجرب لا يجرب).
أيها الناخب، عليك أن تتخذ القرار الصادق لكي ترتوي من كأس الحياة الجميل, فطموحاتنا كبيرة نحو التغيير، وبالتالي يمكن أن تشعر ضميرك بالرضا اتجاه وطنك, فالاختيار الصحيح تقوم به من أجل العراق الذي آوانا في أحلك الظروف، ولم يتخل عنا, والاختيار الخاطئ والكاذب الذي يقوم به الآخرون من أجل إرجاع زمن العبودية الذي تلاشى تحت سنابك الحرية, فكلنا يدرك هذه الحقيقة المرة التي تجرعنا مرارتها وغصتها كثيرا..., نعم الصفحات القادمة ستقول ما لم يقل بعد, وسنحكي فيها حكايتنا, لكي تحكي فيما بعد عنا أن العراق قد اختار الحياة..
|