• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإرهاب يطرد الاستثمارات الخارجية .
                          • الكاتب : محمد رضا عباس .

الإرهاب يطرد الاستثمارات الخارجية

لماذا يريد العالم القضاء على الإرهاب بكل اشكاله ؟ لان الإرهاب يعرض الاستثمارات الخارجية الى الخطر , وبذلك يعرض الاقتصاد العالمي الى التراجع , خاصة اذا علمنا ان الاستثمارات الخارجية أصبحت جزء مهم من النشاطات الاقتصادية للدول المضيفة لها. لقد بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة على صعيد العالم 1.8 ترليون دولار عام 2017. الدول الغنية والفقيرة ترحب بالاستثمار الأجنبي لأنه يعينها على الازدهار الاقتصادي وتقليص حجم البطالة , إضافة الى التعلم من خبرات الاخرين .
ولكن العمليات الإرهابية حول العالم أصبحت تشكل خطرا على الاستثمارات الأجنبية المباشرة . على سبيل المثال , ربما تفكر شركة بريطانية بتأسيس فرع لها في المغرب وذلك للاستفادة من رخص الايدي العاملة هناك . ولكن اذا كانت المغرب هدف من اهداف الإرهاب، فان الشركة البريطانية يجب ان تعمل مفاضلة بين منافع رخص الايدي العاملة في هذا البلد و الخسائر المتوقعة من الهجمات الإرهابية على المنشاة , العمال, و المعدات والمكائن . وعليه فان هناك علاقة عكسية بين الحوادث الإرهابية ورغبة المستثمرين بالاستثمار في البلد ذات العلاقة. خير مثال على ذلك هو ان في كولمبيا كانت هناك عصابات عنف  تتاجر في المخدرات بين أعوام الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي . ولكن في السنوات الأخيرة ضعفت هذه العصابات وبالمقابل فان حجم الاستثمارات الخارجية قد ارتفع . هذه العلاقة العكسية بين انخفاض عدد العمليات الإرهابية وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية قد اثبتتها دراسات عديدة , ادناه جزء منها .
قام احد الاقتصاديين عام 1996 بدراسة العلاقة بين حجم الاستثمارات الاجنبية وعدد العمليات الإرهابية في كلا من اليونان واسبانيا مستخدما احصائيات بين عام 1975 و 1991 , فوجد ان العمليات الإرهابية قد سببت بانخفاض حجم الاستثمارات الخارجية بنسبة 13.5% في اسبانيا , و 11.9%   في اليونان . دراسة أخرى اعدت عام 2006 لدراسة تأثير العمليات الإرهابية على الاستثمارات الامريكية في الخارج , فوجدت الدراسة ان انخفاض حجم الاستثمارات الامريكية في الخارج كان سببه العمليات الإرهابية . دراسة أخرى اعدت عام 2008 , اثبتت حتى وان كان الدمار الذي تسببه العمليات الإرهابية صغيرا على الاقتصاد الوطني , فان تأثير الإرهاب على الاستثمار الخارجي سيكون كبيرا . لان في مثل هذه الحالة , سينتقل المستثمر أمواله الى دولة اكثر امانا . الدراسة اثبتت ان صعود خطورة الإرهاب نقطة واحدة تؤدي الى انخفاض الاستثمار بقدر 5% من حجم الإنتاج الوطني .
تأثيرات العمليات الإرهابية على حجم الاستثمار الخارجي يصبح اكبر في الدول النامية والتي تعتمد كثيرا على الاستثمارات الخارجية في التنمية الاقتصادية . ففي دراسة اعدت عام 2014 غطت 78 دولة نامية واستخدمت معلومات إحصائية بين عام 1984 و 2008 , وجدت ان الإرهاب المحلي والمستورد يقلص حجم الاستثمارات الخارجية . الدراسة وجدت ان زيادة العمليات الإرهابية بنقطة واحدة يقلص حجم الاستثمار الخارجي ما بين 324 مليون دولار و 513 مليون دولار لكل 100,000 مواطن في هذه البلدان .
هذه الدراسات تكشف وبدون شك ان محاربة الإرهاب الداخلي والخارجي يجب ان يكون الهدف الأول للدول المبتلية به , من اجل دفع عملية التقدم الاقتصادي الى امام . هذا يفسر تركيز الدول العظمى على محاربة الإرهاب سواء كان في العراق او في مصر او ليبيا او نيجيريا او في أفغانستان او باكستان . ويعطي اكثر من سبب للدول في الشرق الأوسط , مكان ولادة الجماعات الإرهابية في العصر الحديث, الضرب بيد من حديد على هذه الجماعات و القضاء عليها قبل ولادتها . دول الشرق الأوسط النفطية والغير نفطية  أصبحت دول لا يرغب المستثمر الأجنبي الدخول لها . لقد تراجعت نسب الاستثمار الأجنبي في منطقة الشرق الأوسط قياسا بمناطق العالم الأخرى , وهو مؤشر لا يبشر بخير . الدول العربية لا يمكنها التقدم والالتحاق بركب التقدم الحضاري العالمي بدون الانفتاح على الخارج , لان الموارد المتاحة لها هي موارد محدودة , بل حتى الدول التي انعم الله عليها بالنفط والغاز والمعادن لا يمكنها تطور اقتصادها ما لم تنفتح على العالم . انطلقت ساق الصين نحو التقدم و الازدهار الاقتصادي , فقط عندما فتحت أبوابها للاستثمار الأجنبي , فحصدت منه استخدام التكنلوجيا الحديثة , الإدارة الحديثة , التسويق وإدارة الإنتاج , الاهتمام بالإنتاجية , والربح الوفير. اليوم , اقتصاد الصين يعد ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد اقتصاد الولايات المتحدة الامريكية.  




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=119071
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16