• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (٨) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (٨)

   {حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}.
   لا نجاحَ يتحقَّق بالمجَّانِ ولا حُلمَ يتحقَّق بسهُولةٍ، فوراءَ كلِّ قُصَّةِ نجاحٍ آلام وتضحيات، ووراءَ كلِّ حُلمٍ يتحقَّق جهادٌ وجهُودٌ! والذين يتصوَّرونَ أَنَّ النَّجاحَ يأتيهِم بالمجَّانِ فأَحسنَ لهُم أَن لا ينتظِرُوا نجاحاً ولا يحلمُوا بِشَيْءٍ.
   حتَّى الرُّسل والأَنبياء فعلى الرَّغمِ من أَنَّهم منصورُونَ بالوحي ومُسدَّدُونَ بالمُعجزةِ إِلّا أَنَّ لقِصصِ نجاحاتهِم صُورٌ عظيمةٌ من الصَّبر والتحمُّل والتَّضحية والإِنتظارِ حدِّ [اليأس] كما تُشيرُ إِلى ذلك الآيةُ المُباركة! فكيف بِنَا نَحْنُ البشر الذين يقف جهلُنا وضيقُ صدرِنا وعدم تحمُّلنا على رأسِ أَعداء نجاحاتِنا وأَحلامِنا التي نحاولُ تحقيقَها؟!.
   فهذا نبيُّ الله يوسُف (ع) الذي ظلَّ يُعاني من ظُلمِ الجميعِ لَهُ بمَن فيهِم إِخوتهِ الذين تآمرُوا عَلَيْهِ {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ}! ما كان ليحقِّق قُصَّة نجاحهِ التي خلَّدها القرآن الكريم لولا صبرهُ وتحمُّلهُ! ولو أَنَّهُ كان قد تركَ المِشوار واستسلمَ لأَوَّل تحدِّي لما حقَّق النَّجاح!.
   وهكذا كلُّ الأَنبياء والرُّسل والمُصلحين في التَّاريخ! وما تجرِبة الزَّعيم الأَفريقي نيسلُون مانديلَّا ببعيدةٍ عنَّا فبتحمُّلهِ مُعاناة السِّجن لأَكثرَ من [٢٧] عاماً رسمَ الطَّريقُ إِلى النَّجاح.
   وفي عام [١٩٦٣] وقفَ قِسٌّ أَسود يخطبُ في النَّاس قائلاً لهم؛ عندي حُلُم؟! وما هو أَيُّها القسِّ مارتين لوثر كينغ؟! أَجاب؛ أَن أَرى الْيَوْم الذي يحصل فِيهِ السُّود على كاملِ حقوقهِم المدنيَّة هُنا في الوِلايات المُتَّحدة فلا أَرى معاناتهُم من أَيِّ نوعٍ من التَّمييز!.
   هل اكتفى القسُّ بالحديثِ عن حُلمهِ؟! هل خلَدَ إِلى النَّوم ليدع نجاحهُ يتحقَّق بقدرةِ قادرٍ مثلاً أَو عن طريقِ الصِّدفةِ؟!.
   أَبداً؛ ففي الْيَوْم التَّالي أُغتيلَ القِسِّ ليدفعَ حياتهُ ثمناً لحُلمهِ! أَمّا أَنصارهُ فقد واصلُوا العملَ بجدٍّ واجتهادٍ وتَضحيةٍ وعزيمةٍ حتى تحقَّق الحُلم عام ٢٠٠٩ عندما دَخَلَ الرَّجلُ الأَسوَد البيت الأَبيض!.
   وقبل [٢٧] عاماً أَطلقت عدَّة نِسوة في الجزيرةِ العربيَّة حملةً ضدَّ قرار منع المرأة من سياقةِ السيَّارة في البِلاد! ليُحقِّقن حلمهُنَّ هذا العام فقط!.
   وما كانت قُصَّة النَّجاح هَذِهِ ليشهدها العالَم الْيَوْم لولا نِضال وتضحيات النِّساء في بلاد الحرمَين الشَّريفَين واللَّاتي انتزعنَ فيها حقّاً من حقوقهِم الإِنسانيَّة الطبيعيَّة.
   إِذا أَردنا أَن نكتُب قُصص النَّجاح في العراقِ سواءً على الصَّعيد السِّياسي والنِّظام الديمقراطي أَو على الصَّعيد الفردي أَو الإِجتماعي فينبغي أَن نُحاولَ ونُحاولَ ونُحاولَ حتى نحقِّق أَحلامنا! فليس هناك في هَذِهِ الدُّنيا قُصة نجاحٍ نحصل عليها بالمجَّان أَبداً! ومَن ينتظرُ واحدةً بِلا ثمنٌ فسيطُولُ انتظارهُ!.
   يَقُولُ الإِمام أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) يرسِمُ خارطةَ طريقٍ لتحقيقِ الأَحلام والنَّجاحات {الْعَمَلَ الْعَمَلَ ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةَ وَالِاسْتِقَامَةَ الِاسْتِقَامَةَ ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ وَالْوَرَعَ الْوَرَعَ إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ وَإِنَّ لَكُمْ عَلَماً فَاهْتَدُوا بِعَلَمِكُمْ وَإِنَّ لِلْإِسْلَامِ غَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى غَايَتِهِ وَاخْرُجُوا إِلَى اللَّهِ بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ وَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ وَظَائِفِهِ أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ وَحَجِيجٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ}.
   فلقد شاءَ الله تعالى أَن يكونَ البلاءُ هُوَ العُنوان الثَّابت للحياةِ الدُّنيا {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ} وقولهُ تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}.
   إِنَّ معادِنَ الرِّجالِ لا تُكتَشفُ إِلَّا عِنْدَ الامتحانِ، فعندها يُكرَمُ المرءُ أَو يُهانُ!.
   ٢٣ مايس [أَيَّار] ٢٠١٨
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
 

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=119467
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 05 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28