• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الدور التاريخي للإمام الحسن المجتبَى(ع) في حفظ ثوابت الإسلام .

الدور التاريخي للإمام الحسن المجتبَى(ع) في حفظ ثوابت الإسلام

#لا يختلف اثنان في أنَّ الإمام الحَسن(ع) واجهَ أعقد فترة  بالتَّاريخ الإسلامي الأوَّل، لأنَّ العَدُوّ فيها لم يكن أبو جهل بل أبو سفيان بشخص وَلَدِه معاوية، معاوية بلباس الإسلام، معاوية كقائِد لحزب الطُّلقَاء، معاوية الصُّعلوك كما سَمَّاهُ النَّبي(ص)، معاوية الشَّجرة المعلونة بصريح القرآن، معاوية كزعيم لحزب السَّقيفة المُتَمَرِّد على بيعة الغدير، معاوية كوريث لحقد أُمَيَّة على هاشم، معاوية بكلّ ما يعنيه مِن نِفَاق وكيد للإسلام، معاوية الذي صرَّحَ-بشرط الفريقين- أنَّ وظيفته دفن دعوة النَّبي ومنع ذِكرِه، معاوية كجَامِعِ مركزي لقريش وكافَّة العشائر التي تعتاش على سلطة السَّقيفة ونعيمها.

#لذا أجمعت الرِّواية-بالشَّرطين- أنَّ معاوية خاضَ معركة اختراق الإسلام مِن الدَّاخِل، اعتمَدَ عمليَّة تغيير كبيرة عن طريق منظومة أكاذيب ورُوَاة دجَّالين وشخصيَّات مُنَظَّمَة تعمل على صُرَّة الذَّهب والإنتصار للعشيرة والدّم، حتَّى درجَ في النَّاس أنَّ المخالِفَ لسُنَّةِ النَّبيِّ"سُنَّةُ معاوية"، ورغم ذلك اعتمدوها وانكبُّوا عليها ونافسوا مِن أجلها، وسط آلة إعلاميَّة وإغراءات ماليَّة وشبكة علاقات ودعاية سلطويَّة استطاعت التَّأثير بجذريَّة عقول النَّاس وميولهم حتَّى إذا قال الرَّجل هذه سُنَّة النَّبي.! أُجِيبَ بأنَّ المُعَوَل عليه سُنَّةُ معاوية. ضمن فوبيا سلطويَّة وعقاب شرس: قَتل، تنكيل، هدم للدُّور، حبس، منع حقوق، إهدار دم، ملاحقات وغير ذلك، مقابل إغراءات ماليَّة ومنافع سلطويَّة وتنفيعات مختلفة لِمَن ينتمي للمدرسة الأمويَّة ذات الجَذر الرَّئيسي لحكومة السَّقيفة ومشروعها.

#ضمن هذا الجَوّ الصَّارِخ بالإنحراف والدّعاية والقتل والتَّهديد والأكاذيب والإختراق مِن الدَّاخِل بدا معاوية كعميد لأهل الإسلام  وليس عدوَّاً، حريصاً وليس دجَّالاً، تماماً كالفرق بين أبي جهل وأبي سفيان وإن اتَّفقت الوظيفة، وظيفة:"ما خبرٌ جاءَ ولا وَحيٌ نَزَل"، كان على الإمام الحسن(ع) أن يخوض معركة إثبات هويَّة الإسلام الأصِيلة، حماية الوحي مِن التَّأويل المحرَّف والأكاذيب المدفوعة والسّياسات الحكوميَّة الإنتقاميَّة، كان همُّه تأكيد المبادئ الرَّئيسيَّة والعناوين الضَّامِنَة لدِيْن الله وسط بيئة ترى معاوية إماماً للمسلمين ونبيَّاً للسُّلطة ومرجعاً مُعَوَّلاً عليه بالقِيَم والحلال والحرام.!!

#لقد كانت أكثر فترة تعقيداً بتاريخ حماية الدَّعوة النَّبويَّة بعد فترة الإمام علي الأكثر حساسيَّة وتَشَعُّباً، لأنَّ نَفْس تلك البيئة أقرَّت بفساد يزيد ابن معاوية لأنَّهُ كان ظاهر الإنحراف والفسق والفجور، فيما معاوية كان يقود الإنحراف والفسق والنَّيل مِن الدِّين بساتِر الدِّين، حتَّى أقنعَ النَّاسَ بمخالفة النَّبي بأكاذيب نسبَهَا للنَّبي نفسِه، وطوَّعَ النَّاسَ لسلطتِه وبُوق دعايته ومشروع فسادِه ومنافعه حتَّى أنَّهُ كان يشرب الخمر عَلَنَاً رغم صريح القرآنِ بتحريمها، فتقرّ النَّاس ما أقرَّ معاوية وليس ما حرَّمَهُ القرآن، فضلاً عن قتل الشّيعة والمعارضين ونهب أموال المسلمين ومواردهم والتَّسلُّط على دولتهم ومقدّرَاتِهم والنَّيل مِن كبار الصَّحابة وسفك الدَّم الحرام على طريقة أنَّ الجِنّ هو مَن قَتَل.!

#ضمن هذه البيئة كان على الإمام الحسن(ع) حماية الإسلام، الإسلام بِوَحيِهِ وسُنَّة نَبِيِّهِ وموازِين مفاهيمهِ وواقعِ أُطُرهِ وأهدافِهِ، وإلاَّ ضاع الإسلام. وقد استطاع الإمام(ع) ذلك بنسبة كبيرة، لدرجة أنَّ معاوية كان يقول:"لا يستقيم لي أمر والحسن ابن علي موجود". لذا تطابقت ثَوَابِت التَّاريخ على أنَّ معاوية قادَ أكثر مِن عشرين محاولة اغتيال للإمام الحسن ففشلت إلاَّ الأخيرة، فلمَّا علمَ بمقتل الإمام الحسن خَرَّ ساجداً وبين شفَتَيه بقيَّةُ خَمر وكثيرٌ مِن غدر أبي سفيان وهو يُرَدِّد: إلاَّ دَفنَاً دَفناً.!! تأكيداً منه على عداوة الله ونبيِّهِ وقدرتِهِ على قتل أوليائه وأوصيائِه. 

#ولأنَّ المصالحة السياسيَّة التي تمَّتْ بين الإمام الحسن ومعاوية(كتلك التي تَمَّت بين النَّبي وقريش يوم الحديبيَّة) فَوَّتَت على معاوية فرصة الخلاص مِن الإمام(الإمام كرَمز قوي بنظر النَّاس لحقائق الدِّين)، فقد وقَفَ على المنبر فمزَّقَ تلك المصالحة وتنكَّرَ لظروفها ونتائج موادِّهَا التي أقرَّت للإمام الحسن بدورِهِ كضابِط لهويَّة الدّين وحمايته، لذا انكبَّ على طريقةٍ ما تُمَكِّنهُ مِن قتل الإمام. لأنَّ النَّيل مِن الإسلام ودين النَّبيّ الأعظم يفتَرِض الخلاص مِن الإمام الحسن أوَّلاً.

#وتأكيداً لِنَفْس الطَّريقة الحَسَنِيَّة بالمواجهة، فإنَّ الإمام الحسين بَقِيَ طيلة عشر سنوات يمارس دور الإمام الحسن مع معاوية فلمَّا مات وتسلَّط ابنهُ يزيد بكلّ ما فيهِ مِن فسق وفجور ونفاق ظَاهِر(سَاهَم بتغيير عقليَّة النَّاس أو مَهَّد لذلك)، خرج الإمام الحسين ليهزَّ ذلك العالَم بدمِهِ الأكثر قداسةً عند الله. 

#وفعلاً حَوَّلَ الإمام الحسين جهود حماية الإسلام والوحي والرّسالة النبويَّة التي قادها الإمام الحسن إلى"معركة ضمير" هزَّت ذلك العالم وأكَّدت عظمة ما قام به الإمام الحسن(ع) وتابَعَه عليه الإمام الحسين(ع).

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=119862
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 06 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19