• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قطار العولمة سائر و ترامب  لا يستطع من إيقافه    .
                          • الكاتب : محمد رضا عباس .

قطار العولمة سائر و ترامب  لا يستطع من إيقافه   

تعاريف العولمة كثيرة , ابسطها هو رفع الحواجز امام التجارة الخارجية , الاتصالات , التبادل الثقافي, الاستثمار , وتكنلوجيا المعلومات. النظرية بخلف العولمة ان كل البشر سوف ينتفعون من الانفتاح , أي عالم بدون ضرائب وبدون ممنوعات.
جذور العولمة تعود لألاف السنين , حيث كان البشر يتعامل بسلع تنتج في غير مدينته او بلده . العرب في الجزيرة قديما كانوا  يتاجرون مع اليمن والشام , حيث كان اهل الجزيرة يشترون معظم طعامهم من اليمن وملابسهم وسيوفهم من الشام . كما وبدأت الشركات بفتح فروع لها خارج أراضيها منذ قرون , وبدء المستثمر المحلي البحث عن أرباح كثيرة وذلك عن طريق استثمار أمواله خارج بلده.
ولكن التغيرات السياسية و التطور التكنلوجي في العقود القليلة الماضية زادت من وتائر التجارة العالمية , الاستثمار عبر الحدود , وارتفاع عدد المهاجرين الذين يبحثون عن فرص عمل ترفع من مستواهم المعاشي , أدت هذه الحالة الجديدة الى زيادة في اندماج اقتصاديات الدول واعتماد الواحدة على الأخرى . على سبيل المثال , زاد حجم التبادل التجاري العالمي  من 468 مليار دولار عام 1997 الى 827 مليار دولار عام 1999 , حتى و صف الكاتب الأمريكي المعروف توماس فريدمان العولمة " ابعد , اسرع, ارخص, واعمق " , أي لا يستطيع اقتصاد من التطور والنمو بدونها.
انقسم العالم حول العولمة . المؤيدين للعولمة يرونها انها مفيدة للبشر , حيث عن طريقها تزداد ثروة الأمم , توفر التكنلوجيا الحديثة للدول الفقيرة , تحفز على السلم العالمي , تحمي حقوق المرأة والأطفال , وتزيد الاعمار . توفير فرص العمل , يزيد من المستوى المعاشي للأفراد , ويزيد من ثقافتهم الصحية.
خصوم العولمة يرونها مرض يجب تجنبه , لأنها تفسد الثقافات وتنشر الإباحية وتفقر الدول الفقيرة وتغني الدول الغنية .  الدول الصناعية تهاجم العولمة لأنها وجدت من عملية انتقال شركاتها الى دول أخرى للانتفاع من انخفاض الأجور فيها انما هي عملية ابتزاز للطبقة العاملة المحلية , الخوف من تدفق المهاجرين الغرباء الذين يؤثرون على طريقة حياة المواطن المحلي من ناحية الثقافة والاجتماع , وهذا ما دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى وضع غرامات على الشركات الامريكية التي ترحل الى خارج البلاد و مكافئة الشركات التي تعود الى البلاد , ورفض قبول مهاجرون جدد . يضاف الى ذلك هو قرار ترامب بالانسحاب والتهديد  بالانسحاب من عدة معاهدات اقتصادية عالمية . حتى ان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي عده المراقبون تراجع عن العولمة حيث وجدت بريطانيا ان بقائها ضمن الاتحاد الأوربي يعرض عمالها الى خطر البطالة بسبب سيل المهاجرين لها و ضياع الثقافة البريطانية . 
تحرك كلا من لندن و واشنطن ضد العولمة سوف لن تكون بدون كلفة لكلا البلدين والعالم بأجمعه وذلك:
1. ان الوقوف ضد العولمة سوف يضطر مدراء الاعمال الى تبني نماذج اقتصادية محلية وليست عالمية , وبذلك سوف تحرم شركاتهم من الأسواق الخارجية , تدفق راس المال , وارتفاع في كلف الإنتاج وتراجع في الأرباح .
2. ارتفاع الضرائب على الاستيرادات سوف يؤدي الى ارتفاع الأسعار في السوق المحلية وتدهور أجور العمال , وتراجع في الإنتاج المحلي.
3. حماية الشركات المحلية وذلك عن طريق المساعدات الحكومية المالية و الإعفاءات الضرائبية سوف يؤدي الى احتكار السوق وقتل روح المنافسة بين الشركات , حيث ان الشركات المدعومة حكوميا سوف توفر بضائع بأسعار عالية و بجودة واطئة وتؤدي الى تذمر المستهلكين. 
فرض الحماية على الإنتاج الوطني ورفض العولمة ربما يستقبل بالترحاب من قبل العمال في الأمد القصير , ولكن غلق الحدود امام التجارة العالمية , الاستثمار الخارجي , الاتصالات , والمعلومات سوف يؤدي الى تخلف في نمو الشركات والبلدان . وان نتيجة الحماية لا ينتج منها الى انهيار في الاقتصاد العالمي , فقر كبير , اضطرابات داخلية , حروب , وفساد . وبذلك فمن غير المعقول ان تتجه الدول الصناعية نحو هذا الاتجاه , بعد ان جربوا منافع العولمة وانتفاخ ثرواتهم . العولمة قطار لا يمكن وقفه من قبل ترامب الرئيس الأمريكي او ماي رئيسة وزراء بريطانيا , بدون ان يبنوا جدار من حديد يحمي حدود بلادهم , وهذا مستحيل , لان الانترنيت لا يمكن ان يوقفها جدار حديدي او اسمنتي . من يرفض العولمة سيكون وحده الخاسر , وسيتراجع عن رفضه بعد ان تزداد عليه الضيقة المالية والرفض الشعبي.  
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=120006
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 06 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28