• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حين تكلم رأس الحسين .
                          • الكاتب : المحامي ريشار نخلة .

حين تكلم رأس الحسين

الرأس لي.. الرأس لي.. أنا الذي قتلته... صرخ الشمر مخاطباً كل من كانوا حاضرين ولم يتجرأوا على قتله او الاقتراب منه رغم عشرات الطعنات والجراح العميقة ونوافير الدماء التي سالت من جسده.. فانتهره حمزه وقال : لقد اصبح لي الان وغداً أرميه تحت أقدام الخليفة وأفوز بالعطايا...
لماذا البكاء والنواح يا قوم الحسين ألم يأمرك الحسين يا زينب بعدم البكاء وتجفيف دموع الاطفال؟
الم يأمر قائد الجيش بالاحتفال بالانتصار على اعداء الرسول والمسلمين والكفار من اتباع وعائلة الحسين، اولاد واحفاد الرسول ؟
نم قرير العين يا يزيد ، لقد رحل الحسين...
وزّعوا الحلوى على الاطفال والدراهم على النساء ، ولتعلو اصوات الزغاريد، رحل الحسين ...
نعم، هُزم جيش الحسين، وقُطِع رأسه، وسُحِق جنده كما يُسحق القمح، هللوا يا مسلمين ، هللوا يا ورثة الرسول، ...
انها البشارة التي انتظرها الخليفة منذ زمن طويل، انه يوم السعد ، انه يوم انتصار الحق على الباطل ، انه لحظة الحقيقة ، انها لحظات التلذذ بطعم العدالة... ولكن؛
لماذا صمتت الجواري وغدت كعرائس من الشمع، ولماذا امتلأت كؤوس الخمر بالدمع والدم؟
لماذا أُمِرت النساء بالخروج من حضرة الخليفة، ولماذا خرجت اثوابهن وعجزت اجسادهن عن الاخلاء....
تكلم ايها القائد ، يا مفخرة المسلمين الى يوم القيامة ،
قل الحقيقة للخليفة ، اخبره ماذا حصل ، وهل توسل الحسين، وهل طلب السماح، هل اعتذر..فلماذا قتلتموه اذاً !
ما كان يجب ان يقتل بل يكفيني فخراً ان أُسكِنه في قصر ويختار من الجواري والنساء ما يشاء وأهبه الدراهم وملاذ الدنيا ، يكفيني ان يحيا ذليلاً الى الابد .. قل انه بايعني !!
فتكلم القائد وقال: كلا ، لم يعتذر يا مولاي ، ولم يتوسل ولم يطلب السماح، وأبى ان يبايعك...
لقد مزقته السيوف ونال عشرات الطعنات ولم يستسلم ، لقد قاتل العشرات والمئات منفرداً وهو يصرخ هيهات منا الذلة ..هيهات منا الذلة ... هيهات منا الذلة...
فصرخ الخليفة :هاتوا لي جسده ، لعل الجسد ينحني امامي ، لعله يعتذر، لعله يطلب السماح لعله يبايعني ...وإلاّ يكون كل جهدي ذهب هباء
ولكن الجنّ يا مولاي وربما الاشباح سرقوا الجثة وما بقي الاّ الرأس وقد وُضِعت في اعلى رمح واتجه الابطال بها الى الكوفة وهم في طريقهم الى دمشق
فصرخ الخليفة : هاتوا لي الرأس لعله يتكلم ويطلب الغفران فهم اهل معجزات،
تأخر الرأس ، وتاه حمزة والشمر وباقي الجنود البواسل في الصحراء، وضلّوا عن طريق دمشق والخليفة ينتظر...
ويروى انه بكت السماء دماً، وزلزلت الارض، وانكسفت الشمس حتى بدت الكواكب في منتصف النهار ، وعلا نواح الجن وعادت الملائكة بالحراب خائبة بعدما رفض الحسين عونها للقتال ضد اعداء الله
لا تبكِ يا زينب، يا ام المصائب، يا حفيدة الرسول، يا ابنة فاطمة واخت الحسن والحسين ،
تشابكت السيوف والرماح وفاضت الدماء من عمق الجراح
لا تسألي يا زينب اين الحسين، ذدب الى جنة الخلد ليرتاح
ولا تبكِ، الآن ليس وقت الدموع ، قومي واسمعي صوت الحسين، انه يطلبك ويأمرك الاَ تحزني فلن يجدي اليأس ولن ينقذك الخوف ، فامسحي دموع الاطفال وشددي عزيمة النساء واياك ان تسلمي علي الصغير للقائد عبيد الله بن زياد.. وفاخري بنسل خيبر الذين حنّوا على قومك واعطوكم الماء فيما قطعه عنكم جيش الخليفة واباحه للخنازير وبهائم النهر
صبرك يا سكينة، يا ابنة سيد الشهداء، تحمّلي واخبري رملة ابنة يزيد من انتم، وماذا فعل والدها وجيشه بأحفاد الرسول وبناته وأهل البيت .
ترحل الاجساد وتبقى المواقف وتبقى الكلمات وكل ما قد ينبت من ما ترويه الدماء
رحل جسد الحسين وسطّر برحيله تاريخاً جديداً لأمة جدِّه ، خاف الكثيرون وانكفأوا عن الاسلام حين خبر بِظُلم الخليفة وآمن الكثير بدين محمد حين خبروا بتضحيات الحسين وأيقنوا أنه لولا الحسين لاندثر الاسلام وكانت امة محمد دون رسالة ، واية رسالة قد يذكرها احدهم بعد آلاف السنين وليس فيها ألم !
الحسين؛ ألم المسلمين ، دماء الحسين شهادة اراد بها الامام الشهيد ان يلقّن الامم درساً سيُخلّد في ذاكرة البشر الى يوم القيامة، بعد ان هالته تضحيات السيد المسيح ، عيسى ابن يوسف النجار يوم عُلِّق على جبل الجلجلة وطُعن بحربة ، وتُرِك ليسلم الروح وهو الذي أقام الموتى من القبور
أبناء علي، ليسوا هم الروم او اليهود او كفّار مشركين.. انهم بني هاشم ، احفاد الرسول، هم اولاد فاطمه هم اخوة زينب ، هم الذين لم يأبهوا بالموت فداء لإصلاح دين جدهم محمد
ربما كان يجب ان يقتل ويستشهد الحسين وكل اهل البيت ، لأن ما كُتِب قد كُتِب، انه يوم مجيد في امة محمد
لقد كان السيد المسيح قادراً بكل بساطة ان يبيد كل الجنود الذين اقتادوه وعذبوه وصلبوه ولكنه لم يفعل ، لقد كان باستطاعة الجنود القبض عليه في اكثر من مكان ولكن كان لا بد من خيانة يهوذا ليتم كل ما كُتِب، ، فكان صلب المسيح والقيامة سراً ارتكز عليه ايمان النصارى، ولولا القيامة لكان ايمانهم باطلاً ، فدعونا لا نسل لماذا قتل الحسين ؟؟؟
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=12003
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 12 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20