حتى هؤلاء الذين يمتلكون الشجاعة و يدونوا في دفاترهم الخاصة او يعترفوا مباشرة عبر وسائل الاعلام كل ما هو خاص بتجاربهم الصائبة منها و غير الصائبة : محاسنهم و هفواتهم مغامراتهم و شطحاتهم مبادراتهم و كل ما يخالف الاعراف ما يدحض الزمن او يسبقه وكل ما يقف مع القوانين او ضدها ... الخ بما يشبه الاعتذار و المصارحة او طلب الاعتذار في سياق الشعور بالمسؤولية الاخلاقية او القانونية ، حتى هؤلاء يستحق سلوكهم هذا اعادة القراءة بتمعن ما دام هذا النسق بشجاعته سيتكرر ، ليس لدى الافراد بل عند الشخص الواحد بل و عبر الاجيال
و على كل لسنا بصدد لفت النظر او الثناء على هذا التقليد بامتلاكه قدرة الاعتراف و الشجاعة بنقد ذاته و مواقفه ... انما بصدد ظاهرة اخرى يرى فيها بعضهم رغم الاخطاء بمختلف درجاتها على صواب و ان الاخرين وحدهم خارج التاريخ !
و بين الصواب او الاجتهاد و بين الهفوات او الاخطاء تختلط الاوراق و تحديدا عندما يغيب المعيار الذي يشكل قاعدة للحكم و ما يفضي اليه من خلاصات .
ففي تجربتنا الحياتية ان كانت سياسية او ثقافية ، اجتماعية او فكرية خلال العقود الماضية و خلال السنوات الاخيرة لا يستطيع المراقب ان يختار الصمت الا مرغما او تجنبا للدخول في مآزق لا نهاية لها خاصة ان عنف الاحداث و قسوتها ظاهرة لم تغب عن المشهد العراقي ، قبل احتلال بغداد عام ١٢٥٨ للميلاد و بعد هذا التاريخ ... و هو تجذر ( الظاهرة ) التي لم تسمح للاستقرار و لا للثقافة و لا للمعرفة ان تتوحد كي تستبدل العنف بالحوار .. و الهدم بالبناء .. و اللصوصية بالامانة .. و الشك باليقين .. و الرذيلة بالنبل ... الخ . مما لم يسمح بالخروج من تكرار الدورات السالبة وكانها محكومة بعوامل غير قابلة للتعديل او الاصلاح او الدحض .
على ان الديمقراطية او طيفها و ليس شبحها برصد ظواهر بلغت ذروتها بهدر المال العام بارقام فلكية تجاوزت ميزانيات عدة دول مجتمعة ، بعد حقائق الانتهاك غير المسبوقة بالارواح البريئة ، و بزعزت الامن و تردي الخدمات و تعثر مشروعات التنمية و محاولات ايقاض الفتن و موضوعات القرون الوسطى التي عفى عليها الزمن و اشعال الحروب بين مكونات الشعب الواحد ... الخ . تسمح لنا هذه الديمقراطية ان نتساءل : اين نجد او من يدلنا او يفسر لنا لماذا يحدث مثل هذا ( الازدهار ) للهفوات و الاخطاء و العثرات والارتدادات و بعث الفتن و كان ما يحصل - وحده - هو الصواب و ان ما يحدث في مجالات لا تحصى غير قابل للنقد او التعديل و كأنه من المحرمات ... !
نامل ان نجد من بدون في مذكراته او يواجه شعبه وجها لوجه ، قبل ان يسدل مسرح الزمن ستاره هذا العرض الزاخر بالمتناقضات و ... ما يصعب وصفه او ذكره !!
|