• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لا نبايع إلا الحسين .
                          • الكاتب : مؤسسة بيت النجمة المحمدية .

لا نبايع إلا الحسين

 مقال للدكتور  / عصام ناجي عباس مدير المؤسسة 

لا نبايع إلا الحسين
 
مع ضجيج الفضائيات المشبوهة والمروجين لها ومع صهيل البوارج الحربية قبالة شواطئنا ومع فتاوى التحريض السيئة الصيت بالقتل على الهوية ومع التأجيج الطائفي والاصطفاف تحت شعاراته بالرغم من أن أغلبية هؤلاء لا يعرفون أين هي قبلة الصلاة ولا معنى عبودية الله وحده  فعبدوا أهوائهم من خلال عبادتهم للغير من حيث لا يعلموا ومع كل هذا وتحت أي ظرف قاهر فنحن أعلناها ونعلنها دوما :
 
.. لا نبايع إلا الحسين ..
 
لأسباب موضوعية ولأهداف إنسانية ولغايات وطنية لا لأسباب شخصية أو طائفية أو تبعية ..
 
الإمام الحسين عليه السلام نهض بثورة ضد الظلم والفسق والفجور .. ضد الانحراف .. ضد الانقلاب على المبادئ الرسالية حاملا لواء الإصلاح في امة جده التي تشمل الإنسانية جمعاء في كل أركان المعمورة ولأزمان متتالية .. ليس لزمنه فحسب ولا لقومه فقط بل أريد لها أن تكون ثورة مستمرة ضد أي ظلم أو قهر أو تهميش أو إقصاء أو عبودية أو طائفية أو تحزب أو أي عمل يدخل في معصية الله تعالى و يضر بمصلحة الإنسان وبناء الدول ..
 
ففجر الثورة لتكون ثورة خالدة كان دمه المقدس هو الذي يروي بشكل دائم ثورات العالم ضد الظلم والطغيان والفجور . قتل ضمآنا ولكن ذكره يروي ظمأ الأمم والشعوب التي مورس عليها القهر والظلم والإقصاء ..
 
الإمام الحسين عليه السلام لوّح بالإصلاح الجذري لكل امة يمارس عليها الإرهاب والقتل والتدمير والتهديد والوعيد والتنكيل ، فكان يزيد يتوعد الحسين عليه السلام إن لم يبايعه ،  فقالها عليه السلام بصراحة وإيمان راسخ :
 
إن من مثلي لا يبايع مثله ،
 
لأنه يعرف أن يزيد ليس الرجل المناسب في قيادة الأمة وقد أخذت البيعة له بالترهيب والترغيب ، ولان صفة القائد يجب أن يرتسم عليها الإيمان والحكمة والشجاعة والعدالة والأمر بالمعروف والنهي المنكر ، فكان قراره أن لا يبايع يزيد وان كان الثمن غاليا والتضحية باهظة وجسيمة لكنه على يقين أن هذه التضحية تصب في طاعة الله تعالى ورضاه وتثبت أركان رسالة السماء  فكان التصميم على النهوض في وجه الظالم هو أمر شرعي لا يمكن إغفاله أو الابتعاد عنه .
 
 
 
الإمام الحسين عليه السلام استعاد للأجيال بإيمانه المطلق بالله  تعالى ورسالاته السماوية  بُعداً أخلاقيا معرفيا من خلال الابتعاد  عن مغريات الحياة الدنيا فهي دار فناء لا تغري المؤمن فنهى عن الركون لمغرياتها ومطامعها  .. :
 
فالمغرور من غرته،والشقي من فتنته،فلا تغرنّكم هذه الدنيا،فإنّها تقطع رجاء من ركن إليها،وتخيب طمع من طمع فيها  ...
 
إضافة إلى البعد الإيماني لمن هو في سدة المسؤولية خاصة من خلال الابتعاد عن كل ما يمليه الشيطان ووسوسته وأمانيه وسوء الظن والانصياع لهوى النفس وقلة الحيلة والانخراط في جمع يُبعدك عن الخط الرسالي الذي يبني الأمة ويعمر البلدان فتتبدد الآمال وتخيب الظنون ، وتصبح القرارات شعارات رنانة ووعود كاذبة أما العمل الحقيقي يبقى عملا منحرفا بما لا يرضي الله فيسبغ هؤلاء بالكفر بعد الإيمان وتنطلي عليهم سمة الظلم والطغيان وهم لا يشعرون :
 
لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم،فتباً لكم ولما تريدون،إنا لله وإنا إليه راجعون،هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم،فبعداً للقوم الظالمين أعوذ بربّي وربّكم من كل متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب. 
 
الإمام الحسين عليه السلام كان يركز على إبعاد شبح الذلة والمهانة ويُطلق حق الحرية والعزة والكرامة من كل أبوابها ولن يهادن أحدا في ذلك مهما كانت المغريات ومهما بلغت التضحيات فهو كجده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حقوق الناس عنده أولا بكل عزة وكرامة لا مساومة عليها ولا مداهنة ، فكانت الكرامة والعزة هي الركيزة الأساسية في بنود الإصلاح الحسيني :
 
لا والله،لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل،ولا أفرّ فرار العبيد
 
ألا وإنّ الدّعـي بـن الدّعي قـدْ ركـز بــين اثــنتــين ، بـين السـّلة والذّلة ،
 
وهـيهات مـنّا الذّلــة
 
 يـأبـى اللّ‍ه لنـا ذلك ورسـوله والمـؤمنون ، وحـُجـور طـابت وحجور طهرت وأنوف حـمية ، ونفوس أبـية من أن نؤثـر طـاعـة اللئام على مصـارع الكرام. 
 
الإمام الحسين عليه السلام كانت غايته الأولى في أن يكون الإنسان المناسب في المكان المناسب لأنه عندما يفرض إنسانا متمسكا بفكر قبلي أو جاهلي  أو انتماء حزبي أو يحمل أراء يريد فرضها على الآخر سوف يشكل مؤسسات ودولة تنحاز بطريق الترغيب والترهيب إلى هذا الفكر أو ذاك الانتماء وهنا يحصل الخلل في التطوير والتنمية والبناء فالكل يتوجه لإرضاء الحاكم المفروض وتأييد قراراته بأخطائها  وصحتها دون نقاش  وتكمم الأفواه وتصادر الحريات  وتصبح الدولة هي ملك الحاكم وحزبه وتهمش النخب والكفاءات وتقرب الرموز الحزبية المنتمية للحاكم بكل سلبياتها وانحرافاتها وتاريخها المشين وتبعد العناصر الإيمانية الوطنية البناءة مهما ملكت من كفاءات وخبرات وتاريخ حافل بالنجاحات المهنية والمنهجية وسيرة ذاتية يُشهد لها ،
 
فكيف إذا كان الحاكم يزيد بن معاوية صاحب التأريخ المشين والأخلاق المنحرفة التي ما بقي مصدرا إلا ومر عليها بازدراء وتحقير ، فلا يمكن أن يقترب إليه الحسين صاحب المبادئ والأخلاق الرسالية والنسب المشرف أو حتى أصحابه وأهل بيته البررة ..
 
من هنا أعلن الحسين (ع) ثورته في وجه الظلم والطغيان وسجل درسا للأجيال في مقارعة الطغاة في كل زمان ومكان كي تتطهر المعمورة من رجسهم وتنتشر حالة الأمن والسلام والاستقرار في ربوع الأرض وتبنى الحضارات الزاهية على مبادئ الإيمان والقيم والأخلاق .
 
 كي لا يصبح البلاد مباحا للنفوس الهمجية صاحبة النزوات الدنيوية فيتوقف كل بناء ويُردم كل إعمار ويُتفشى الفقر من كل جانب ويصبح الجهل رمزا لذاك المجتمع ،
 
بهذا تُسيطر الدول الطامعة على ثقافة المجتمع وتغير سلوكيته ومنهجيته وأفكاره ..
 
فمن هنا كان حرص الإمام الحسين (ع) في إبعاد شبح الإذلال والإذعان والقهر على الشعوب من قبل الطغاة الذين يأتيهم الحكم من باب الصدفة دون أي عناء أو تضحية ..
 
وهنا ربما يقول هؤلاء ومن لاذ بهم والمنتفعين من حولهم أنهم قدموا التضحيات من اجل الحرية ..
 
فتقول لهم الشعوب حرية ماذا ؟؟ : أاستغلالكم للمناصب والكراسي ونهب الثروات وترككم الناس في حالة الفقر المدمر والنفي القسري !!!
 
فالحسين (ع) واجه الطغيان غير مستقوٍ بعشيرة أو جيش كبير أو سلاح مدمر أو بلد عامر أو آراء فئوية  بل خرج وفق مبادئ رسالية إصلاحية أراد ترسيخها لكل الأجيال القادمة فمن آمن بها وجب عليه تطبيقها والسير على أثرها وتطبيق محتوياتها ومن هنا علينا التأكيد بالالتزام التطبيقي لا رفعها شعارا لغاياتنا أو مصالحنا ومصالح أحزابنا وطوائفنا لان مبادئ الحسين الرسالية كانت غايتها الإنسان أولا وأخرا من اجل بناء مجتمعات حرة يسودها الأمن والأمان والسلام والرخاء والتقدم وتعم في ربوعها الحرية والديمقراطية والتنمية والإعمار  ...
 
إني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر
 
وهذه رسالة واضحة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي أساس بناء الدول الحضارية وتقدم الشعوب من خلالها تجهض كل أنواع الفساد وتُقوّم أسس بناء المؤسسات وتُحترم القوانين النافذة ويوضع الإنسان المناسب في المكان المناسب وتُطلق حرية الشعوب بكافة مجالاتها فيصبح الرأي والرأي الآخر هما الفصل في بناء الدولة وتُزال كل مظاهر العنف وتنتشر الديمقراطية والإنسانية بثقافة اللا عنف فيصبح المجتمع نموذجيا لا تمييز فيه ولا خلل وتصبح الدولة نموذجا لكل دول المعمورة ،  
 
فمن هنا :  نحن حريصون كل الحرص على عراق الحسين لان الإمام الحسين عليه السلام اختار العراق منطلقا لهذه الدولة النموذجية فإذا كنا فعلا محبين له ومقتدين بمنهجيته وسائرين على هديه وملبين لندائه كما نسمع هذه الأصوات المليونية الهادرة تهتف ليل نهار : 
 
لبيك يا حسين ..
 
علينا إذاً أن نحارب بمنطقية وأخلاقية وسلوكية حسينية كل أنواع الفساد الإداري والأخلاقي والسياسي ونحارب كل أنواع العبث بمقدرات الشعب خاصة المزورين واللصوص والمنافقين والمرتدين ثوب الأخلاق والدين والدين منهم براء وكل من يتستر عليهم ويحميهم من أي موقع كان .
 
وان نحارب بذات الأسلوب الحضاري وبشدة كل أنواع المحاصصات الهدامة والالتزام بالقانون لنصنع دولة القانون عملا وتطبيقا لا شعارا وكلاما ..
 
لهذا كله قلناها ونقولها ولا نساوم عليها ولا نهادن .. لا نبايع إلا الحسين ..
 
 
 
الدكتور عصام ناجي عباس
 
دمشق : 13 محرم الحرام 1433هـ
 
           9 / 12/ 2011م
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هاتف مدير المؤسسة : 00963944367771
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=12033
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 12 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 3