• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (٢٨) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (٢٨)

   {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

   ومن أَسبابِ فشلِ الكَثرَة؛

   ج/ إِنتشار الفِتنة في صفُوفِ الجَماعة فتراهُم يتخاصمُون على أَتفهِ الأَشياء ويختلفُونَ على أَبسطِ الأُمور ويتجادلُونَ حتَّى في الواضحاتِ!.

   يَقُولُ تعالى {لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ}.

   ولذلكَ حذَّرَ القرآن الكريم من خطرِ الفتنةِ بقولهِ {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} وكذلكَ قولهُ تعالى {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ}.

   خاصَّةً عندما يَكُونُ في صفوفِ الجماعةِ بعضُ ضِعافِ النُّفوس من الذين يتأَثرونَ بسرعةٍ بالفتنةِ {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} فعندها تتضاعفُ مخاطرِ الفتنةِ!.

   أُنظرُوا إِلى قولهِ تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}.

   فمِنَ الفِتَنِ العظيمةِ التي تصيبُ الجماعة، هي التي يُشرعنَها أَصحابها بالآياتِ والرِّواياتِ لأَنَّها تُضفي عليها قُدسيَّةً خاصَّةً حتى تَكُونُ الفتنةَ [خطٌّ أَحمر] لا يجوزُ لأَحدٍ تجاوزهُ! أَو يُقتلُ بعدَ أَن يُكفَّر!.

   د/ عندما تَكُونُ أَغلبيَّة النَّاس من صنفِ الغَوغاء [وهم السِّفْلة والرِّعاع من النَّاس لكثرةِ لغَطهِم وصياحهِم].

   لقد قالَ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فِي صِفَةِ الْغَوْغَاءِ {هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا غَلَبُوا وَإِذَا تَفَرَّقُوا لَمْ يُعْرَفُوا}.

   وقَالَ (ع) يصفهُم {هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا ضَرُّوا وَإِذَا تَفَرَّقُوا نَفَعُوا فَقِيلَ قَدْ عَرَفْنَا مَضَرَّةَ اجْتِمَاعِهِمْ فَمَا مَنْفَعَةُ افْتِرَاقِهِمْ فَقَالَ يَرْجِعُ أَصْحَابُ الْمِهَنِ إِلَى مِهْنَتِهِمْ فَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِمْ كَرُجُوعِ الْبَنَّاءِ إِلَى بِنَائِهِ وَالنَّسَّاجِ إِلَى مَنْسَجِهِ وَالْخَبَّازِ إِلَى مَخْبَزِهِ}.

   هـ/ وعندما يغلبُ الكلامُ والادِّعاءُ والتَّنظيرُ على الفعلِ والعملِ والإِنجاز! والتي أُسمِّيها بشجاعة الكلامِ وجُبنِ الفعلِ!.

   يَقُولُ تعالى في مُحكمِ كتابهِ الكريم {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.

   إِنَّهم يُبرِزُونَ عظلاتهِم بالكلامِ والخُطبِ الرَّنَّانةِ لازالوا لم يدفعُوا ضريبةً وثمناً على ذَلِكَ! وما أَن يشعرُوا أَنَّ وقتَ دفع الثَّمن قد حانَ ولا مناصَّ مِنْهُ! ينكصُونَ على أَعقابهِم!.

   ويصفُ ذَلِكَ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) في خُطبتهِ بعدَ غارةِ الضحَّاك بن قَيس صاحب [طاغيَةِ الشَّام] مُعاوية على الحاجِّ بعد قُصَّة الحَكمَين وفيها يستنهضُ أَصحابهُ لِما حدثَ في الأَطراف {أَيُّهَا النَّاسُ، الْمُجْتَمِعَةُ أبْدَانُهُمْ، الُمخْتَلِفَةُ أهْوَاؤُهُمْ، كَلامُكُم يُوهِي الصُّمَّ الصِّلابَ وَفِعْلُكُمْ يُطْمِعُ فِيكُمُ الْأَعْدَاءَ! تَقُولُونَ فِي الَمجَالِسِ: كَيْتَ وَكَيْتَ، فَإذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ: حِيدِي حَيَادِ! مَا عَزَّتْ دَعْوَةُ مَنْ دَعَاكُمْ، وَلاَ اسْتَرَاحَ قَلْبُ مَنْ قَاسَاكُمْ، أَعَالِيلُ بِأَضَالِيلَ، وسَأَلْتُمُوني التَّطْوِيلَ دِفَاعَ ذِي الدَّيْنِ المَطُولِ ، لاَ يَمنَعُ الضَّيْمَ الذَّلِيلُ! وَلاَ يُدْرَكُ الْحَقُّ إِلاَ بِالْجِدِّ! أَيَّ دَارٍ بَعْدَ دَارِكُمْ تَمْنَعُونَ، وَمَعَ أَىِّ إِمَامٍ بَعْدِي تُقَاتِلُونَ؟ الْمَغْرُورُ وَاللهِ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ، وَمَنْ فَازَ بِكُمْ فَازَ ـ وَاللّهِ ـ بِالسَّهْمِ الْأَخْيَبِ، وَمَنْ رَمَى بِكُمْ فَقَدْ رَمَى بِأَفْوَقَ نَاصِلٍ .

   أَصْبَحْتُ وَاللهِ لا أُصَدِّقُ قَوْلَكُمْ، وَلاَ أَطْمَعُ فِي نَصْرِكُمْ، وَلاَ أُوعِدُ العَدُوَّ بِكُم! مَا بَالُكُم؟ مَا دَوَاؤُكُمْ؟ مَا طِبُّكُمْ؟ القَوْمُ رِجَالٌ أَمْثَالُكُمْ، أَقَوْلاً بَغَيْرِ عِلْمٍ! وَغَفْلَةً مِنْ غَيْرِ وَرَعٍ! وَطَمَعاً في غَيْرِ حَقٍّ!}.

   ١٢ حُزَيران ٢٠١٨

لِلتَّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=120678
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 06 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29