• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الجهل الشيوعي ... من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر ... 19 .
                          • الكاتب : حميد الشاكر .

الجهل الشيوعي ... من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر ... 19

يؤاخذ السيد الفيلسوف محمد باقرالصدر رحمه الله تعالى في تمهيده الفلسفي لكتاب فلسفتنا على الاطروحة الماركسية الشيوعية المادية انها وقعت  من حيث تدرك او لاتدرك في اشكاليات ثلاث وهي تحاول طرح وجهة نظرها الفكرية لانقاذ البشرية من كارثية الحكم الراسمالي الديمقراطي الطبقي على حد زعمها وهن :
اولا: اشكالية الافق الفكري الضيق المادي الذي كانت تمتلكه الماركسية للنظرللعالم واعتباران الواقع الراسمالي الديمقراطي الصناعي هو وحده من يمثل وجهة النظر الاخرى لكل الاحداث التاريخية والفكرية  والاجتماعية والاقتصادية والانسانية !.
ثانيا:اشكالية التشخيص الخاطئ لامراض البشرية المعذبة مما انتج علاجات خاطئة وغير مدركة تماما لمواضع الخلل في التركيبة الاجتماعية الانسانية من ثمّ !.
ثالثا: اشكالية المضاعفات التي ترتبت على هذه النظرة الخاطئة لتشخيص المشاكل الانسانية ، وانعكاساتها التدميرية على الفرد والمجتمع فيما بعد !!.
ولعلّ الامام الصدروهو يتحدث عن ( المؤاخذات على الشيوعية ) كان يدرك تماما ضرورة ان يضع انامل القرّاء على خلل الاطروحة الماركسيةالشيوعية المادية من البداية وحتى الانتهاء ، ولذالك بدأ بتناول الاساس النظري   للاطروحة الماركسية الشيوعية في ( الملكية ) الراسمالية  باعتبار ان (الملكية) حسب المنظور الشيوعي كانت  ولم تزل هي الاساس في كل المآسي والالام البشرية ، التي تعاني منها هذه الانسانية ليجعلنا فيما بعد نتسائل نحن واياه رضوان الله عليه : بهل فعلا ان اساس عذابات البشرية في القديم من ازمانها الحجرية وحتى اليوم في انقلاباتها الصناعية الراسمالية كانت ولم تزل هي موضوعة الملكية ، ولهذا لاسعادة للبشرية الا بالغاء فكرة الملكية من القواميس الفكرية الانسانية حسب ماطرحته الشيوعية الماركسية المادية ؟.
ام ان الماركسية الشيوعية المادية  مدرسة اصغر بكثير من ان تدرك أسّ المشاكل الانسانية واساس عذاباتها البشرية ،ولهذا هي شخّصت المرض بجهل ووضعت له الحلول والعلاجات بجهل واوصلت البشرية الى ظلامية الجهل المركب ؟.
في معرض الجواب على هذا السؤال يجيب الامام الصدر بكل ثقة ويقين ووضوح بالقول التالي :
(( إن مبدأ الملكية الخاصة ليس هو ، الذي نشأت عنه آثام الراسمالية المطلقة التي زعزعت سعادة العالم  فلا هو (المبدأ) الذي يفرض تعطيل الملايين من العمال في سبيل استثمارآلة جديدة تقضي على صناعاتهم كماحدث في فجرالانقلاب الصناعي ولا هو الذي يفرض التحكم في اجور الاجير ، وجهوده بلا حساب ، ولا هو الذي يفرض على الراسمالي أن يتلف كميات كبيرة من منتوجاته تحفظا على ثمن السلعة وتفضيلا للتبذير على توفير حاجات الفقراء بها ولاهو الذي يدعوه الى جعل ثروته رأس مال كاسب يضاعفه بالربا وامتصاص جهودالمدينين بلا انتاج ولاعمل ولاهو الذي يدفعه الى شراءجميع البضائع الاستهلاكية من الاسواق ليحتكرهاويرفع بذالك من اثمانها ولاهو الذي يفرض عليه فتح اسواق جديدة ، وان انتهكت بذالك حريات الامم وحقوقها وضياع كرامتها وحريتها ...)) 1.
وهنا من حقنا ان نسأل الامام الصدر  وهو ينفي كون (الملكية) هي اساس عذابات البشرية كما ادعت الماركسية الشيوعية لنطرح عليه بكل وضوح وصراحة :  اذن اذا لم تكن الملكية ومبدأها هي اساس كل هذه المآسي التي ذكرتها بعمق الشيوعية الماركسية في ادبياتها الفكرية ، والفلسفية على اساس انها محور البلاءات البشرية فما هي  المشكلة الحقيقية ، التي غفلت عنها الماركسية المادية ، وجهلتها الشيوعية المنتفخة ادبياتها بالمصطلحات العلمية والتطورية ؟.
يجيبنا الامام الصدر من خلال تمهيده الفلسفي بمايلي :
(( كل هذه المآسي المروعة لم تنشأ من الملكية الخاصة  وانما هي وليدة المصلحة المادية الشخصية ، التي جعلت مقياسا للحياة في النظام الراسمالي والمبرر المطلق لجميع التصرفات والمعاملات ...)) 2 .
والحقيقة ان في طرح الامام الصدر هذا للمؤاخذات الفكرية على الطرح الماركسي الشيوعي ، وكذا في تشخيصه للمشكلة الانسانية من الاساس بشكل مختلف ومغاير عن الوعي الشيوعي لها  قد فتق الامام الكثير من النوافذ الفكرية ، التي من خلالها نفهم بعمق عوار هذه الاطروحة الماركسية الشيوعية ، ولماذا ؟، وكيف  هي بدأت طريقها التصورية للمشكلة بصورة خاطئة ، لتنتهي الى نتائج غاية في الابتعاد عن الواقع وملامسة معالجاته الحقيقية !!.
ففي البداية  اشار الامام الصدر في مؤاخذاته على المادية الشيوعية الماركسية الى عدة نقاط جوهرية لابد من الالتفات اليها ،  ونحن نحاول تقييم هذه االفكرة المادية الشيوعية ومدى وعيها للمشكلة العالمية وكمية ادراكها وانفتاحها اوانغلاقها الفكري في النظرة للعالم والانسان والحياة والتاريخ ، ومنها :
اولا : لاريب ان الماركسية الشيوعية المادية ، وبكل ادبياتها الفكرية  والفلسفية اذا اردنا ادراك خلفياتها الفكرية ودوافعها التنظيرية والايدلوجية فلابدمن البناءعلى ان هذه  الاطروحة ، وبكل معطياتها ، وادبياتها ، ومفرداتها ، ومصطلحاتها السياسية والاقتصادية ، والاجتماعية وحتى الفردية والنفسية  : ماهي الا انعكاس وردة فعل للطرح والفكرة الراسمالية الديمقراطية الاوربية ، التي كانت في طور القيام والنمو في اوربا والعالم الغربي بالتحديد انذاك  ومن هذا لايمكننا ان نفهم مطلقا اي مفردة من المفردات الماركسية الشيوعية المادية السياسية  او الفكرية او الاقتصادية اذا لم نفهم قبل ذالك الراسمالية الديمقراطية ، وادبياتها الفكرية والسياسية ،  والاقتصادية وخلفياتها الاجتماعية  والفردية ، وهذا ان دلّ على شيئ  بالنسبة  للفكر الماركسي الشيوعي  فانه يدل على : ارتهان هذه الاطروحة الماركسية لحيز فكري وجغرافي واجتماعي وفلسفي محدد ومعين ومشخص ومضغوط !!.
بمعنى اخر : ان الماركسية الشيوعية  ومنذ بداية طرحها حتى النهاية كانت لاترى في العالم طرحا اخر ، بالامكان الاتكاء عليه ، وجعله ندا لها  ولفكرها غير النظام والطرح الراسمالي الديمقراطي الصناعي الغربي وكانما هي وجدت ان الراسمالية وفكرها هي الممثل الوحيد للوجه الاخر للعالم والتاريخ والانسان والحياة ...، فبنت على هذا الفرض كل تصوراتهاالمناقضة فحسب للراسمالية الديمقراطية والمناهضة فقط للرؤية الراسمالية للحياة والعالم والمجتمع والافراد  واغفلت في الجانب الاخر كل الطرح الانساني ورؤيته المغايرة للراسمالية وفلسفتها النفعيةوالغتها من الوجود الفكري العالمي ، وكأنما لايوجد في هذا العالم  بالنسبة للماركسية الشيوعية المادية غير حاضر الراسمالية واشكالياتها الاقتصادية والفكرية فحسب والتي تصلح لتكون هي الممثل الوحيد لرؤية العالم المغاير للرؤية الشيوعية !!.
وهذا في الواقع من مآسي  ومهازل الفكر الشيوعي الماركسي المادي ، بل انه من دلالات الانغلاق الفكري ، والتخلف المعرفي والنظري لمؤسسي النظرية الشيوعية الماركسية ، باعتبار ان النظر للراسمالية الصناعية ، التي ولدت في نهايات القرن السابع عشر ، ونمت وتطورت في القرن الثامن عشر فكريا  وصناعيا على اساس انها الواقع ، الذي يحمل الصورة النهائية للفكر وللتاريح  وللحاضر وللماضي بكل تفاصيله الفكرية ، ومن ثم البناء على هذا الوهم ،  وطرح نظرية في مقابل الرؤية الراسمالية ، ولتطلق عليها فيما بعد صفة الاطروحة الكونية الشاملة الكاملة ، فمثل هذا الطرح ماهو الا جهل وتطرف ولاعلمية ...في اضفاء الاطلاق على كل ماهو جزئي ومحدود ومقيد !!.
نعم الماركسية عندما ارادت ان تتحدث عن امراض البشرية فلم يكن داخل اجندتها الفكرية غيرصورة الراسمالية لتستخلص منها مصطلحات الملكية وكيف انها سبب التناقضات الاجتماعية وكيفية بناءالراسمالية للطبقات الاجتماعيةوكيف ان الاقتصاد هو محرك التاريخ  ، وكيف ان  وسائل الانتاج  هي اسس التصورات والتطورات  الكونية ..... وهكذا في كل الفكر الماركسي الذي زعم انه فكرة انسانية شاملة الا انه ، مع الاسف لم يزحف اكثر من انفه المادي ، ليرى هل في العالم رؤى فكرية واقتصادية واجتماعية وفلسفية مغايرة ومختلفة ومباينة عن الفكروالواقع الراسمالي المحيط به ؟.
أم ان العالم كله ومن بداية تاريخه حتى اليوم لايملك الاصورتين اما راسمالية واما شيوعية ؟.
بهذا المنطق المنغلق الفكرتناول ماركس بماركسيته وشيوعيته حركةالعالم والتاريخ والانسان والماضي والحاضر ، ولهذا المنطق الماركسي اشار السيد الصدر عندما تحدث عن الانغلاق الفكري ، للاطروحة الماركسية الشيوعية ، وكيف انها لم تكن ترى في العالم غير الواقع الراسمالي التي بنت عليه كل كوارثها الفكرية واوهامها التنظيرية ، وحتى في ورود اسألة ما عندما ارادت الماركسية مناقشة الاعتراضات والاسألة ، التي اوردتها او تلقتها في طرحها الفكري ،  فانها كانت دائما مقيدة فقط بالراسمالية ونموذجها ومرتهنة فحسب لهذا النموذج لاغيروعلى هذا الاساس اشار الامام محمد باقرالصدر الى هذا الاعتبار عندما طرح بعض اسألة الماركسية على الحرية الفردية من قبيل ماذا يصنع الانسان بالحريةوالاستمتاع بحق النقد والاعلان عن ارائه وهو يرزح تحت عبء اجتماعي فظيع ؟.
فاجابهم السيد الفيلسوف الصدر بالقول  :
((وهؤلاء المتسائلون لم يكونوا ينظرون الا الى ديمقراطية الراسمالية كأنها القضية الاجتماعية الوحيدة ، التي تنافس قضيتهم في الميدان ،  فانتقصوا من قيمة الكرامة الفردية وحقوقها ، لأنهم رأوا فيها خطرا على التيار الاجتماعي العام ...)) 3 .
ثانيا:طبيعي اذا كانت وجهة النظرالماركسية الماديةغارقة في مستنقعات الراسمالية الديمقراطية فكريا بل وانهاهي ماهي الا انعكاسات وردود افعال للطرح الراسمالي ان تكون ايضا تشخيصاتها الفكرية للمشكلة الانسانية محدودة بحدود ماطرح فكريا راسماليا لاغير ،مايعني ان تشخيصات الماركسية الشيوعية حتما لايمكنها الخروج من شرنقة ذاك الطرح الراسمالي قطعاولهذا راينا في الطرح الماركسي كيفية جعل (الملكية) ووسائل الانتاج الاقتصادية ....، وكل المفردات الراسمالية هي المتحكمة بالاساس بكل الطرح الماركسي الشيوعي وهي التي صاغت كل الرؤية الماركسية في تشخيصها للامراض والادواء البشرية وليس العكس !!.
بمعنى ان ماركس بماركسيته المادية  عندما شخص جوهر المرض البشري الكبير وجعله في لفافة مبدأ (الملكية) ليقدمه لانصاره والمنتمين لفكره المنغلق على اساس انه الكشف البشري العميق الذي لم يستطع احدمن المفكرين منذ قيام الانسانية حتى عصره اكتشافه ماهوفي الواقع الا استيحاء لماركس لوضع راسمالي قائم كان يرى في الملكية وحريتها على اساس انها النمو والتطور البشري الطبيعي حسب الرؤية الاقتصادية الراسمالية الفردية ، فجاء ماركس ، ليعلن للعالم : ان اساس الشقاء هي الملكية وارض السعادة هي الغائها من الوجود لاغير وهذه كانت هي الطامة الثانية في الفكر الماركسي  عندما عممت نموذجا راسماليا محدودا بحدود زمانية ومكانية وانسانية معينة لترى الشيوعية العالم من خلال ثقبه الضيق ، بل وتشخص امراض جميع البشرية على اساس مافي المجتمع والفكرة الراسمالية من مشاكل !.
اما غيرالمجتمعات الراسمالية الصناعية وغيرالافكار الاقتصادية لمفكري الراسمال الغربي ، وغير التصورات والايدلوجيات اللامادية ، وغير الفلسفات .... فكل هذا الواقع العالمي ، والتاريخي والبشري ، فلم يرد ذكره  او دراسته او بحثه في الفكر الشيوعي المادي ليكون اكثر انفتاحا ووعيا على مشاكل العالم الحقيقية !.
ومن هذا كان دائما في الفكرالشيوعي المادي طبقتان عمال مصانع وتجار راسمال ، وكان دائما هناك بحث عن شيئين سلع منتجة وقيمة مسروقة ، وهكذا كل الثنائية في الفكر الماركسي الشيوعي المادي  حتى ثنائية وسائل الانتاج من جهة وصناعة الانسان وافكاره واخلاقه وفلسفته من جانب اخر !.
ثالثا : اذا فهمنا كيف ادخلت الماركسية الشيوعية في يوم من الايام نصف البشرية في ظلمات الرؤية المادية المظلمة والمعتمة واللاعلمية من جهة وكيف انها اوهمت او اوحت اوخدعت هذا النصف من البشريةبشعاراتها الكبيرة التي ادعت انها فكرة انسانية شاملة وانها اكتشفت سرّ الاسرار الانسانية وانها التقطت امراضها الحقيقية ووضعت لها الحلول الشافية والوافية ادركنا وفهمنا من الجانب الاخرعظم ماخلفته هذه الاطروحة المخادعة  من مضاعفات كارثية على سير الحياة البشرية وهذا في الواقع  من طبيعيات الاشياء الكونية ،  فانك عندما تشخص حالة  مريض بصورة خاطئة وتصف له من ثم دواء خاطئ ، فينبغي عليك ان تتوقع مدى مضاعفات هذا العلاج الخاطئ على المريض عندمايتناوله ليصبح عليه الصباح اما ميتا او ان فيه عوق فكري كان سببه تلك الوصفة الفكرية  التي ارادت ان تجعل فكر الانسان في راسه ولكنها اتت بالعكس فاصبح المريض ليجد عقله وفكره في قدمه !.
ارادت الماركسية الشيودعية المادية ان تشخص مرض الانسانية الكبير منذ بدايتها حتى نهايتها فشخصت الملكية ومبدأها على اساس انها هي الداء العضال ، فبادرت الى الاعلان : بضرورة اجراء عملية كبرى لفكر  البشرية المحتضر ، فدعت الى استئصال غدة ، وسرطان الملكية من داخل الفرد والمجتمع فانزلت مشارطها على فكر الانسان ، بشكل دكتاتورية تريد فرض نموذها الايدلوجي  بالقوة على المجتمع والانسانية جمعاء من خلال دكتاتورية البروليتاريا الكبرى ،وكان ما كان حتى فاق المريض فاذا احد عينيه في قفاه ودماغه لم يبقى به شظية واحدة في مكانها !.
الملكية ، التي ارادت الماركسية انتزاعها بالقوة من داخل الانسان ، كانت هي تلك الغريزة والفطرة الانسانية الاصيلة ، التي لم تفهم الماركسية حكمة وفلسفة وجودها داخل كل انسان ، ولم تفهم ايضا منذ البداية ان جرم الظلم في العالم الراسمالي هو ليس فطرة ، وغريزة الملكية داخل البشر ، وانما هي الرؤية المادية  والنفعية التي اعتمدتها الراسمالية في ادارة حياتها الاجتماعية ،ولكن كيف تفهم الماركسية المادية الشيوعية ان سبب دمار  وظلامات البشرية هي الرؤية المادية وليس الملكية وهي نفسها غارقة بنفس المرض واعراضه البشرية ؟؟!!.
كيف تفهم هذه الماركسية المادية ان ماديتها التي تدعوا العالم للانتماء لها هي هي نفسها المرض الراسمالي الذي تحاول محاربته والقضاء عليه ؟.
ان الراسمالي لم يكن جشعا لان في داخله ((فطرة حب الذات ومبدأ التملك )) لكنه اصبح جشعا لانه : آمن برؤية مادية للحياة  وصاغ على اساس هذه الرؤية  فلسفة نفعية ترى كل ماهو نافع مادي  فهو الحق ،  وكل ماهو غير نافع ماديا فهو الخطأ والباطل والجريمة !!.
بهذه العقلية تحولت الراسمالية الى غول يسرق الاجراء اجرهم ويلهث وراء الربح والمنفعة على حساب وبدون اي تفكير باي جانب انساني يمكن ان تسحقه مصانعه واذرعها في هذه الحياة !!.
وليس لانه انسان يشعر بضرورة ان يكون مالكا لشيئ ليبقى على حياته وكرامته مصانة !!.
ولكن كيف للماركسية الغارقة في المادية ، والظلمة ان تفهم معنى ان تكون المادية هي الداء البشري العضال وليس هي الحلّ لاوجاع هذه الانسانية المعذبة ؟!.
كيف يفهم السفيه في يوم من الايام انه هو السفيه حقا !!.
نعم الامام الصدررض وضع اصبعه بجدارة على المرض الحقيقي للبشرية القديمة والحديثة وهو (الرؤية المادية للحياة) واعلن انه لايمكن للبشرية ان ترتقي لمستوى الانسانية والعدالة والسعادة اذا لم تكفر بهذا الطاغوت وتؤمن بتفسير لامادي للحياة يضمن للعدالة ، والمعنوية ان تكون عنصرا  موازنا لحياة الانسان وسلوكه ورؤيته وكل كيانه  ومن ثم لتسيطر هذه المعنوية على غريزة حب الذات بانانيتها وتسيطر هذه الرؤوية الغير الماديةعلى غريزة حب التملك لتوجهها التوجيه الصحيح لكن لا ان تفكر باستئصال ماهو غريزي وفكري داخل الانسان وكيانه !!.
نعم  عندما اعلنت المادية الماركسية الشيوعية : انها بصدد تذويب مبدأ الملكية من داخل البشرية  كانت هي بصدد الدخول بمعركة كارثية ، وصراع قاتل مع الفطرة الانسانية وليس مع اي شيئ اخر !!.
ولكن ، وبما ان الماركسية لا تؤمن اساسا ، باي شيئ داخل الانسان وخارجه على اساس الفطرة والغريزة والكرامة والادمية ...... وباقي العناوين الانسانية ، ذهبت بعيدا في الايغال بامتهان كرامة البشر وفطرته ، ودخلت بمعركة مع فطرة الانسان لتدمرالانسان من الداخل ، ولتنتزع كل فكرة او مفهوم متصل بالفطرة والغريزة الانسانية على أمل تذويب فطرة الملكية لتنتقل الى مجتمعها الشيوعي المزعوم القائم بلا ملكية ولاطبقية وبمادية سادية مئة بالمئة !!.
وللانسان ، اي انسان ان يتصور ماهية المعركة ،  ونوعها وصنفها التي تدخل مع الانسان ، لتقتل وتنتزع وتستأصل فطرته من داخله ، لتحوله الى شبح انسان مادي لايشعر ولايدرك ولايتفاعل من داخله مع اي شيئ !!.
هذه هي الكارثة اوالاعراض التي صاحبت تطبيق الشيوعية المادية الماركسية اينما حلت في ربوع الانسانيةوهذه هي الفلسفة التي تشرح لنا قسوة ودكتاتورية ووحشية التطبيق اليساري الشيوعي الماركسي السياسي .... اينما حلّ  ووقع وهي تصارع الانسان لتنتزع انسانيته من بين جوانحه لتهيئه كي يكون شيوعيا ماديا سعيدا !!.
يذكر ان لينين كان مولعا بعالم الفيزيلوجيا ايفان بافلوف وكان شديد الاهتما ببحوثه التي يجريها على الفئران والكلاب والقردة في مختبراته العفنة ، وكان دائم السؤال (لينين ) لبافلوف بهل يمكن تطبيق هذه التجارب والنظريات المختبريةعلى المجتمع الانساني ، ليتمكن قادة الشيوعية من تحريك الانسان  بحسب الانعكاسات الشرطية بحيث يكون كفئر تجيعه  وعندما تريده ان يقوم بعمل معين فقط عليك كبس زر له ليقوم بوظيفته !!.
لكن السؤال الذي يبدو انه غاب عن (لينين) وهو يحاول تحويل الانسان الى حيوان داجن هو : هل يمكن للاطروحة الشيوعية الماركسية بالفعل ان تعود بالبشرية كلها بعد كل هذا التطور الهائل وهذا التأنق في المدنية والحضارة الى المجتمع المشاعي الشيوعي الذي كان الانسان فيه لايملك اي شيئ  ويسكن الكهوف ويتحرك بلا عقل ولاضمير ولارؤية ولاحتى انسانسة معنوية تفكر !!.
أم ان الاطروحة الماركسية احقر بكثير من ان ترتد بالانسانية الى منزلة الحيوانية المشاعية ،  التي لاتشعر بالملكية الخاصة  والعامة ، ولاتشعر بادارة وسائل انتاج وتنظيم اقتصاد ، ولاتدرك معنى حكم ودولة وقانون وتنوع وطبقات اجتماعية ... وهكذا ؟!.
http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
1: فلسفتنا / للسيد محمد باقر الصدر / ص 31.
2 : نفس المصدر / ص 31.
3 : نفس المصدر / ص 30
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=12072
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 12 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28