• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الديمقراطية بين سنةألفين وأثنين وألفين وثمانية عشر .
                          • الكاتب : علي التميمي .

الديمقراطية بين سنةألفين وأثنين وألفين وثمانية عشر

في يوم لا تسعفني فيه الذاكرة كثيرا، حيث بعض الامور المهمة والتي لا تمحى من ذاكرتي، وقد فقدت فيه الكثير من التفاصيل وقت ذاك، أما ما أتذكره هو حدث مهم تسيدت فيه الانقسامات وتعددت الآراء، فبين مقتنع بما يحدث ويعمل جاهدا للدفاع عن قناعته بأمور لا وجود لها بالواقع، وبين غير آبه معبرا عن رأيه بحرص وخوف شديدين من فقد  حياته، وآخر يجمع بين الحالتين لكنه اشترك دون قناعة لأسباب يعرفها الجميع ولا يمكن أخفاءها، أصبح أمرا واقعا أن يتم العمل على طرح فكرة استفتاء شكلي على اساس ديمقراطي مزيف لأختيار رئيسا لجمهورية العراق، وهو الأقرب لوصفه بالمهزلة، فهناك مرشح أوحد لا منافس له، ورقة الاقتراع كتب عليها كلمتين وعليك أختيار واحدة منهما، إما نعم أو نعم عذرا أقصد لا .
استيقض العراقيون   على وقع حدث غير مسبوق، يتخطى كونه يحصل في بلد مثل العراق،  يحكمه نظام دكتاتوري بكل تفاصيل الحياة، الجميع كان مشغولا الاعلام والسياسي والمواطن، الجميع في حالة من الاستغراب لما يحدث، وأعتبره البعض أنه يوم للتاريخ كي يسجل بصفحة تحفظ جيدا بخانة الضحك على العقول، والاستهزاء  بشعب اتعبه الحكم الجائر الظالم، كان ذلك في أحد أيام سنة الفين وإثنين، أعلن فيه عن أجراء أنتخابات على شكل جمع للآراء ، والطريقة هي أن تضع ورقة في صندوق الاقتراع، من دون ان يكون لك خيار محدد فلا يوجد من قائمة أو أسماء من الممكن أن تذهب لأختياره .
ظهرت النتائج والتي اثبتت إن نسبة من صوت بنعم مئة بالمئة، ومن كان ليعترض أو يطعن بهكذا نتيجة لما خطط لأعلانها، ونظرا لكوني أحد المصوتين أو المستفتين في ذلك الوقت، سجلت بعض المشاهدات أهمها هي اني جمعت الاوراق الخاصة بي وبعائلتي، وذهبت لمركز الاقتراع أو الاستفتاء فوجدت أحد الموظفين المتواجد بباب المركز، مهمته أخذ الاوراق من المصوتين وهو من الرفاق الموالين للبعث الظالم، وجمعها دون ان اكتب شيئا عليها،  وتركت له مهمة التأشير على الحقل الموجودة به كلمة نعم، ووضعها في الصندوق حيث الدليل القاطع على صورية الحدث وزيفه .
الديمقراطية وبفهومها الجديد جاءت بعد سقوط النظام الدكتاتوري، حيث مرت بمراحل عدة تمخضت عنها ولادات عسيرة، لحكومات كادت أن تضيع  نتاج سنوات من النضال والتضحيات، وصولا الى ما نحن عليه الآن، فالتعامل بحرية الرأي لا يزال حبيس تراكمات افرزها النظام الحاكم قبل أنهياره، وما سجلته من مشاهدات لكوني أيضا من المصوتين في أنتخابات الفين وثمانية عشر، أحسست بوجود تقارب كبير بين التجربتين رغم بعد الفترة الزمنية بينهما، والتي من المفترض ان تأتي بجديد بوجود إعلام وثقافة، منحت لهم كل الصلاحيات لتبني نشر الوعي الفكري، وبالتحديد على المستوى السياسي .
ما يؤسف له هو مستوى التسيس من بعض الجهات المشاركة بالعمل السياسي، ضيعوا معه المصلحة العامة وغلبت فيه الشخصية، أبتداءا من يوم الانتخاب الى هذه اللحظة تنوعت أشكال تعذيب  الديمقراطية، من ثبوت التزوير بعملية الاقتراع مرورا بالطعن بنتيجتها التي ظهرت الكترونيا، كذلك ما حصل من  حرق لصناديق الاقتراع، وإنتهاءا بما أعلنته المحكمة الاتحادية من إقرار تعديلات الغرض منها شخصيا ولا يمت للمصلحة العامة بأية صلة، ورغم كل ما مر من أحداث لا زلنا ننتظر الديمقراطية الحقيقية لتنقذنا مما نحن عليه الآن .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=121421
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 06 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28