• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : أخبار وتقارير .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المونديال ومقصلة الدكتاتور .
                          • الكاتب : خالد جاسم .

المونديال ومقصلة الدكتاتور

كثيرون دهشوا وربما أصابتهم الصدمة من وراء الأنجرار الذي يشبه الهوس لأهل السياسة من زعماء وملوك ووزراء الى كرة القدم، والأنشغال بمبارياتها الجارية في المونديال الحالي. وبرغم أن بعضا من هؤلاء الزعماء قد أنشغلوا بشكل لافت بمباريات كاس العالم كنتيجة طبيعية لحماستهم الوطنية، ومؤازرتهم لمنتخبات بلدانهم التي أختلفت درجات حضورها في المونديال ومنافساته, إلا أن رؤساء وملوكا وشخصيات سياسية رفيعة المستوى لا تمثيل لبلدانهم في المسابقة العالمية هذه قد تابعوا، بل وتفاعلوا مع الحدث الكروي العالمي الكبير كنتيجة طبيعية لعشقهم للعبة الشعبية الأولى في العالم, لذلك ليس بالأمر المستغرب أن تنقل الأنباء أن العديد من هؤلاء الزعماء على سبيل المثال قد أضطروا الى تغيير أجندات أرتباطاتهم والمواعيد المثبتة فيها، وهم في قمة أنغماسهم بشؤون المال والصناعة والاقتصاد في مؤتمرات دولية مهمة، وبلدانهم تسيطر على الأقتصاد العالمي، وذلك بهدف منح أنفسهم الوقت الكافي لمتابعة مباريات المونديال التي لم تشغلهم السياسة وهموم الأقتصاد عن متابعتها. وبغض النظر عن طبيعة تعاطي كل زعيم أو رئيس أو ملك أو وزير مع كرة القدم، سواء كانت لعبة مفضلة له تستحق من خلال الحدث الأكبر، كأس العالم المتابعة والشغف والأهتمام حتى لو أقتضى الأمر التضحية ببعض المشاغل والارتباطات السياسية، أو إضطرار زعماء اخرين الى التعامل مع ملفات بلدانهم في كأس العالم كقضية وطنية تمس سمعة الدولة وهيبتها دون الأهتمام بردود الأفعال، أو ما قد يترتب على تعامل هؤلاء القادة مع كرة القدم واثارة حفيظة جهة دولية مؤثرة وقوية ومتحكمة في خارطة الكرة العالمية مثل - الفيفا - خصوصا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم له مواقف متشددة ومعروفة من قضية التدخل الحكومي في الشان الكروي، فأن علاقة السياسة بكرة القدم وبالرياضة بشكل عام تبقى قائمة ومستمرة مهما كانت المواقف ووجهات النظر وردود الأفعال بالضد تماما من هذا الأقحام السياسي لحدود الساحة الرياضية وأختراقه المستطيل الأخضر من كل الجهات. والواقع أن للتدخل السياسي وأقتحام السياسيين الساحة الكروية هو ليس بالأمر الجديد أو الذي تمت ولادته في مونديال روسيا، ولعل تاريخ مسابقة كاس العالم فيه الكثير من الأحداث والحوادث التي تشير الى أختراق كبير أبطاله زعماء وقادة سياسيين لما يطلق عليه ب - حرمة - كرة القدم، ويكفي أن نشير الى حكاية الزعيم الفاشي الأيطالي الشهير موسوليني في مونديال 1938 الذي أستضافته فرنسا، وكيف أبلغ المنتخب الأيطالي برسالة صريحة وواضحة المطالب من موسوليني وفحواها ثلاث كلمات فقط (الفوز أو الموت). وبرغم أن العالم كان في طريقه للدخول في أتون الحرب الكونية الثانية، إلا أن طموحات الزعيم موسوليني كانت تتجه نحو أحراز كأس عالمية ثانية لأيطاليا التي أحرزت اللقب في أول بطولة عالمية إستضافها الطليان في العام 1934، وكان الزعيم الفاشي يدرك جيدا أن مضيفة البطولة فرنسا التي تناصبه العداء تريد حرمان الطليان من فرصة ملامسة الكأس العالمية للمرة الثانية على التوالي، فجاءت رسالته الشهيرة الى لاعبي منتخب بلاده ومدربهم بتهديد لا يقبل القسمة وهو الموت أو العودة بكأس العالم, وهو ما حدث فعلا عندما نجح المنتخب الايطالي بأحراز الكأس العالمية والعودة بها الى روما في عهدة الزعيم موسوليني الذي لم يجرأ أحد على استنكار موقفه أو التنديد برسالته الدموية، وأعتبارها تدخلا سياسيا صريحا وواضحا وضوح الشمس عندما تشرق صيفا في سماء روما، طالما أن مجرد ذكر أسم موسوليني كان كفيلا في ذلك الوقت بتحطيم إرادة أي معارض أو صاحب صوت يخالف ما يريده الدكتاتور الفاشي. وهكذا ومنذ حادثة موسوليني كان من النادر أن تمر بطولة لكأس العالم من دون أن تشهد مساجلات وحوادث تدخل وتعليقات وممارسات أبطالها الساسة واخرها المونديال الحالي الذي شهد هجمة كبيرة من الساسة على احداثه ومنافساته، وهي هجمة اختلفت فيها المواقف والتدخلات مثلما كان - الفيفا - وهو يراقب ما يجري عن كثب صارما وواضحا في منع أي شكل من أشكال التدخل السياسي في الشأن الكروي، وبشكل أكدت فيه كرة القدم وبطولة كأس العالم ومن خلفها أمبراطورية الأتحاد الدولي أنها الأقوى فعلا من كل الزعامات برغم أنف السياسة وأهلها.

السطر الأخير

** إذا وليت أمرا أو منصبا فأبعد عنك الأشرار، فإن جميع عيوبهم منسوبة إليك.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=121795
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 07 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28