• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الوحدة الوطنية تبدء من  توحيد التعريفة الجمركية بين المنافذ الحدودية  .
                          • الكاتب : محمد رضا عباس .

الوحدة الوطنية تبدء من  توحيد التعريفة الجمركية بين المنافذ الحدودية 

 حتى عام 2015 , كانت التعريفة الجمركية على البضائع المستوردة لا تتعدى 5% من قيمة فاتورة الاستيرادات , وان اغلب موارد هذه التعريفة كانت تذهب الى جيوب الفاسدين. الحكومة الاتحادية لم تعر أهمية الى الإيرادات المالية من التعريفة الجمركية آنذاك لأنها كانت مكتفية بالإيرادات النفطية الضخمة والتي كانت تزيد عن حاجتها . الا ان الوضع المالي في العراق قد تدهور في منتصف عام 2014 , عندما انهارت أسعار النفط في الأسواق العالمية وتقلصت إيرادات المالية للحكومة الاتحادية الى اقل من نصف مما كانت عليه في عام 2013, وأصبحت جباية الضريبة على الاستيرادات ضرورة لتقليص العجز المالي الحكومي. التعريفة الجمركية الجديدة شملت 8 الاف  سلعة وبنسبة ضريبية قدرها 20% من قيمة السلع , باستثناء الكحول والسجائر الذي فرض عليها 80% .

وفي منتصف أيار من عام 2015 , اعلن وزير المالية هوشيار زيباري تطبيق قانون التعريفة الجمركية على المنافذ الحدودية في محافظات الوسط والجنوب , مستبعدا منافذ إقليم كردستان , والتي كانت " تنفذ قانون التعرفة الجمركية الخاص به" , حسب ما جاء في تصريح النائبة عن التحالف الكردستاني نجيبة نجيب. قرار الوزير جوبه بامتعاض كبير من قبل محافظات الوسط والجنوب و رفضت تطبيق القانون بشكل علني  . فقد صرح المتحدث الرسمي باسم مجلس محافظة البصرة احمد السليطي ان " القانون التعريفة الجمركية اتحادي ويجب تطبيقه على جميع المنافذ الحدودية دون استثناء منفذ واحد , لكن الذي حصل ان تطبيقه سيكون فقط على محافظات الوسط والجنوب دون شمول المحافظات الغربية وإقليم كردستان". وأضاف السليطي للجزيرة نت , ان " الجدوى الاقتصادية من قانون التعريفة الجمركية ستنتفي عندما يطبق بالشكل الحالي , لان المستورد سيلجأ الى المنافذ الحدودية التي لا تفرض فيها تعريفة , وبالتالي فان محافظات الوسط والجنوب سيصيبها الغبن , وترتفع فيها أسعار البضائع".

وامام الاعتراضات الواسعة التي ابدتها محافظات الوسط والجنوب في تطبيق التعريفة الجديدة , قررت هيئة المستشارين في رئاسة الوزراء العراقية , ان قانون التعريفة الجمركية سيطبق في جميع المنافذ الحدودية في العراق بما في ذلك منافذ إقليم كردستان مطلع اب 2015. الا ان رئيس الحكومة حيدر العبادي مرة ثانية قرر إيقاف العمل به نتيجة رفض العديد من الحكومات المحلية تطبيقه , والارتفاع الكبير الذي ستسببه التعريفة على أسعار المواد الغذائية .

لم يفعل القانون التعريفة الجمركية لا في المنطقة الغربية من العراق ولا من قبل إقليم كردستان , حيث ان المنافذ الحدودية في المنطقة الغربية كانت محتلة من قبل تنظيم داعش الإرهابي , بينما رفض الإقليم تطبيق التعريفة الجديدة بسبب " المشاكل الاقتصادية التي يمر بها الإقليم والرغبة في تفادي التضييق على التجار". ولم يلتزم بتعليمات الحكومة الاتحادية الا المنافذ الحدودية في محافظات الوسط والجنوب . وامام هذا التباين في فرض التعريفة الجمركية بين المنافذ الحدودية , بدء التاجر العراقي بتحويل استيراداته من محافظات الوسط والجنوب الى إقليم كردستان لرخص التعريفة هناك . حيث ذكرت إدارة موانئ البصرة , ان تطبيق القانون الجديد أدى الى تراجع الإيرادات في الميناء بشكل كبير , بعدما تراجع معدل وصول السفن التجارية من سفينة واحدة يوميا في المتوسط الى نحو سفينة واحدة كل أسبوع.

وامام هذا المشهد , لم يبقى امام الحكومة الاتحادية الا نشر نقاط تدقيق للسلع في المناطق التي تفصل إقليم كردستان عن مناطق نفوذ الحكومة الاتحادية في الوسط والجنوب واستيفاء رسوم جمركية إضافية على السلع المارة من كردستان الى الوسط والجنوب. فقد جاء في تصريح لرئيس هيئة الجمارك كاظم الموسوي لوسائل اعلام محلية , ان " وضع منفذ الصفرة للتدقيق الجمركي يأتي بسبب امتناع الإقليم عن تطبيق التعرفة الجمركية", موضحا , ان " الموانئ الأخرى التي تأتي منها البضاعة من الخارج ومن دول الجوار كانت ستموت بسبب تحويل التجار طريقهم عبر الإقليم".

الاجراء الاتحادي قوبل برفض كردي معتبرين الاجراء خرق لقواعد الدستوري العراقي والذي يحرم فرض الضرائب على التجارة بين المحافظات . الا ان الجانب الكردي نسى ان هذه البضائع ليست من صنع المحافظات وانما من صنع دول اجنبية ويطبق عليها احكام الدستور العراقي. فقد اعتبرت عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي نجيبة نجيب , ان " اجراء الحكومة العراقية بفرض رسوم جمركية على حركة البضائع بين كردستان , امر غير قانوني سيقف ضده النواب الكرد في مجلس النواب". واعتبر عضو مجلس النواب عن الكتلة الكردية بختيار شاويس الاجراء العراقي " سياسيا" , ومخالفا لدستور البلاد الذي لا ينص على وضع رسوم جمركية على حركة السلع داخل البلد.  

مازال الخلاف بين بغداد واربيل قائما وكان الامر خلاف بين دولتين , وليس من المفروض على الإقليم تطبيق القوانين الاتحادية , حيث لم يحدث ان رفضت  محافظة البصرة او ميسان او نينوى او الانبار قرارات الحكومة الاتحادية على نسبة التعريفة . المباحثات ما زالت مستمرة بين الإقليم وبغداد حول توحيد التعرفة الجمركية , واخر حديث عن توحيد التعرفة كان يوم 30 حزيران من هذا العام , حيث اعلن مدير عام الجمارك في إقليم كردستان سامال عبد الرحمن , بان "العراق " , هكذا جاء في تصريح المسؤول , وإقليم كردستان يعملان على توحيد التعرفة الجمركية . وقال المدير العام , ان " التعرفة الجمركية العراقية اعلى في كثير من المجالات , وتتم جباية مبالغ اعلى مما في إقليم كردستان , لكننا سنحاول توحيد التعرفة بطريقة تصب في صالح التجار في إقليم كوردستان". لم يتم الاجتماع المزمع يوم 30 حزيران لأسباب " خاصة بأعضاء الوفد ".  

أسباب عديدة تدعو الى الاتفاق بين بغداد واربيل على نسبة التعريفة ومنها:

أولا, ان تباين نسبة التعريفة بين المنافذ الحدودية إشارة الى غياب القانون , وهيمنة قوى خارج القانون على هذه المنافذ.

ثانيا, الاختلافات في فرض الضرائب على الاستيرادات بين المنافذ الحدودية تودي الى غياب العدالة بين المنافذ والمحافظات و وفوضى في إدارة التجارة الخارجية.

ثالثا, فرض هيبة الدولة تدعوا الى توحيد الضرائب على جميع النوافذ الحدودية , حيث ان اختلاف النسبة بين منفذ واخر سوف يودي الى انتعاش محافظة على حساب محافظة أخرى.

رابعا, والاهم من كل ذلك فان تباين نسبة التعريفة بين منافذ إقليم كردستان و بقية المنافذ العراقية يعد إشارة خطرة الى الانقسام السياسي بين الإقليم والمركز وخروج الإقليم عن سلطة المركز.

لهذه الأسباب يجب على الحكومة الاتحادية تطبيق التعريفة الموحدة على جميع المنافذ الحدودية بضمنها إقليم كردستان , وبذلك تكون احد المشاكل العالقة بين بغداد واربيل قد انتهت , والبدء بالبحث عن طريق جديد لحل معضلة أخرى وهو ملف نفط الإقليم.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=121831
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 07 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18