كثرت التصريحات حول إعلان تحالفات سياسية بين الكتل الفائزة في الانتخابات منذ إجراؤها ولحد الآن ، إلا إن اللافت للنظر إنها لم تتطرق في تفاصيلها إلى التطبيق الحقيقي والعملي ولا زالت عبارة عن كلام للاستهلاك الإعلامي لم يسفر عن اتفاقات نهائية .

تذهب بعض الكتل السياسية إلى التأكيد على أن مرشحها هو الأقرب لرئاسة مجلس الوزراء، ويتضح ذلك جليا من خلال اهتمام تلك الكتل بالمنصب بعيدا عن المصلحة الوطنية التي تقتضي التحلي بنكران الذات وتجاوز المصلحة الحزبية إلى المصلحة العامة .

من السذاجة أن تعامل تلك التصريحات على أساس أنها تمثل وجهة نظر صاحبها بغية أبعاد الحزب أو الكتلة عن دائرة الاتهام بالنفعية .

لقد عكست نتائج الإنتخابات حالة من التباين الواضح بين توجهات المجتمع العراقي بتصويته للقوى السياسية المشاركة في الانتخابات والمختلفة جذريا في ايدلوجياتها الفكرية والعقائدية والحزبية، الأمر الذي القى بظلاله على طبيعة المفاوضات التي شهدت غياب الفائز الأكبر الذي يحتاجه الكل دون اكتراثه بحجم القوائم الصغيرة كونه من اكتسح الساحة السياسية بحصوله على أعلى الأصوات .

إن الواقع الذي افرزته المعطيات الانتخابية يشير إلى أن الكل بحاجة للكل رغم اختلاف المشارب الفكرية والايدلوجية ورغم حالة التباين بالمواقف ومستوى الجدل السياسي الذي وصل إلى حد الضرب تحت الحزام إبان الحملة الإنتخابية وماسبقها .

إن تلك المعطيات يتحمل مسؤوليتها الشارع العراقي الذي ساهم في رسم تلك الصورة المشوهة عن الواقع السياسي الذي هو نتاج العملية الانتخابية باختياره للمتناقضات بناء على الميول المذهبية والقبلية والمناطقية، بعيدا عن المصلحة الوطنية التي باتت ضرورة ملحة يجب على أبناء الشعب الالتفات اليها .

إن محاولات البعض إعادة التخندق الطائفي يعتبر من وجهة نظر المراقبين بمثابة عودة للمربع الأول الذي كان أحد أسباب إيصال البلد إلى الهاوية .

فيما يرى البعض الآخر مجرد التفكير بهكذا موضوع بمثابة أسلوب اضطراري يستخدمه المنادون به لاستثمار العدد المناسب من المقاعد ضمن التحالف المقصود لكسب العدد الكافي من الأصوات الداعمة لرئيس مجلس الوزراء الذي لا زال لغزا محيرا للمراقبين .

لا يمكن تجاهل طبيعة التحالف داخل القائمة الفائزة الذي يعتبر مصدر قلق آخر ربما يكون سببا في تفكك تلك الكيانات قبل إبرام اتفاقها مع قوائم أخرى وذلك لاختلاف توجهات الأعضاء داخل الكيان الواحد .