• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هواء في شبك ( ولية مخانيث ) .
                          • الكاتب : عبد الله السكوتي .

هواء في شبك ( ولية مخانيث )

وهذه كناية بغدادية عن لؤم القدرة ، وكلمة ( وليه ) من ولي اي تمكن وتسلّط ومنها جاءت كلمة الوالي ، اي المتسلط على حكم البلد ، والمخنث تعني الجبان حصرا ، مع انها في الفصحى تعني : اللّين المتكسر في حديثه ، ومن الاخلاق والمروءة ان يفرضا على الشخص المتمكن من خصمه بحسب مكارم الاخلاق ان يعفو عنه تطبيقا للحكم بان ( اللي يولي يعفّ ) ، اي ان الواجب يحتم على من يتمكن من خصمه ان يعفو عنه ، بينما المخنث الجبان ، اذا تمكن من خصمه آذاه واجحف به ، لقد ابدينا خوفنا من تأجيج الشارع العراقي نتيجة لما يقوم به البعض من اذكاء للفتنة الطائفية ، لكن للاسف يبدو انه زمان الفتن ، فهناك فتنة سياسية اذا شاء لها اساطين السياسة ان تتطور فستعصف بكل شيء ، وستمتد وتفرض اجواءها على الشعب لتتحول وتتطور الى فتنة طائفية ، خصوصا وان الشارع العراقي مهيأ لهذا بعد الاعلانات المتعددة للفيدراليات ، وغرق الاجواء العراقية بالطقوس الدينية ، مايعني ان الاختلافات تفرض من هنا وهناك والمشتركات غابت للاسف ، فلا فوز للمنتخب العراقي يستطيع الشعب من خلاله على اختلافه ان يشعر بالالفة والتضامن ، وليس هناك مهرجان للافلام يفوز به فلم عراقي ليجعل من الشعب متمسك بعراقيته اكثر ، وليس هنالك احتفال بشخصية مشتركة ، شخصية وطنية يستطيع الشعب من خلالها ان يتنفس الصعداء لبعض الوقت ويرتاح من مصطلحات الفرقة والتشرذم ، لقد اهملنا رموزنا ودرجنا نبحث عن نقاط ضعف الآخر لنزيد من ظلام التاريخ ، ونجعله حاضرا بيننا ، من الطبيعي ان السياسي الذكي الذي يبحث عن امجاد شخصية ، يستطيع استغلال الوضع الحالي اسوأ استغلال نسبة الى الشعب ، وافضل استغلال بالنسبة للمآرب الشخصية التي يسعى اليها البعض .
نحن كثيرا مانلعن الديكتاتورية ، لكن الديكتاتورية طالما اخترعت مناسبات عديدة حاولت من خلالها ان تشغل الشعب لبعض الوقت عن الارتماء في حضن الشعارات الطائفية ، لكن للاسف فان سياسيينا يهرولون مسرعين نحو تحقيق الهدف الطائفي وفق منطق الطائفية السياسية ، ويحاولون جاهدين ان يفهموا السني بانه سني للعظم ، والشيعي شيعي للعظم ، والعربي عربي للعظم ، والكردي كردي للعظم ، وكذلك بقية الطوائف والديانات ، وهدفهم في ذلك ان يكونوا زعماء ، اجتمعوا يا ابناء الطائفة الواحدة وانا زعيمكم وساحاول انتزاع حقوقكم من افواه السباع ، ويبدأ بذكر امجاد اسلافهم في السيطرة من قبل ، مايعني ان المشاركة والشراكة بعيدة عن اذهان الكثيرين ، وثقافة الشراكة والمشاركة هي ثقافة جديدة حلت ضيفا على العراقيين بحلول الاميركان فيه والتهيئة للمشروع الديمقراطي الذي كان يمثل في ذهن اميركا بداية سياستها في مشروعها الشرق اوسطي الكبير ، اكتشفت بعدها انها وضعت نفسها على فوهة بركان كبيرة حيث ايقظت دهاليز التاريخ العتيقة ، وجاءت بالشعارات الفئوية والطائفية ، ليصل الامر الى العشيرة والبيت ، ولايقتصر على المذهب او الطائفة ، ولم يكن العراق وحيدا في هذا المضمار ، وانما جرى تعميم للامر بمصطلح جديد حمل اسم الربيع العربي ، وفوق كل هذا وذاك فان الكارثة الحاصلة في العراق والمنطقة العربية هي التحالفات غير الممنهجة للاحزاب الدينية المتزمتة مع احزاب علمانية وعلمية عرفت بانفتاحها على تجارب الاخرين ولم تكتف بتجربة الدين كمنهج منفرد للحكم ، فاضطر السياسيون ازاء ذلك للتفكير بمنهج آخر يمثل الطائفية السياسية ، التي تحاول دائما ان تتكىء على مشاعر الطائفة لتفوز بتأييدها لها ، فتتحول بذلك من حزب يستوعب الجميع الى حزب يستهوي ابناء الطائفة الواحدة باجندة سياسية لا دينية ، وهنا تبرز ولية المخانيث في استغلال الناس والضحك على الذقون .
عبد الله السكوتي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=12278
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 12 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 2