• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : التداولية والنقد .
                          • الكاتب : د . حسين القاصد .

التداولية والنقد

في هذا المقال ساحاول التقريب بين التداولية بصفتها علما لغويا لسانيا وبين النقد الادبي والثقافي ؛ فالتداولية لم تعد علما لغويا ولم تعد مقتصرة على اشتغالات أهل اللغة، إنما هي الآن علم معني بدراسة التواصل اللغوي انطلاقا من غرضية اللغة نفسها ، فاللغة هي اهم الاحتياجات الانسانية ، والخطاب اللغوي يمس البحث التداولي من كل زوايا التواصل الذي تؤديه اللغة ، ولو انطلقنا من أن وعي المتلقي والمعنى يخضعان بعد تحقق التواصل لمشترك ثقافي ومعرفي واحد ، سنصل إلى أننا أمام تمرحل المعاني وتغير المعجم اللغوي المشترك أو تسيّد بعض المفاهيم الايديولوجية التي تمارس اغتصاب اللفظة وتخرجها من معناها إلى المعنى السياسي الجامد المنغلق ، ولقد ركز الباحثون والمهتمون بشعر صدر الاسلام على دخول المعاني الاسلامية للقصيدة وعدّوها ظاهرة ثقافية وهي في الحقيقة وليدة ظاهرة دينية واجتماعية بعد أن هيمنت مفردات الاسلام على الخطاب المجتمعي فأسلمة المجتمع انجبت أسلمة القصيدة ، وقيل حسان بن ثابت ضعف ولان شعره بسبب دخوله الإسلام . يقول رولان بارت (( إن اللغة ما أن ينطق بها حتى وإن ظلت مجرد همهمة فهي تصبح في خدمة سلطة بعينها ، إذ لابد وأن ترتسم فيها خانتان : نفوذ القول الجازم ، وتبعية 
التكرار والاجترار ... في اللغة إذن خضوع وسلطة يمتزجان بلا هوادة )) ؛ وهنا لنا أن نقف عند بيت حسان بن ثابت وهو 
يخاطب أبا سفيان : هجوت مباركا برا حنيفا رسول الله شيمته الوفاء ولو وقفنا عند (حنيفا) لوجدنا أنها تداوليا تحولت إلى مسلم بدلالة قوله ( حنيفا مسلما ) 
وإبراهيم الحنيف ، لكنها في أصل معناها تعني الذي مالت قدمه أو أصابها اعوجاج وهنا يكون حسان قد وقع في فخ عدم الاشتراك مع الخصم بأية وسيلة تواصلية ، ولم يوقع عقدا ثقافيا بينه وبين المتلقي الخصم ولولا استباب الامور لمالك اللغة الجديد (الاسلام / السلطة ) بحسب 
رولان بارت لصار البيت أقرب إلى الهجاء منه إلى المدح . ومن دليل أن العربي يرّحل كل ما حوله وقريب منه إلى الاشياء غير الداخلة في 
لغته ، لأنه ينطق بما اعتاد وعرف ، ويسمي ويصف ما لم ير أو يعرف بما رآه وعايشه ، وإمعانا بما كان عليه علي ابن الجهم من نسق بدوي مغلق نجد أن العرب كانت تقول : ((عليه واقية 
كلب ، لأن الكلب لايسرع اليه الموت كسائر الحيوان ، بل يموت بعد شدة شديدة وجهد)) وقد ذكر هذا دريد بن الصمة الجشعمي حين ضرب امرأته بالسيف فأتقتها باليد : أقرَّ العين أن عُصبت يداها وما إن تعصبان على خضاب وابقاهنَّ أنّ لهنّ جِداً وواقيةً كواقية الكلاب.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=123425
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 08 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29