• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : أدب الرحلة في إطار روائي معاصر رواية (بحر أزرق قمر أبيض) للروائي العراقي( حسن البحار ) أنموذجًا .
                          • الكاتب : د . عبير يحيي .

أدب الرحلة في إطار روائي معاصر رواية (بحر أزرق قمر أبيض) للروائي العراقي( حسن البحار ) أنموذجًا

دراسة ذرائعية بآلية الاستقطاع للناقدة الذرائعية السورية  د. عبير خالد يحيي

أولًا- مقدّمة وإغناء:

قدّم الكاتب عمله الأدبي على أنه أدب رحلات وهذا صحيح, فأدب الرحلة هو الأدب الذي يكتب فيه الإنسان عن البلدان التي زارها, ولهذا الأدب سمة علمية اجتماعية جغرافية اكثر مما هي أدبية, كأن يذكر الكاتب النظام السياسي والاقتصادي السائد في تلك البلدان أو المدن, يصف الأبنية والفن المعماري والشوارع والمعالم الأثرية الشهيرة فيها, ثقافة أهلها, تراثهم, عاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية, مراسم الأعياد والاحتفالات عندهم, الأديان والمعتقدات المختلفة, التعايش بين الشرائح المختلفة في ذلك المجتمع, جغرافية ذلك البلد, وتاريخه, ثرواته, منتجاته, وأشهر شخصياته, يتحدّث أيضًا عن الأحداث والمغامرات المشوّقة التي حصلت معه أثناء الرحلة .

نختار أحد المقاطع التي تحدّث فيها الكاتب عن ذلك:

" وصلت بنا السفينة ميناء كولمبو أكبر مدن سري لانكا المزدحم بالناس, مدينة جميلة رسمها الخالق على ظهر كوكب الأرض, ليعزّ بها أهلها المختلفين في الأديان والمعتقدات, متحابين يعملون كيد واحدة, لا تشوب حياتهم شائبة الاختلاف الإثني أو الطائفي او غيرهما, أناس رضوا بعيشهم ورضيت بهم الدنيا ثم وسعت لهم من صدرها, لينعموا باقتصاد باهر نتيجة موقعها الجغرافي المهم بوجودها شبه جزيرة يفصلها عن القارة الهندية من الشمال امتدادًا خليج مانار, ومن الجنوب المطل على المحيط الهندي المحفوف بالبحر العربي شمالًا, تحيطها الغابات والجبال السوداء المنتصبة فوق أرض خصبة اشتهرت في إنتاج البن والشاي والمطاطوالملابس والأحجار الكريمة."

 

 

ولكن الرواية التي بين أيدينا المعنونة ب( بحرأزرق_ قمر أبيض) للأديب العراقي حسن البحار كُتبت بشكل معاصر, بحيث تخلّلها أسلوب أدبي راقٍ جدًّا يسمى أسلوب الخطف, وفيه استطاع الكاتب إذابة السمة العلمية للمعلومات( الإخبارية) بالسمة الأدبية الجمالية, والسرّ في ذلك أن الكاتب استخدم تقنيات الشكل المعاصر للرواية بدمج المدارس الأدبية لرسم الصورة بالكلمات.

سأختار الحديث باختصار عن الرواية المعاصرة, مميزاتها بالمقارنة مع الرواية الكلاسيكية التي تشرح الواقع المرئي بشكل إخباري وعين تصويرية, لذلك تكتب فيها مئات الصفحات لشرح واقع لا يتعلق بالأدب, صورة ميتة لا قيمة لها, هذه الشروحات الوصفية المكتوبة عوّضت عنها فعليًّا الكاميرا في السينما, وعوّض عنها الديكور في المسرح. بالرواية الحديثة أو المعاصرة تموت هذه الشروحات حيث أصبحت عين الكاتب هي عين الكاميرا, لكن عبر مدارس أدبية يتم الخلط فيما بينها, مثل البرناسية( الفن للفن), والرومانسية والرمزية, فالوصف فيها صورة أدبية وليس واقعية بحتة.

في الرواية المعاصرة تقلّ الشروحات الميلودرامية باختزال الحشو, وقد تلاشت الحبكة بعد نهاية القرن العشرين بتداعي سيل الوعي, فجاءت الرواية بلا نهاية وصارت تلك الحالة سمة للرواية الحديثة المعاصرة, رواية بلا نهاية.

وتبدو الرواية المعاصرة كجملة ناقصة غير مكتملة, وعدم اكتمالها هو انعكاس لعدم اكتمال الفكر والإيمان و المجتمع, وتحت تأثير النظريات النفسية الحديثة ينقطع فيها جريان الحياة, ولا يبقى مستمرًّا, بل يتجزّأ إلى سلاسل منفصلة للحظات متقطعة ومتلاحقة, فالرواية المعاصرة بالغالب هي رواية نفسية.

وكذلك الشخصيات, يكون القلم هو الشخصية الحية التي تتكلم وتقوم بالأفعال.

الواقعية في الرواية الحديثة عملت بشكل مفيد و راقٍ في معالجة قضايا الحب والجنس والزواج, ( لم تأخذ الجنس كعملية شهوانية مثيرة, بل أخذتها بتعليم كيفية التعامل مع الجنس الاخر, يعني ثقافة جنسية علمية), الرواية الحديثة كسرت النظرة الفيكتورية المتحفظة للجنس والحب والزواج بمعالجة صريحة وحرّة.

الرواية الحديثة ليست مجرد متعة ولا هي قراءة خفيفة بعد العشاء بل عبارة عن عمل فني ثقيل يعالج قضية جدّية محبوكة بشكل جيد.

الرواية المعاصرة أثبتت أن الضمير الإنساني هو عبارة عن مواقع أو ساحات عميقة ومدفونة تحت الوعي نفسه, ويسمى بالوعي الملحق أو الثانوي أو اللاوعي.

وبإخضاع رواية ( بحر أزرق_ قمر أبيض) لهذه الخصائص سنجد أنها رواية معاصرة بامتياز, فالكاتب سلك سلوكًا معاصرًا بأنه كتب أدب الرحلة برحلة قام بها فعلًا, فأضحت روايته مزدوجة الموضوع, الموضوع الأول: معالجة حالته الرومانسية و موقفه من الجنس والحب وميله للوحدة والقلق, والموضوع الثاني: شغفه بالجمال الموقعي للطبيعة المنتشرة في المعمورة, والتي جاءت من عشقه للبحر الذي يشغل 4/5 المعمورة.

 

سيرة الكاتب ومساميره على حائط الأدب:

حسن البحار, روائي وشاعر عراقي, عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق, خريج من أكاديمية الخليج العربي للدراسات البحرية, المهنة بحّار

مساميرعلى حائط الأدب:

- ( الدردبيس) مجموعة قصصية صدرت عام 2011

- رواية(حر أزرق قمر أبيض) نال عنها جائزة أدب الرحلات عام 2013

- رواية ( مرام) صدرت عام 2014

- رواية ( النوتي) صدرت عام2017

- ( الريح تُترك فوق الطاولة) مجموعة قصصية صدرت 2017

 

مستويات التحليل الذرائعي

 

 

أولًا – المستوى البصري و اللساني الجمالي External and Linguistic Level::

يضمّ هذا المستوى مداخل الجوانب العينية والمنظورة في النص، فالشكل في النص العربي في سباق مستمر مع المضمون من ناحية جمالية وهو أحد سمات اللغة العربية التي تتميّز بها على اللغات الأخرى، قد نجد التفوّق مرّة في الشكل وأخرى في المضمون, وأحيانًا يتوازى الاثنين بالجماليات المنظورة, ويبرز هذا الشأن في المداخل التالية:

-1المدخل البصريExternal Trend :

مؤلف مقسّم على أربعة عشر فصلًا غير متساوية في مساحاتها, بعضها يتجاوز العشر صفحات, وأخر لا تتجاوز الصفحة مثل فصل ( لحظة تأمل), أما الفصل الأخير ( قادم الأيام) فكان أربعة أسطر فقط! عناوين الفصول توزعت بين دلالات شعورية(رائحة الرغبة, رغبات مكبوتة, مسافات الصمت, زحمة الأفكار), ولاشعورية( لحظة تأمل, نعاس الليل المعتق), مكانية (دوماي, نسيوس, قرية ساترن), زمانية( الساعة الخامسة, اليوم الأول), حدث( العاصفة), يتصدّرها ( ريتا) اسم الشخصية التي أحبها السارد.

أمّا موضوع الرواية : فهو قصة بحّار يجوب البحار على متن سفينة, وقع في حب امرأة أندونيسيا تدين بالبوذية, تقيم في بيئة خطرة, أكبر سنًّا منه, لها طفل وأم عجوز, وعدها بالزواج بعد أن تسلم, واستأنف رحلته بغاية أن يجمع المال ليعود ويتزوج منها ويشتري لها بيت, يصادف في رحلته الكثير من المغريات لكنه لا يخون حبيبته, بعد عام يعود إلى أندونيسيا ليلتقي حلمه.

وأمّا التقنيات السردية :

1- لو نظرنا في صفحات الرواية من أول سطر فيها وحتى آخر سطر فيها نرى الكاتب قد تفوّق جماليًّا في أسلوب الخطف السردي, جمل قصيرة خاطفة منفصلة محصورة بين فوارز سردية وليس فوارز لغوية, وذلك لاستخدامه الجمل القصيرة المدروسة بدرجة انزياح عالية, بحيث استطاع أن يكمّم أفواه الجمل الإخبارية بحشرها بين الجمل الانزياحية, وهذه حالة جديدة معاصرة استخدمها الكاتب كتكنيك امتاز به.

 

" لا أعرف معنى المغازلة والحب, صبيًّا كنت في الحادية عشرة, منظره متكسّر الملامح, خائفًا, ملتصقًا بالحائط يجاهد كي يحافظ على الثبات وسحب النفس, خفقات قلبي قوية, ترتفع وتضرب أصداؤها أذني, من ابنة جيران لعوب, يدها كيد الشيطان, تندس تحت قميصي إلى صدري... تلثم وجهي بشفاه أشمّ فيها فسقًا وخوفًا, يلفهما صمت عميق, أريد منها الابتعاد...".

 

2- استخدم الكاتب أيضًا -و بشكل بصري صارخ- المدارس الأدبية بالأسلوب, ما جعله أسلوبًا صعبًا لأنه يحمل خلطة فنية جمالية راقية أرديتُها جمالٌ لغوي وجمال علمي, وسنتناول الجمال اللغوي في المستوى اللساني لأنه يتحدّث عن علمي البيان والبديع. أما الجمال العلمي وهو خليط غير متجانس من مدارس أدبية معاصرة وهي ( الواقعية, الرمزية, السريالية, البرناسة, الفن للمجتمع, الرومانسية, الطبيعية) لتكوين الصور بالكلمات, لأن الأدب المعاصر نوع من أنواع الفن, أذكر شواهد عليها مستعرضةً بعض الصور المرسومة بعلم الجمال من الرواية:

 

- الحياة تخطر ببالي مثل ومضة, و أعزف الدمع مثل رجل متعب نام في حضن أرنب.

- رمتني الساعات حتى صارت الأيام في وحدتي كفوفًا تدفعني للهذيان والهذر.

- غرّد قلبي شعرًا, كان يرتقي إلى مرتبة الأدب الرفيع في الغزل,

- لملمتُ شفتي ورجمت البحر بقبلات كانت نديّة وتركت العملاق وشأنه

- في غرفتي وحدي أسمع معزوفة الحزن متكئًا على ضياعي خائفًا من اليأس الذي أحاطني.

- فمي بطعمه الغريب يمتدّ فوق المدّ الحزين ترسمه الرمال بلا نهاية ولا بداية

- بينما الجسد الظازج ذو الوجه المتألم تغسله اللحظات يعدو سريعًا.

 

اتكأ الكاتب بأطرافه العليا والسفلى على تقنيات معاصرة راقية جدّا, صعدت بأسلوبه نحو سرقة السماء, وهي :

 

3- الحوارات الخارجية :Dialogue القصيرة المدروسة المقتضبة, اعتمد على السرد أكثر من الحوارات, وجعل الحوارات مفاتيح لفتح الأحداث.

 

- ما رأي ديانتكم بمن يخرج عنها ويدخل الإسلام؟

أجاب بطريقة مهذبة:

- لسعادة الأجيال القادمة يجب العمل ضمن حدود العقل لا الرغبة.

- ماذا تقصد؟

- نترك هذا الأمر لكل فرد, لحظتها هو الذي يقرّر.

 

4- الحوارات الداخلية Stream of consciousness:

يأتي بها الكاتب كلّما اشتدّ الصراع في نفس السارد الذي هو البطل, وواحتاج إلى الكشف عن دواخله, بما يخدم سير الحدث وتطوّره, والرواية المعاصرة بالأساس هي رواية نفسية بالدرجة الأولى:

"... أردّد الصدى الذي جال في صدري: هل خسرت الجولة؟, مرة أخرى تعبت من لهاث هذا السؤال الذي بات عصيًّاعلى قلبي أن يأتي بجواب......"

 

5- التغذية الخلفية flashback:

مثارة بعتبة واقعية, حدث أومشهد محفّز يأخذ السارد إلى الذكريات :

 

" ياه !! أنا في سنغافورة ولا رغبة لي في ملامسة الأرض! وإذا في التفكير طفقت مستعرضًا حياتي الماضية, بدا منها لا شيء لدي أخسره غير ذكرى يوم نسيته منذ أمد بعيد عاودني فجأة ذكرى ظهيرة يوم بارد من أيام الشتاء, كنت فيه مرميًّا على صدر عمتي التي علمتني كيف أواجه الحياة, يستهلكني الرعب من الشعور بالإهانة, لأنني سمحت للحادثة أن تمرّ في طبقات النسيان, ومرّة أخرى بدا فراقها رحيمًا ويمكن الاعتماد عليه, ثم لقد فهمت أن الحزن والقدر قد هبطا من الأعلى وصبّا نزولًا على رأسي, كي أنضج بهذه الحياة....".

وهذه التقنيات تتيح للكاتب حرية الإطاحة بالبناء الفني الكلاسيكي للروي, كما تتيح له أن تكون روايته عديمة الحبكة, وعديمة النهاية أو بنهاية قلقة غير مقرورة, أو بنهاية مفترضة .

" لا أعرف بالضبط لِمن في قادم الأيام سأشير؟

ألعينيّ اللتين ستحومان حول بطن ريتا في حملها؟

أم لقلبي الذي سيمدّ يديه شوقًا إلى أهلي؟

لا يهم لا يهم .., سأترك هذا إلى قادم الأيام, فالطائرة هبطت, وقد خطّت عجلاتها على أرض دوماي."

 

-2المدخل اللساني Linguistic Trend ::

أخذت هذه الرواية حصّة كبيرة أشبعت رغبات الكاتب حدّ التخمة من الغذاء البلاغي, بحيث غصّ هذا النص الروائي بالصور البلاغية التي لم يكن يقطعها إلّا حوار مقتضب, أو سرد إخباري طفيف, أُرجع ذلك إلى مخزون الأديب اللغوي والبلاغي الكبير, إضافة إلى استخدامه تقنيات الرواية المعاصرة التي تتزيّن بالصور الجمالية المرسومة بالكلمات, اختار بعضًا منها متنوعة بين الاستعارات والتشابيه والكنايات:

 

- لم تترك لي فرصة كي أبصر, أشبه بالبرق مضت تشبيه

- ككأس ياقوتي فمها المفتوح يضحك تشبيه

  • جسدي الظازج مثل الموج يواجه الصخور منتصبًا, يرتطم بجنون فيتناثر منه رذاذ الأمنيات. تشبيه

- الجسد يطير محلقًا فوق الأرض يلامسه الهواء ملامسة الروح لفتحات الناي.

  • هناك ريح عبثت في الموج, تسلّقت سفحه حتى قمّته ضاحكة, انشقّت ضوضاء صمتي بضحكاتها. استعارة وتشبيه

- وبلعت أنهار الموجة وجه سفينتي مثل الخائن الهارب استعارة وتشبيه

  • ريتا مينائي المنشود الذي أنزع فيه جلد التعب المتوالي والسفر المتلاحق, ألبس عندها جلد الراحة والانسجام في حب لم أقرأ عنه حتى في قصص العشق الشرقية. كناية

- تنقلني عيناها إلى حيث المرافئ الكونية. استعارة

- على خارطة جسدي الذي لم تزهر فيه بعد إلا قبلة واحدة رأيت العجب! استعارة

- الضوء الذي يأتي طعنًا, والأمطار أجراسًا, الواحدة تلو الأخرى أصواتها تتعالى في رأسي. تشبيه بليغ

  • عابر الزقاق أترجّل الأيام, أتأبّط الأحلام, سحابة نعاس أعزف كمنجات دمي. استعارة

- أغلقت نافذة الشمس وفتحت أخرى كناية

 

كما استخدم البيان موردًا الكثير من الطباق والترادف والجناس

الترادف :

 

- متناسق , رشيق

- رائعة – فاتنة

- لذيذة – شهية

- أناقة – لباقة

- مرارًا – تكرارًا

- غضوبًا – رافضًا

- ترعد- تبرق

 

 

طباق:

- القريب # البعيد

- تغمض عينًا # تفتح أخرى

- اليمنى # اليسرى

- أغلقت# فتحت

الجناس:

الرهبة – الرغبة

التدريب - التدريس

 

ثانيًا- المستوى الأخلاقي Moral Level

 

1-البؤرة الأساسية الثابتة للنص(static core):

امتاز الكاتب بأسلوب الخطف, وارتكز على استراتيجية جمالية تتسيّدها الرومانسية بشكل أشمل, مع أنه تفوّق كثيرًا باستخدام المدارس الأدبية المعاصرة الأخرى وهي الواقعية والرمزية والبرناسية( الفن للفن) والفن للمجتمع, والطبيعية, كما أنه امتاز بإبراز استراتيجية راقية من دمج تلك المدارس, وهي أنه يكبس الجمل الإخبارية بين الجمل الانزياحية, وهذا أفرز نواحٍ جمالية جديرة بالذكر, جعل الإخبار مصوّرًا, وليس إخبارًا مباشرًا وهذا قاده إلى عصرنة الرواية.

ملاحظة: ليس من المستحسن أن يكون أسلوب الرواية السردية انزياحًا رمزيًّا كاملًا, ولا خياليًّا كاملًا, بل يتخلّله أسلوب إخباري يفتح النص ويبعده عن الخصوصية نحو عمومية التلقي, وذلك طبقًا لمعايير النص الأدبي( المقبولية والإخبارية), والكاتب ناوب بين الأسلوبين في صفحات الرواية.

 

2-الخلفية الأخلاقية للنص أو الثيمة :Theme or Moral Background:

استطاع الكاتب أن يستخدم المحايدة بطابع إنساني غير مسبوق, عندما قصر رحلته البحرية على الأماكن التي فيها تعايش سلمي بين أفراد شعوبها على اختلاف أجناسهم وأديانهم بشكل مقصود إنسانيًّا, وتكلّم عنهم بالخير وبصورة عصرية, تكلّم عن الوفاق الإنساني بينهم, فكانت روايته ذات ثيمة إنسانية, كما قصد أن يتخطّى الأقطار التي فيها صراعات طائفية أو عرقية, فلم يتكلّم عنها رغم أنه مرّ بها, مثل بلدان الوطن العربي, ليثبت لنا أن الأدب لا يكون أدبًا إذا لم يكن ساندًا لظهر المجتمع الأخلاقي, وساق لنا دليلًا آخر على ذلك, هو أنه شارك إنسانة غريبة حياته, وتجاوز كل المغريات مع سواها لينتصر للحب والوفاء, و ليثبت لنا تعاضده الإنساني بتجاوز حاجز الدين بقراره الزواج من امرأة أندونيسية بوذية وهو الرجل العراقي المسلم, كما أنه لم يخرج عن شرع دينه, فقد طلب منها أن تسلم, و وعد قومه بالزيارة كلما سنحت له الفرصة, وهذا هو دور الساند الأخلاقي في الأدب, لذلك سميّ الأدب عرّاب المجتمع ذرائعيًّا, والنقد عرّاب الأدب.

 

الخاتمة:

كنت مقتضبة جدًّا بسبب ضيق الوقت فمررتُ بشكل سطحي على أساسيات تلك الرواية الرائعة لأنها أول رواية أجدها استخدمت العصرنة في الأدب بشكل فني وجمالي, وأتمنى أن أكون قد وفقت بدراستها على هذا الأساس, معتذرة عن أي تقصير.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=125678
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 10 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28