عندما يجري الحديث حول أحوال شباب العراق اليوم وظاهرة عدم مبالاتهم أو كسلهم أو تموعهم تسمع شخصاً يقول «ياريت على أيام العسكرية» ويقصد به نظام الخدمة العسكرية الإجباري الذي كانت تفرضه الأنظمة السابقة ، ففي الخدمة العسكرية كانت التدريبات قاسية إلى درجة أن يعاقب الشاب بأن يركض عدة كيلومترات أيام شهر تموز الحارق في وقت الظهيرة وإن يكون العسكريون عراة ، وإذا أخفق أحدهم فإنه سيعاقب بشيء من الضرب بشتى أنواعه . وكانت العسكرية تجبر الجنود على الإلتزام بأوقات النوم والاستيقاظ فينام الجندي مبكرا ويجلس مبكرا قبل الفجر . هذه الأمور خلقت جيلا كبيرا ممن يتحمل المصاعب ، وكذلك كانت للعسكرية فوائد كثيرة منها التعارف بين أبناء محافظات هذا البلد ، وكذلك التعرف على المناطق والعادات والتقاليد التي فيها . للأسف يغفل المتأسف على أيام العسكرية الإجبارية ولا يلتفت إلى أيام العسكرية الإختبارية «عسكرية الأربعين». نعم معسكر الأربعين الذي فيه ما فيه من المصاعب والقسوة ، فإذا كان سابقا يخدم العسكري بضجر ، فاليوم يخدم الشاب بكل ابتهاج ، يقطع المسافات الطويلة التي تتجاوز ٤٠٠ كم ، متحملا كل التعب والقسوة في الطريق ، فهذا المعسكر يعلمهم على تحمل المصاعب . أما الالتزام بالوقت ففي أيام الأربعين تكون أجلى صوره ، فينام الزائر مبكرا ويجلس مبكرا ، ويجلس قبل أذان الظهر متحضرا للغداء والصلاة بدون أن يجبره أحد بكل إرادته . وكذلك في معسكر الأربعين هذا يتم فيه من التعارف بين أبناء المحافظات «فكم من حالة زواج حصلت بسبب التعارف ببركة زيارة الأربعين» إلى درجة المصاهرة وعلاقات الصداقة الوثيقة. وكذلك يتم فيه التعرف على كثير من أماكن في هذا البلد لم يكن يعرفها الشاب لولا مشي الأربعين! ويتعرف على عادات المدن وتقاليدها . والكثير من الأمور المفيدة التي يتعلم الجندي في معسكر الأربعين : فيتعلم غض طرفه وصم سمعه وكتمان لسانه عن المحرمات ، والالتزام بأوقات الصلاة ، والإهتمام بالآخرين ، وثقافة العفو والتسامح ، ثقافة البذل ومساعدة الآخرين ، والكثير من الأمور الحسنة . إنه معسكر سيد الشهداء عليه السلام «معسكر الأربعين» .