• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل وقع المالكي في الفخ ؟ .
                          • الكاتب : ساهر عريبي .

هل وقع المالكي في الفخ ؟

تسارعت وتيرة الأحداث في العراق تزامنا مع إنسحاب القوات الأمريكية من هذا البلد بعد قرابة تسع سنوات من التواجد العسكري الفعال فيه. ورغم إدعاء الأدارة الأمريكية بأن قواتها تترك هذا البلد بعد أن أنجزت مهمتها بإرساء دعائم الديمقراطية فيه , إلا أن تطورات الأيام الأخيرة أثبتت بان العملية الديمقراطية الجارية في بغداد ما زالت هشة ومفتوحة على مختلف الأحتمالات أولها الحرب الأهلية وأخرها التقسيم والتي عادت تطرح اليوم بقوة , لابين الفرقاء أوالمحللًين السياسيين  بل بين قطاعات واسعة من أبناء المجتمع العراقي.
 
ويتزامن هذا التدهور في الوضع السياسي مع تدهور على الجانب الأمني كشفت عنه التفجيرات الأرهابية التي إجتاحت العاصمة في الأسبوع الماضي, لتؤكد حضور الأرهاب القوي وان له كلمة يقولها كلما إشتد الصراع السياسي. ومما لاشك فيه إن الأنسحاب الأمريكي من العراق يعتبر نقطة تحول كبرى في تأريخ المنطقة , إلا أن هذا الحدث تمت قرائته بشكل مختلف من قبل مختلف الأطراف السياسية الأساسية في الساحة. ففيما إعتبره تيار المالكي نصرا له لأن حكومته السابقة أمضت الأتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي خرجت بموجبها قواتها من العراق في التأريخ المحدد, إعتبر التيار الصدري بأن تلك القوات لم تكن لتنسحب لولا الضغوط التي مارسها التيار على المالكي لمنعه من تمديد بقاء هذه القوات.
 
واما كتلة التحالف الكردستانية فكان يساورها القلق من عواقب هذا الأنسحاب وخاصة وان ملف المناطق المتنازع عليها لم يتم حله إلى اللحظة وخاصة ملف مدينة كركوك التي يدور صراع حولها بين القوى المختلفة.واما كتلة العراقية فرغم ترحيبها بالأنسحاب إلا انها أعربت عن قلقها من وقوع العراق فريسة بيد إيران التي إعتبرت هذا الأنسحاب نصرا لها ووصفته بالمذل لأمريكا.ووفقا لهذه الرؤى فقد تباينت خطط القوى السياسية لمرحلة ما بعد الأنسحاب.ففيما إستعدت بعض المناطق العراقية لأعلان نفسها إقليما وهو مايعني إضعاف سلطة الحكومة المركزية في بغداد كما حصل في الأنبار كبرى المحافظات العراقية مساحة وصلاح الدين وديالى وتلويح الموصل بذلك , إستغلت كتلة العراقية هذا الظرف لتعلن تعليق عضويتها في محلس النواب وتهديدها بإجراء مماثل في الحكومة, في محاولة لحمل المالكي على تنفيذ إتفاقية أربيل التي نصت على تشكيل مجلس السياسات الأستراتيجية وإعطائها حقيبة الدفاع.
 
وأما المالكي الذي لازال يشعر بأن هناك مؤامرات تحاك ضده وبأن بعض دول الجوار شريك في مثل هذه المؤامرات خاصة مع دخول المنطقة في أجواء صراع يتخذ يوما بعد اخر بعدا طائفيا, فقد عمل بقاعدة ان الهجوم خير وسيلة للدفاع وذلك بإصداره أوامر بإعتقال الألاف من البعثيين في مختلف أنحاء العراق وذلك في ضربة إستباقية لمنع أي محاولة من قبل فلول البعث لأستغلال ألفراغ الذي يخلفه الأنسحاب الأمريكي للقيام بمحاولات لزعزعة الأمن وإرباك العملية السياسية , اوالتخطط للقيام بإنقلاب عسكري كما إدعت بعض التقارير الصحفية التي أشارت لدور سوري او ليبي في الكشف عن ذلك.
 
وسواء أصحت تلك التقارير ام لا فإن المالكي قد نجح في مباغتة هذه القوى وبعث برسالة تحذيرية لكل من يفكر بهذه العقلية الأنقلابية.إلا أن المالكي لم ينجح في تطويق دعاوى تشكيل الأقاليم التي تعتبر دستورية , و إعتبر أن توقيتها غير مناسب , إلا أنها ظلت ورقة ضغط قوية بيد المطالبين بها تلوح بها بوجه المالكي لتحقيق مكتسبات سياسية.إلا أن تعامل المالكي مع كتلة العراقية على خلفية قرارها بتعليق العضوية في مجلس النواب جاء سريعا وشديدا وكأنه بإنتظار اللحظة المناسبة لأعلان سلسلة من الإجراءات بحق بعض قيادات هذه الكتلة التي لم ينجح في تطبيع علاقاته معا رغم مرور عام على تشكيل حكومة ما يسمى بالشراكة الوطنية.
 
ولقد تزامن إتخاذ هذه الأجراءات مع إنتهاء زيارته الهامة للولايات المتحدة الأمريكية, فرغم ان القرارات التي صدرت بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي هي قرارات قضائية بحتة إلا أن المالكي أثر أن يترك بصماته السياسية عليها بإعلانه أن ملفات إتهام الهاشمي بحوزته منذ ثلاثة أعوام , ولذا فهو لم يشأ أن يترك هذه الفرصة أمام جماهيره للظهور بمظهر القائد القوي وهو ما تعشقه الجماهير في زعمائها, خاصة وأن هناك تعبئة جماهيرية وتراكمات تأريخية نفست عنها هذه الخطوة والتي لاقت إستحسانا من بعض فئات المجتمع العراقي.
إلا أن مايثير الدهشة هو ذهاب المالكي إلى أبعد من ذلك وذلك بإطاحته بنائبه القوي صالح المطلك من منصبه , فهو وجه ضربتين لزعيمين سنيين بارزين في أن واحد, الأمر الذي أثار فزع القوى السياسية الأخرى وحتى حلفائه الذين باتوا يخشون تنامي سلطته وقوته, فكان رد فعل التيار الصدري هو في الدعوة لأجراء إنتخابات مبكرة , واما موقف زعيم إقليم كردستان فليس ببعيد من ذلك ودعا لعقد مؤتمر وطني عام لحلحة الأزمة. واما موقف كتلة العراقية فهو تعليق المشاركة في الحكومة والتهديد بتدويل القضية والتحذير من حرب أهلية تحرق الأخضر واليابس. 
 
ثم ذهب المالكي إلى أبعد من ذلك وذلك بتكليفه لوزراء أخرين للقيام بمهام الوزراء الذين علقوا إشتراكهم في الحكومة وهو في ذلك يصعد الوضع واضعا خصومه في زاوية ضيقة.فالمالكي قد أجاد وإلى حد كبير قراءة المرحلة السياسية حاليا , فهو يعلم ان موازين القوى قد تغيرت كثيرا في عراق اليوم عما كانت عليه قبل سنوات قليلة, فالأرهاب قد قلت فاعليته رغم بعض العمليات النوعية التي يقوم بها بين الحين والأخر إلا أن كم هذه العمليات ومساحتها الجغرافية قد تضائل إلى حد كبير, ولأسباب كثيرة ومنها إنقلاب أهالي المناطق التي إحتضنت الأرهاب سابقا عليه, وإنخراط القوى التي قاطعت العملية السياسية سابقا فيها اليوم. وكذلك فإن المالكي قد نجح في بناء قوى أمنية مرتبطة به  ولها ثقلها في العديد من المناطق العراقية.
 
واما على الصعيد الأقليمي فإن  الحدود السورية التي كانت بوابة عبور الأرهابيين للعراق قد تحولت اليوم إلى سد منيع أما عبور هؤلاء وأصبحت الحكومة السورية اليوم في وضع لاتحسد عليه وهي بحاجة لدعم الحكومة العراقية في أزمتها السياسية التي تعانيها هذه الأيام خاصة وأنها بدأت تعاني من النشاطات الأرهابية كما حصل قبل أيام في دمشق.ولذا فلا يبقى سوى الحدود السعودية التي يمكن للحكومة مراقبتها والسيطرة عليها نسبيا.ومن ناحية أخرى فإن المالكي يحظى بدعم قوي من لدن إيران التي بدأت تلعب اليوم في العراق دورا فاعلا كبديل عن الدور الأمريكي بعد إن إقتنع الامريكيون ببعض المكاسب الأقتصادية التي حققوها في العراق وقد ظهر هذا الدور الأيراني جليا في محاولة إيران تطويق الأزمة السياسية الحالية عبر إرسال مبعوثيها إلى العراق.
 
وطبقا لذلك وجد المالكي أن الظروف الأن مواتية لأحكام سيطرته على الحكم والقضاء على العناصر المناوئة التي يعتبرها خطرا على العملية السياسية ويتهمها بمحاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وعودة العراق إلى الماضي . إلا أن هذه القراءة رغم نقاط القوة التي تتحلى بها ألا انها لايمكن أن تدفع المالكي وحزبه للمغامرة عبر فتح هذه الحرب وتصعيدها بكل ثقة وإطمئنان وكأنهم قد حسموا نتائجها لصالحهم.لأن قواعد اللعبة في العراق غير ثابتة بل متغيرة ولا يمكن التنبؤ بنتائجها بل هي تخضع لعوامل ليست في الحسبان فهي لا تخضع لحسابات سوق العمل أو الحسابات الرياضية التي لاتقبل التأويل والنقاش.ولذا فلابد من وجود عامل شجع على ذلك. وهنا لابد من البحث عن هذا العامل من خلال الظروف والمواقيت.
 
 
فهذا التصعيد قد تزامن مع زيارة المالكي لواشنطن والتي حظيت بإهتمام الأدارة الأمريكية والتي إلتقى أركانها وعدد من المسؤولين فيها. ولا شك بأن المالكي قد عبر عن قلقه على الوضع العراقي لمابعد الأنسحاب ولا شك بأنه قد تلقى تأكيدات من الأدارة الأمريكية بأن الدعم الأمريكي مستمر وهذا ما قاله الرئيس الأمريكي أوباما . ولاشك بان العديد من المسؤلين الأمريكيين يشاركون المالكي  قلقه هذا ويعلمون علم اليقين بأن الأمور لم تستتب في العراق بشكل كامل وان العملية السياسية في العراقية لازالت هشة وتحيط بها الأخطار من كل جانب مع وجود العديد من الملفات العالقة ومع تعثر تطبيق الأتفاقات السياسية لحد اليوم.
 
ومما لاشك فيه أن المالكي قد عرض رؤاه على المسؤولين الأمريكان فيما يتعلق بطرق توطيد أركان العملية السياسية والقضاء على الأرهاب فهل صدرت إشارات من الأمريكان للمالكي فهم منها  إطلاق يديه في إتخاذ ما يراه من إجراءات مناسبة لتنفيذ تلك الأهداف؟  وهل فهم المالكي تلك الأشارات بشكل خاطيء وأعتبرها ضوءا أخضرا  لتنفيذ مخططاته كما فهم صدام حسين حديث السفيرة الأمريكية الأسبق في العراق كلاسبي في العام 1990 والتي إعتبرها صدام  حينها ضوءا أخضر لأحتلال الكويت؟ فإن كان الأمر كذلك وهو كذلك طبقا لقواعد التحليل السياسي ,فإن المالكي يرتكب خطأ كبيرا لأنه يقع في فخ الفهم الخاطيء للأشارات الأمريكية ويفترض اليوم تطويق ما حصل لأن الوضع مازال هش داخليا فيما دخلت المنطقة في مرحلة صراع مظلم لا شك بان العراق واحدة من اهم ساحاته ولذا فلابد من تطويق هذه الأزمة سياسيا بغض النظر عن الإجراءات القضائية التي لا بد أن تأخذ مجراها وفقا للسياقات المسموح بها (فمن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق).
sailhms@yahoo.com

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : سهل الحمداني ، في 2011/12/31 .

أعتقد أنك تقرأ الاحداث التي تخص العراق والمالكي وتشكك أن أن الحكومة الامريكية ستوقع المالك في فخ ، لانك ترى أن معارضي المالكي معارضين وليس أرهابيين ،وكذلك أن من يدعي أن يكون أقليما هو تهديد للمالكي وليس للعراق ، ولا تعرف أن بعض المحافظات التي طالبت بالاقاليم هي لم تكن غالبيتها لم تكن من طائفة واحدة وليس من قومية واحدة ، وكذلك أن هذه المحافظات لا تملك موارد ، فالموارد جميعها في المحافظات الجنوبية ، وعقلاء هذه المحافظات يفهمون ما يدور من مؤامرات أقليمية ،. لذلك تحليلك هو سرد لا غير ولا تنسى للمالكي يمثل طائفة تعدادها (20 ) مليون نسمة ، أما الفخ الذي تقصده والذي وقع فيه المالكي حيث ان أمريكا لا تضحي بغيرة من الساسين المراهقين والقتلة . وأما تساوي المالكي بمثل صدام هو شئ مضحك واكد لك أن المالكي لن يسمح لـأي سياسي مهما كان
يسفك دماء العراقين .... وقالها في خطابه اليوم .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=12635
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 12 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18