• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عبدالمهدي والمخاض العسير .
                          • الكاتب : عمار العامري .

عبدالمهدي والمخاض العسير

هكذا كانت الليلة الاولى من عمر عادل عبدالمهدي في عهده الجديد، رئيساً لوزراء العراق بعد عقد ونصف من عراق ما بعد التغيير، التي كان فيها المنافس الابرز، المنافسة على تولي المنصب ليس كما من يتولاها، ساعة التصويت كانت كساعة الاحتضار، لا يعلم أي ساعة يموت، او تستمر به الحياة، ما مخطط له لم يعلمه الا الله تعالى والراسخون في العلم، وبقية المتابعين كان لهم الفيسبوك خير أنيس.

كان التحدي أمام عبد المهدي صعباً جداً، ليس لانه لا يحسن لعبة السياسة، وتسويق بضاعته، انما لانه كان كالذي يمر في حقل الغام، لا يعرف متى ينفجر عليه اللغم، ومن أي الصناعات كان ليحسن معالجته، وقف أمام البرلمان كالطود الأشم، ينظر لهم بنظرات متبحر متفنن، كان المُعلن عن مكتبه أنه سيقدم بين 12-14 مرشح، ويبقي الاخرين للجولة الاخرى، الا إن حنگته كان ارقى من أن يقع في الجولة الاولى، كما خطط له منافسيه، فقدم 21 من اصل 22 مرشحاً.

بعدما حاول التزاوج بين الازتأزار اليدوي -كما يعبر عنه- والالكتروني، حيث نصدم برغبة الكتل والاحزاب، بين طامح جامح، وبين وطني مخلص، فحاول تمرير كابينته بذكاء وامان، فزاوج بين من يرغب بهم، وبين من تم فرضهم عليه، فمن أيده بذلك كان له سداً منيعاً، ومن عارضه حاول جاهداً تمرير حصته رغم الاعتراضات، الا إن الفياض والسهيل والربيعي كانوا الضحايا غير المأسوف عليهم للصراع الشيعي-الشيعي داخل البرلمان.

نجح بذلك عبدالمهدي لنبل التصويت عليه رسمياً رئيس لوزراء العراق مع 14 وزيراً راغباً فيهم، رغم بعض الملاحظات على بعضهم، كاسراً الرهان على افشاله، عابراً بحر الامواج المتلاطمة بقارب النجاة، مبتداً حياة جديدة يحلم العراقيون أن تكون الافضل على أطلال الدولة العميقة، التي أسسها حزب الدعوة طيلة أربع دورات متتالية، لمن تجني منها البلاد والعباد سوى الدمار والخراب والفساد.

عبدالمهدي بعدما تجاوز العقبة الاولى من المخاض العسير بينه وبين الاحزاب، دخل في الامتحان الصعب بينه وبين الشعب، اغلب الكتل والاحزاب السياسية لا يهمها الا منافعها، لذلك كان صراعها فيما بينها، وبينها وبين عبدالمهدي من اجل المناصب، وما خفي كان أعظم، ويبقى الشعب يسعى جاهداً من اجل العيش في حياة كريمة، يتطلع فيها للمزيد من الرفاهية والتقدم، ويحلم كما تحلم شعوب الدول المجاورة.

هنا هو الاختبار الحقيقي، والامتحان النهائي، والمغاض الصعب، فحكومة عبدالمهدي ستكون الحلقة الاخيرة من الجزء الاول لمسلسل عراق ما بعد صدام، اما أن تكون نهائية مأساوية -لا سامح الله- او تكون نهائية تراجيدية، يشعر العراقيون خلالها انهم فعلاً كانوا مظلومين ابان حقبة حزب الدعوة، كما لا نتجاهل إن عبدالمهدي سيواجه العقبات المصطنعة والازمات المفتعلة، التي سيخلقها هذا الطرف او ذلك.

لكن يبقى الرهان كما هو معروف به عبدالمهدي من حنگة سياسية وخبرة طويلة تجعله قادراً لتجاوز ذلك بذكاء ودراية، ولا نستبعد أن الرجل لديه تدين ممزوج بحب الوطن والاخلاص له، وهذا لا يمانع أن ينال المزيد من عناية الله تعالى وتوفيقاته، اذا وضع معاناة العراقيين ودماء الشهداء وأنين اليتامى والثكالى أمام عينه، لتكون له حارساً وأميناً من نزوات الهوى، ونزعات المتربصين، واصحاب المصالح الدنيوية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=126358
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 10 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20